علق الكاتب والصحافي البريطاني
روبرت فيسك في صحيفة "إندبندنت" على اعتقال وسجن الصحافيين في
مصر، معتبرا إياه وسيلة لإسكاتهم، تماما كما يستخدم الاغتصاب في الحروب كوسيلة بشعة للإهانة والانتقام.
وأشار إلى نفاق الدول الغربية وقال إنها تعامل الصحافيين بنفس الطريقة التي تعاملهم فيها الأنظمة الديكتاتورية في العالم الثالث. ويقول إن استهداف صحافيي الجزيرة هو جزء من الحرب بين مصر وقطر التي دعمت الإخوان المسلمين ونظام محمد مرسي.
وقال "وكأن مخاطر تعرض حياته لخطر الموت ليست كافية، فهل يجب على الصحافيين مواجهة تهديدات السجن مع تهديد الموت والجروح الخطيرة؟ فالحكم ضد صحافيي الجزيرة الثلاثة بالسجن لسنوات في القاهرة ليس فقط مدعاة للغضب، بل وغير عادل وقائم على أدلة بدائية، لأننا تعودنا على هذه المعاملة من دولة شبه ثورية في العالم الثالث، مع أن السبب الذي يجعل مصر أن تكون من ضمن هذه الدول لا يزال لغزا في حد ذاته".
ويضيف "لا، فسجن الصحافيين الواضح في واحدة من الدول الأكثر سكانا وعراقة في التاريخ من بين دول العالم يجب أن ينظر إليه على أنه جزء من المخاطر العادية التي نتحملها ونحن نقوم بتغطية أحداث العالم، تماما كما الاغتصاب وسيلة بشعة في الحروب، فالسجن يجب أن يكون وسيلة روتينية لإسكاتنا. وبحس بشع، فقادتنا في الغرب يقبلون هذا. فقد كان فهمي وباهر محمد والصحافي بيتر غريست يتوقعون الإفراج عنهم يوم الإثنين، لكن كان علينا أن نعرف أن لا شيء مشتركا بين كلمة مصر وكلمة "عدل".
ويقول فيسك معلقا على محاولة وزير الخارجية الأمريكي طرح موضوع الصحافيين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "قبل أن يقدم له نصف مليار دولار على شكل مساعدات يوم الأحد. وأخذ السيسي المال ولم يفعل أي شيء تجاه الصحافيين، وعندما طالب الأستراليون السيسي بالتدخل أعطاهم محاضرة عن استقلالية القضاء المصري، آه هل يمكن أن يكون هذا "مستقلا"، وهل كان قاضي الإعدام الذي حكم على 300 من عناصر الإخوان المسلمين "مستقلا" عندما أحدث صدمة عالمية في شهوته للدم الشهر الماضي؟".
وربط الكاتب بين الحكم على الصحافيين وبين الموقف المصري من
قطر قائلا "لكن علينا أن نتذكر الخليج العربي وأن الجزيرة هي مشروع للسياسة الخارجية القطرية، كما ودعمت قطر نظام محمد مرسي قبل قيام السيسي بإنقاذ شعبه المصري الحبيب بإخراج الإخوان من السلطة، وفي لمحة بصر خسرت مصر 10 مليارات دولار من المساعدات القطرية مما تجعل من نصف مليار دولار قدمها كيري لا شيء".
ونعرف القصة "فقد تقدم السعوديون بالطبع، كما يفعل الشباب السنة في العراق، وقامت بتحمل ديون مصر، طالما ترك السيسي السلفيين المصريين وحالهم، وكيف يمكن معاقبة هؤلاء القطريين مثيري المشاكل؟ فلماذا لا نضرب صحافييهم، طبعا "لدعمهم الإرهاب" ".
ويكتب ساخرا حول هذه التهم حيث يقول "وأنا أكتب هذه الكلمات، على الدرج بجانبي خزينة بندقية من معركة بين الجيش اللبناني ومنظمة التحرير الفلسطينية، وشظايا من دبابة إسرائيلية، وقطعة من قذيفة أطلقتها بارجة "يو أس أس نيوجرسي" على بلدة درزية في عام 1983 وأشعر أن هذا يجعلني إرهابيا لدعمي الإرهابيين في لبنان، إسرائيل والولايات المتحدة".
ويعلق قائلا: "يموت الصحافيون في ساحات المعارك، ويستهدفون في النزاعات ويتعرضون للاغتيال في كل قارات العالم، وفي بعض الأحيان مثل صحافي "أوبزيرفر" المسكين فرزاد بازفوت في عام 1990 يعدمون بعد اتهامهم بالتجسس، ونشعر بالغضب على ما حدث لوقت وبعد ذلك نواصل حياتنا العادية".
ويقول "ربما نقضي وقتا نخشى فيه على حياة صحافيينا الأجانب، وننسى بسرعة مئات المراسلين العرب والمصورين -في مصر وسوريا وليبيا وغيرها- ممن دفعوا أرواحهم لعمل ما نقوم بعمله ولكن تحت رحمة أنظمتهم بمن فيها إيران"، مضيفا "لكن الديكتاتوريين في الشرق الأوسط يفعلون لصحافييهم ما يفعله قادتنا لنا إن كانوا قادرين. ألم يقل الوفد الأمريكي لصدام قبل اجتياحه بغداد أن مشكلته هي مع الصحافيين؟ ألم يقم الأمريكيون بإطلاق النار على الصحافيين بدون شعور بالذنب في العراق؟ ألم يقتل الإسرائيليون الصحافيين ومساعديهم بدون أن يعاقبوا؟ متى سمعت الأمريكيين والبريطانيين يشتكون من هذا؟ وأتوقع أن السيسي سيقوم بإطلاق سراح الصحافيين عندما يقدمون استئنافا على الحكم وعندها سنقوم بشكره من عمق قلوبنا الغربية".