استطاع الجنرال الليبي خليفة
حفتر تحشيد جنود سابقين وقبائل لدعم حملته التي يقول إنها "ضد الإرهاب"، لكن ماضيه وعلاقاته مع المخابرات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" بدأت تلاحقه وقد تقضي على طموحاته.
وكشفت صحيفة " الغارديان" عن طبيعة العلاقة قائلة "تحت السماء الصافية وشمس الصحراء الحارة جدا، قام فريق من سي أي إيه بوضع القائد العسكري الليبي في المنفى على خطواته الأولى، وقدموا له مع عصابة من المقاتلين دورات بطرق التخريب وأساليب الحرب، كان هذا في الثمانينات من القرن الماضي حيث حلموا بالعودة يوما والإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي".
وتضيف الصحيفة أن حملة خليفة حفتر ضد الحكومة التي حلت محل القذافي ناجحة، فقد قام بالهجوم على مواقع الإسلاميين في بنغازي والمؤتمر الوطني في طرابلس، وفي أقل من اسبوع استطاع حشد قبائل وأحزاب سياسية وكتائب إلى جانبه.
لكن ومع حلول يوم الخميس بدأ التوتريطفو على السطح عندما هددت الكتائب المسلحة والقوية في مصراتة بنشر قواتها في وسط العاصمة طرابلس، حيث يراقب المعنيون تحركات الجنرال المرتد بشكل قريب في داخل
ليبيا وخارجها.
ويرى كاتبا التقرير كريس ستيفن وإيان بلاك إن "صلات حفتر مع سي أي إيه بدأت تلاحقه، حيث أخذ أعداؤه يشجبونه ويتهمونه بالعمالة لأمريكا، وفي الجو السياسي الليبي المشحون اتهامات كهذه مسمومة، وقد تكون مضللة أو أخبارا قديمة، مع أن الولايات المتحدة نفت دعمها له، ونفى هو أي اتصالات مع واشنطن".
ونقلت الصحيفة عن عدد من المسؤولين الأمنيي الأمريكيين عدم معرفتهم بشكل مباشر بعملية حفتر، ولا يعتقدون أن الولايات المتحدة تقوم بدعم حفتر. وعوضا عن هذا يقولون إن الحملة التي يقوم بها حاليا يجب أن تكون "بروفة" للمستقبل "فبإظهاره القدرة على مواجهة الإسلاميين والانتصار فهو يقدم نفسه كشخص لا يمكننا تجاهله".
وعلق مسؤول أمريكي بالقول "هو نوع من الرجال الذين لا لون لهم، وفي العادة ما يسيئون تقدير قوته، فهو رجل عجوز صعب ويمكنه الانتصار بأي ثمن في ليبيا".
وتشير الصحيفة لرحلة حفتر للسلطة التي مشى إليها مع عشرين ضابطا في انقلاب عام 1969، فهو مثل القذافي بدوي ويؤمن بالجيش كوسيلة لتحرير ليبيا، ولكن البلاد انحدرت نحو الديكتاتورية والحرب عندما غزا القذافي تشاد، فقد انتهت "حرب التويوتا" التي خاضها القذافي بكارثة. وفي عام 1987 شن الجيش التشادي المدعوم من الفرنسيين والمخابرات المركزية الأمريكية هجوما في أثناء الليل على القاعدة الجنوبية الليبية، وقتلوا 1700 جنديا وأسروا 300 جندي كان منهم الجنرال حفتر.
وفي المنفى وقد تخلى عنه القذافي شعر حفتر بالمرارة وقبل عرضا من الأمريكيين بتحريره مقابل الانشقاق عنه النظام، والعمل مع "الجيش الوطني الليبيي".
ونقلت الصحيفة عن المعارض السابق عاشور الشامس، "كان حفتر جنديا مجربا وكان انشقاقه يعني الكثير لنا. وكان على حفتر وجماعته مغادرة تشاد بعد نهاية الدور الأمريكي، والانقلاب الذي حدث في نجامينا وجاء بنظام موال للقذافي.
وبعد الثورة عام 2011 عاد حفتر إلى ليبيا حيث أرسلت فرنسا وبريطانيا ودول الخليج قوات خاصة لتدريب المقاتلين، ولتوجيه عمليات الناتو، ووجد حفتر نفسه في المرتبة الثانية في القيادة بعد عبدالفتاح يونس، وزير الداخلية الذي انشق عن النظام.
ويقول التقرير إن سمعته كقائد مجرب خدمته في مرحلة ما بعد القذافي، حيث دخلت ليبيا أزمة بعد أزمة. وقام في شباط/ فبراير الماضي بانقلاب متلفز. ويقارن نقاد حفتر ما يقوم به بالجنرال عبد الفتاح السيسي الذي أطاح العام الماضي بمحمد مرسي. ويقال إن حفتر يحظى بدعم حماسي من دولة الإمارات العربية، ومن حليفه محمود جبريل المقيم في أبو ظبي، بل قام حفتر بإنشاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة مثل الجيش المصري.
لكن الجيش الليبي لا يتمتع بنفس تماسك الجيش المصري. ويقول جيسون باك من "ليبيا- انلاسيس.كوم" "لا احد ينخدع عندما يقول حفتر إنه يقود الجيش الوطني الليبي، فهو ميليشيا أخرى". وقد يغير حفتر الوضع؛ فعملية الكرامة التي أعلن عنها والتي جلبت إليها ميليشيات وجنودا سابقين وسياسيين قد تنجح لكن النصر غير مؤكد كما تقول الصحيفة.
وهناك الكثير من المخاطر التي تواجهه، فحفتر كما يقول جورج جوفي، الباحث في شؤون ليبيا يرد على حاجة ماسة، وحتى لو لم يكن رجل المرحلة لكنه ربما استجاب للمزاج الشعبي الذي يسمح له بمواصلة العملية، والخوف من أن العملية قد تنزلق لحرب أهلية".
وبحسب مسؤولين أمريكين فإن واحدة من القوى الدافعة لحفتر وداعميه الماليين – عدد منهم من الأثرياء الليبيين في مجال صناعة النفط وأجانب ممن يريدون الحصول على عقود تجارية، وإشراك الولايات المتحدة في ليبيا. ويشعرون بالغضب على حادث القنصلية في بنغازي عام 2012 والتي تركت أثارا سياسية دفعت بإدارة أوباما للتخلي عن ليبيا.
ومن بين الذين يعرفون حفتر ماري بيت لونغ، رئيسة مجموعة شركات أمريكية، وقد قادت لونغ بإدارة عمليات سي أي إيه عندما كان حفتر في فيرجينيا، وبعد ذلك عينت مساعدة لدونالد رمسفيلد وأصبحت مستشارة للحزب للمرشح الجمهوري ميت رومني لشؤون الشرق الأوسط أثناء حملته الإنتخابية عام 2012.
وحتى نجاح حفتر عبرت الولايات المتحدة عن مخاوفها من زيادة قوة الجهاديين، مع أن الكونفرس الأمريكي أقر في كانون الثاني/يناير ميزانية 600 مليون دولار لتدريب قوات 6.000 جندي ليبي. وحدث خطأ في صفقة أسلحة وبيع 347 دبابة همفي والتي وقع بعضها في يد أنصار الشريعة التي تتهمها واشنطن بالوقوف وراء مقتل سفيرها كريستوفر ستيفنز في بنغازي.
وتقول الصحيفة إن موقف الإدارة قد يتغير حالة نجح حفتر بهزيمة الإسلاميين، وتقوم الولايات المتحدة بمراقبة الأمور عن كثب. مع أن السفارة تعمل في الوقت الحالي على إبقاء قنوات الإتصال مع الإخوان المسلمين. ويرى الشامس "لا أعتقد أن شيئا يحدث في ليبيا لا تعرف الولايات الأمريكية عنه"، مضيفا "أعتقد أن الأمريكيين يريدون قوة الدفع التي سيحدثها حفتر والمدى الذي سيمضي فيه.