عاد "
جيش المهدي" إلى العاصمة العراقية
بغداد، ولكن بإسم جديد هو "كتائب السلام". وارتبط اسم جيش المهدي بالحرب الطائفية في العقد الماضي أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق.
وكانت مسيرات الكتائب الجديدة التي أراد زعيم التيار الصدري،
مقتدى الصدر أن تتحرر من ماضيها السيء، قد حولت العاصمة التي تعتبر ثكنة عسكرية إلى ساحة حرب حسب مراسل صحيفة "
أوبزيرفر" البريطانية.
وقال المراسل "منذ الأسبوع الماضي، كان الشباب والكهول من جيش المهدي يتجهزون، فقط الأطفال في المرة السابقة كانوا يتعلمون كيف ينظفون الأسلحة والمشي في المسيرات، فيما كان المحاربون السابقون في الحرب ضد الأمريكيين والحرب الأهلية التي تبعت يتجهزون في مراكز التجنيد ويتلقون الجثث من ساحات المعارك".
ووصف الكاتب الوضع في بغداد "في الشوارع، كانت سيارات البيكب القديمة تنقل الأسلحة من مخازن السلاح للمساجد حيث تحولت هذه المدينة العسكرية لساحة حرب تنتظر اندلاع المعركة".
وأضاف "مع الانتهاء من التحضيرات قدمت الميليشسيا الجديدة نفسها للعراقيين من خلال مسيرات في بغداد والجنوب مؤكدة أنها جاهزة وتنوي القتال".
ويعلق الكاتب على كلمة "السلام" في اسم الكتائب الجديدة حيث يقول "لكن المسيرات لا تعرض السلام، ولم تكن المسيرة يوم أمس في معقل الصدريين، مدينة الصدر مختلفة، فصفوف من المقاتلين كانوا يحملون البنادق، وشاحنات كانت مثقلة بالصواريخ، ورجال بالأبيض يلبسون الأحزمة الناسفة كانوا يمشون في الحي الفقير الذي أصبح ساحة حرب.
وهناك ما يقارب الـ 20.000 ممن تركوا وظائفهم واستجابوا لدعوات الصدر والمرجعية الشيعية العراقية، آية الله السيستاني.
وشهدت الشوارع التي مشت فيها المسيرة معارك مع الأمريكيين، ولا تزال الأبنية تحمل علامات المعارك. ومع أن معظم شمال بغداد أعيد بناؤه إلا انه بيوته لا تزال تفجر من العدو المشترك وهو الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش".
ويقول الكاتب إن المواجهات بين جيش المهدي والأمريكيين تمثل مركز الحرب في مدينة الصدر مما يجعل من تدخل الأمريكيين وتقدم الغطاء لهم في معركتهم مع داعش أمرا غير مفهوم.
وتنقل الصحيفة عن ممثل الصدر في المدينة إبراهيم الجابري "ليست هناك فرصة لقبول هذا"، مضيفا "لدينا القوة العسكرية لإنهاء هذه المهمة ضد داعش، ونرفض التدخل العسكري سواء من إيران، السعودية، الأمريكيين أو القطريين".
ولكن الخوف من داعش يجعل الكثيرين من أعضاء جيش المهدي يأملون في سرهم بقيام الولايات المتحدة بالتحرك ضد داعش، عاجلا أم آجلا. ويقول أحدهم "أنظر، إذا أراد الأمريكييون ضرب داعش، فدعهم يفعلون هذا"، فيما يقول آخر "إذا كان الأمريكيون يقاتلون إلى جانبنا فهذا يثبت أننا على الحق"، "فنحن حراس الإمام وهم (الأمريكيون) جاءوا إلى طريقنا".
ويرى الكاتب إن مسيرة يوم أمس قدمت على أنها مناسبة لبناء الثقة والتأكيد للعراقيين أن "جيش المهدي" سيكون حاميا للشعب.
واختفت بين الرايات الخضر وصور الأئمة والأناشيد الرايات العراقية "وهنا في بغداد تفوق جيش المهدي على مؤسسات الدولة"، "فلم يسمح أعضاء جيش المهدي الذين كانوا يحرسون نقاط التفتيش لعربة الشرطة التي كانت تحمل مراسل أوبزيرفر للمسيرة الدخول".
ويقول الكاتب إن الميليشيات تتمتع بنفوذ كبير في العاصمة وفي مناطق شرق الفرات. فلعبة السلطة بين مؤسسات الدولة الهشة والميليشيات الصدرية الصاعدة بدت واضحة في العداء بينهم ورئيس الوزراء نوري المالكي والذي تتبع إليه الأجهزة الأمنية. فقد أضعف المالكي بعد استسلام الجيش في الشمال، وهو محاصر بسبب تراجع الدعم المحلي والدولي له، ولا يستطيع الطلب من الصدريين دعمه.
ويقول الجابري "الطريقة الصحيحة لحل المشكلة هو التخلص منه واستبداله بشخص قادر على توحيد البلد" مضيفا "الكل يعرف أنه مشكلة".
ويشير الكاتب إلى مقتل صاحبي محل جزارة في حي يقطنه الشيعة، ورميت جثتيهما في الشارع في مشهد ذكر بعام 2006 عندما كان يتم رمي 100 جثة في الشارع يوميا. ويقول التقرير إن العدالة السريعة تسيطر على بغداد، وهناك شعور أن عمليات القتل في مناطق أخرى من بغداد ما هي إلا عملية تصفية حساب من أيام الحرب الأهلية الأولى.
وبحسب سني يعيش في غرب بغداد "لم نصل للوضع الذي كنا عليه من قبل"، ولكن من المثير للقلق مجيء "جيش المهدي" و"عصائب الحق" يوميا إلى هنا". ولم يستطيعوا الدخول للحي بسبب "وجود قائد عسكري قوي" حسب هذا الرجل، مضيفا " في المناطق الأخرى التي لا يريد القادة مواجهة الميليشسيات يقوم سكانها بتركها".
ويقول مهدي زهرة الذي يعيش في غرب البلاد "في حال عززت الميليشيات من وجودها فقد انتهى البلد، وكل هذا الحديث عن الدولة القوية ليس حقيقة، فالجيش لا يستطيع القتال، والحكومة لا يمكنها الحكم والدولة لا تستطيع مواجهة الميليشيات".
ويقول تجار السلاح إن سعر الكلاشينكوف قد ارتفع الإسبوع الماضي بنسبة 50%".
ومثل "جيش المهدي" حاولت ميليشيا "عصائب الحق" التأكيد للسكان أن الوضع تحت السيطرة، وبحسب رجل أعمال في البصرة "ولكن في البصرة وفي أماكن أخرى، الناس خائفون من داعش ومن عجز الدولة لمواجهته"، ويضيف "من الطبيعي أن يحتمي كل شخص بطائفته في وقت الأزمة، ولكن إلى ماذا يقودنا هذا كدولة؟"