كتب أحمد عياش: خيّل لبعضهم في
لبنان ان موسم الجنرالات والذي عاد الى المنطقة هو فرصة ليمضي هذا البلد على هذا الخط فيأتي جنرال ثالث الى رئاسة الجمهورية بعد الجنرالين اميل لحود وميشال سليمان ولم لا يكون الجنرال ميشال
عون؟
لا يبدو هذا التفكير مستحيلا في ظل فوز الجنرال عبد الفتاح
السيسي برئاسة
مصر وما يلوح امام الجنرال خليفة حفتر في ليبيا.حتى في سوريا وهناك جنرال لم يتعب من حكمها منذ 14 عاما، ونعني به العقيد بشار الاسد الذي سيعود ربما الى التحكم بها لسبعة اعوام جديدة. لكن هل هذا ممكن بعد كل احلام الربيع العربي منذ نهاية 2010؟
من المفيد للجواب على هذا السؤال تذكر الظروف التي راجت فيها نظرية الانقلابات وحكم العسكر في بداية الخمسينيات من القرن الماضي وأشهر هذه الانقلابات قاطبة ثورة 23 تموز عام 1952 المصرية.
في تلك الفترة التي تميزت بنكبة فلسطين ورواج فكرة تخاذل الانظمة امام دولة اسرائيل الناشئة كان يكفي ان يجري لاسقاط ملك اتهامه بهذا التخاذل، فكان ان سقطت عروش من مغرب العرب الى مشرقهم بهذه التهمة وجاءت قوى الى السلطة فحكمت ولكن اسرائيل بقيت وقويت وأشتد عودها الى ان جاء من يطالب باسقاط رؤساء حكموا أطول من حكم الملوك.
وقبل ان يستتب الامر لهذا التغيير هبت ولا تزال رياح معاكسة تريد ان تؤسس شرعيتها على الخوف من حكم الاسلاميين تماما كما حصل قبل اكثر من 60 عاما عندما جرى تأسيس شرعيات على معاداة إسرائيل.
فهل يصح اليوم ما صح سابقا؟ النبأ السار على رغم السواد الذي يلف المنطقة ان الشرعيين الجدد يكافحون في صناديق الاقتراع بدلا من ابراج الدبابات التي اعتلاها اسلافهم في القرن الماضي. فعلى متن صندوق الاقتراع يسعى الجنرال الجديد الى شاشة التلفزيون لاذاعة بلاغ الفوز بينما كان الجنرال القديم يحاصر بدبابته مبنى الاذاعة ليقتحمها ويعلن من وراء مذياعها البلاغ رقم واحد.
في المقارنة بين صندوق الاقتراع اليوم وبين دبابة الامس نجد فرقا كبيرا جدا يبعث على الامل في ان تحظى الاجيال الشابة في العالم العربي بمصير افضل مما حظي به آباؤهم.
وابلغ درس مما جرى حتى اليوم في مسيرة الربيع العربي المتعثرة هو الذي شاهدناه في الايام الماضية في مصر.
فقد قرر ملايين المصريين وخصوصا من الاجيال الشابة ان يقاطعوا الانتخابات فكان ان فاز السيسي باكثرية لم يتوقعها.
وهذا الحدث يؤسس عليه في المنطقة العربية حيث لا يزال فيها طاغية مثل بشار الاسد يحلم بسلطة ولو على متن صناديق اقتراع مثيرة للسخرية في مبنى السفارة السورية في لبنان فيما لا يزال السوريون ممن بقوا على قيد الحياة يقترعون بدمائهم في براميل النظام المتفجرة في كل مكان من سوريا. صحيح ان الاسلام السياسي أظهر فشلا ذريعا في الاعوام القليلة من الربيع العربي. لكن صحيح ايضا ان جنرالات القرن العشرين أمامهم تحديات وليس وروداً.
وتبقى الديموقراطية وحدها هي الحل.
ahmad.ayash@annahar.com.lb
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانبة 31 أيار/ مايو 2014)