نشرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" عن كارثة انهيار الجيش
العراقي وقالت إن أمريكا أرسلت بقوات تقدر بالمئات للعراق في الأسابيع القليلة الماضية بالإضافة إلى طائرات الأباتشي الهجومية.
وأوضحت الصحيفة أن أمريكا بدأت بتشغيل طائرات بدون طيار فوق بغداد، ومع أن مهمتهم تبدو متعلقة بحماية السفارة الأمريكية والعاملين فيها بالإضافة إلى أي مدني أمريكي في البلاد إلا أن الرئيس باراك أوباما وفريقه تحدثوا أيضا عن مهمة استشارية للحكومة العراقية.
وقال أوباما الشهر الماضي: "إن القوات الأمريكية لن تعود للقتال في العراق ولكن ستساعد العراقيين أن يقاتلوا الإرهابيين الذي يهددون الشعب العراقي والمنطقة ومصالح أمريكا أيضا"، وتحدث أيضا عن تقييم "ما هي أحسن السبل لتدريب وتقديم الاستشارة والدعم لقوات الأمن العراقية كي تتقدم".
وبحسب دان ميرفي كاتب التقرير" من الصعب تخيل كيف بإمكان عدد بسيط من أفراد الجيش الأمريكي مهما بلغت كفاءتهم أن يؤثروا على سلوك الجيش العراقي فقد انهار الجنود العراقيون في وجه المتمردين في شمال وغرب العراق وهذا ما يهدد بإعادة رسم خارطة العراق بشكل أبدي ودفع بأعداد القتلى خلال الشهر الماضي إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ عام 2008"
وأضاف "عندما جاءت المعركة تبين أن الجيش العراقي غير مستعد نهائيا بالرغم من أن أمريكا أنفقت 17 مليار دولار على تدريب وتسليح الجيش العراقي الجديد ما بين 2003 – 2012. كما أن أمريكا أنفقت حوالي 8 مليارات لتدريب وتسليح الشرطة العراقي والتي تعاني من
الفساد والوحشية مع المدنيين أكثر من الجيش".
و "قام ياسر عباس ودان تروملي بنشر مقال بناء على دراسة معمقة في أنهيار قوات الأمن العراقية في إقليم نينوى حيث قامت الدولة الإسلامية بدخولها بسهولة الشهر الماضي واحتلت عددا من المدن بما في ذلك الموصل، عاصمة الإقليم.
ويبين المقال أن تعيينات المتبطلين تتم عن طريق الرشاوى ويبين الاعتداء على المرؤوسين والشعب، والترفيع بناء على التأييد لرئيس الوزراء نوري
المالكي وعن مستوى الفساد الذي جعل من التحضير للقتال أمرا ثانويا بالنسبة لتلك القوات.
ويورد الكاتبان كلام جنود عراقيين حاليين وسابقين وكذلك مدنيين من منطقة الموصل ويرسمان صورة قبيحة لجزء كبير من الجيش العراقي على الأقل.
وأدت تفجيرات السيارات والاشتباكات المسلحة في 6 و 7 حزيران/ يونيو في جنوب وشرق الموصل إلى المزيد من القتلى. وبعد هذا قامت القوات العراقية تحت قيادة عمليات إقليم نينوى بالتراجع بشكل فوضوي حيث أبلغ العديد من الجنود بسقوط مواقعهم دون اطلاق رصاصة واحدة. وتركو خلفهم أسلحة وسيارات وبزات عسكرية وبدون أي مقاومة حكومية لقوات
داعش في الموصل نفسها".
وأشار التقرير إلى أن الجيش العراقي في الموصل كان يتصرف كقوة محتلة همها الرئيسي هو تحقيق المكاسب المادية وكان الجيش يتقاضى رشا من الأهالي العرب السنة المسجونين لضمان إطلاق سراحهم بالإضافة لتحصيل الإتاوات من أصحاب المتاجر والأعمال المحلية.
ولم تتوقف الضراوة عند المدنيين حيث أن الهيكل التنظيمي للجيش يشبه هرم المافيا أكثر منه هيكل جيش حديث.
وأوضح أن "في الجيش العراقي، تحتفظ القيادة على مستوى الفرقة بنفوذ كاف على الخدمات اللوجستية والرواتب للاختلاس منه وابتزاز الرتب الأدنى، فكثير من الضباط ينظرون إلى وحداتهم كتجارة لها دخل مضمون أكثر من النظر إليها كأجهزة للقتال".
وبحسب نقيب في الجيش العراقي يقول" إنك لا تكسب موقعا قياديا إنما تشتريه". كما أن التركيبة الإدارية للجيش العراقي يفاقم من المشكلة فمثلا الضباط ذوي الرتب العالية يتحملون مسؤولية عمل موازنة للمواد الغذائية وخصمها من رواتب الجنود ولكن الضباط يسرقون معظم هذه الأموال ويحددون نسبا لمن هم أدنى منهم رتبة.
وقال إنه يتوجب على الجنود في الموصل "شراء أغذيتهم من المحلات التجارية المدنية وأن يطبخوا لأنفسهم مما يضيف لمسؤولياتهم فوق ساعات العمل الطويلة".
وكتب تشايفرز كلاما مشابها في "نيويورك تايمز" حول انهيار حرس الكتيبة التاسعة من حرس الحدود العراقي المسؤولة عن حراسة الحدود مع سوريا التي أصبح الجهاديون السنة والثائرون يتحركون عليها براحتهم بين البلدين.
وقال تشايفرز "في حالة الكتيبة التاسعة أصر أعضاؤها أنهم كانوا يريدون القتال ولكن قياداتهم العليا خذلتهم عندما فشلت في إمدادهم بالماء والطعام مما تسبب في ترك أعضاء الكتيبة لمواقعهم في الصحراء الحارقة".
و"لكن التجارب المريرة للكتيبة التاسعة، كما يرويها أفرادها، تبين أن المحسوبية تشكل العدو الأكبر لتلك القوات التي استطاعت أن تقاتل لأقل من أسبوعين قبل أن تتحول إلى صراع داخلي بالرغم من التدريب والتمويل الغربي والتزام من الجنود الذين عرضوا حياتهم للخطر من أجل حكومة العراق إلا أن الضباط الكبار هم من خذلوهم".
ويختم بالقول "الفشل في القيادة المدنية والعسكرية واضح جلي اليوم في العراق ومهما كان يمتلك المستشارين الأمريكان فلن يمتلكوا أن يغيروا ثقافة البلد السياسية والعسكرية".