من الواضح أن المستنقع بدا أعمق مما كنا نعتقد. وأن
الفساد في
مصر طال جميع مؤسسات الدولة طولا وعرضا.
لقد تم دمج مؤسسات الدولة جميعا في الفساد حتى لقد بات مستحيلا القضاء على الفساد دون القضاء على هذه المؤسسات. ومن يظن غير ذلك فهو واهم.
لقد نجح أعداؤنا في إيهامنا أن التطهير سيؤدي لانهيار الوطن وسقوط الدولة، لكنهم في الحقيقة كانوا يحرموننا من اتخاذ قرارات موجعة لهم، مستغلين الوقت لإعادة ترتيب أوراقهم وتنظيم صفوفهم حتى انقضوا علينا بلا رحمة.
إن مفهوم الدولة بمعناه الحديث تعني "شعبا" يعيش في "إقليم" ويمارس سلطاته عبر منظومة من "المؤسسات" الدائمة، كالجيش والشرطة والإعلام وبقية الحكومة.
الشعب والإقليم والمؤسسات هم عناصر الدولة.
والصراع خلال السنوات الماضية كان صراعا حول "المؤسسات". فالنظام القديم توغل في "المؤسسات" للسيطرة على "الشعب" حتى وإن أدى ذلك إلى التفريط في "الإقليم" وسيادته.
محاولات
الثورة في السنوات الماضية إصلاح "المؤسسات" خوفا من انهيارها حتى لا تسقط "الدولة" أدى إلى انهيار الثورة وخسارتها هذه الجولة من الصراع مع الثورة المضادة.
إن اعتقال الفتيات وحفلات الإعدام الجماعي والانقلاب على الشرعية أفقد هذه المؤسسات قيمتها وشرعيتها ووظيفتها وحيادها.
إن حربنا ضد المؤسسات إنما هي حرب ضد الثورة المضادة، ويجب - فور زوال
الانقلاب - هدم هذه المؤسسات لنحقق بذلك ضربة حقيقية للثورة المضادة.
وليكن معلوما أن تطهيرنا لمؤسسات الدولة تطهيرا شاملا وإعادة بناءها من جديد، سيجعل عدونا ينقل الصراع للخانة رقم 2 "الإقليم" أي (تقسيم - احتلال جزئي - احتلال كلي) في محاولتهم الدائمة للسيطرة على هذا "الشعب".
إن التخوف من هدم المؤسسات وبناء أخريات في غير محله، ويؤدي بنا إلى ثورة "مرتعشة"، بعد أن عانينا من ثورة "رومانسية" وثورة "ساذجة".