عندما قام عبد الفتاح
السيسي وزير الدفاع السابق بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي قام أيضا بقطع العلاقات مع الحليف
النفطي لمرسي والبلد الغني بالطاقة، وبعد عام من الانقلاب تجد الحكومة
المصرية صعوبة في إدارة محطات الطاقة وهو ما ساهم في مشاكل انقطاع الكهرباء في الوقت الذي بدأت فيه درجات الحرارة بالارتفاع.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إن حلول الصيف وارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى انقطاع مستمر للكهرباء في أنحاء مصر، في الوقت الذي سيصبح فيه السيسي رئيسا لمصر، كما هو متوقع في الانتخابات التي ستجري نهاية الشهر.
وفي محاولة من الحكومة لتجنب الأزمة، قامت برفع أسعار
الغاز الطبيعي الذي يستخدم لتوليد ما نسبته 70% من الطاقة الكهربائية وطالبت الحكومة المواطنين بتوفير الطاقة.
وتقول الصحيفة إن حلفاء وممولي السيسي الجدد من دول الخليج المنافسة لقطر، وهي الإمارات العربية المتحدة والكويت والسعودية، ليس لديها غاز طبيعي بشكل يجعلها قادرة على تصدير الغاز لمصر كي تساعد على تحقيق الاستقرار في مجال الطاقة.
ويقول محللون إن قرار السيسي لتغيير التحالف سيلاحقه في بلد أدى الفقر وعدم الاستقرار للإطاحة برئيسين منذ عام 2011.
وتنقل الصحيفة عن جاستين دارينغ، الباحث في شؤون الطاقة بجامعة أوكسفورد قوله "الموضوع الرئيسي هي شرعية السيسي وإن كان قادرا على التصدي وبشكل فعال لمشكلة الطاقة أم لا"، وأضاف أن علاقة مصر مع
قطر كانت مثالية "وهو ما كانت مصر بحاجة إليه".
ولكن العلاقة مع قطر كانت مرحلة وجيزة في العلاقات التي ظلت متوترة تاريخيا بين المستبد حسني مبارك المدعوم من السعودية قبل الإطاحة به عام 2011، حيث ظلت حكومته تنظر للقطريين باعتبارهم مثيري مشاكل من خلال قناة الجزيرة.
ولكن العلاقة تغيرت عندما انتخب الرئيس مرسي عام 2012 حيث دعمت قطر الإخوان المسلمين من أجل التأثير في مصر والدول التي صعدت فيها الأحزاب الإسلامية، وأثرت علاقة مرسي مع قطر على علاقته مع الإمارات والسعودية اللتين تعتبران عدوتين للإخوان المسلمين، وبعد الانقلاب العام الماضي قامت الحكومة الحالية مرة أخرى بتجنب قطر.
ولم يتوقف العداء المصري لقطر فقامت السلطات المصرية بإلقاء القبض على الصحافيين العاملين بقناة الجزيرة التي ادعت الحكومة أنها بوق للإخوان، واعتقل ثلاثة من العاملين في قناة الجزيرة الإنجليزية، ووجهت لهم تهم الإرهاب، ما لقي شجبا دوليا، ومن جانب الأمم المتحدة وأعضاء في الكونغرس الأمريكي.
كما عانت مصر من تردي العلاقات مع شركات النفط الدولية. فبناء على اتفاق بين شركات الطاقة الدولية وشركة النفط المملوكة للحكومة سـُمح لهذه الشركات بالتنقيب عن الغاز وإنتاجه مقابل نسبة، لكن ولأن الغاز الطبيعي مدعوم من الحكومة فقد تم نقل نسبة كبيرة من الغاز المنتج من قبل هذه الشركات للاستخدام المحلي. كما أن احتياط الغاز المصري شهد تراجعا ولم تعد الشركات قادرة على بيع جزء منه في الأسواق العالمية.
أما سابقا ومن أجل دعم حكومة مرسي، قامت قطر بإمداد الشركات الأجنبية العاملة بمصر بالغاز المسال الذي كانت تحتاجه للوفاء بعقد الغاز الطبيعي مع الحكومة المصرية.
ومع ارتفاع الطلب على الطاقة، وبسبب نقص البنى التحتية لاستيراد الغاز المسال، بدأت الحكومة في الأعوام القليلة الماضية بتحويل كل الغاز الذي تنتجه الشركات الأجنبية من أجل الاستخدام المحلي. وهذا يعني أن مصر راكمت مليارات من الديون المستحقة للشركات الأجنبية حيث خسرت شحنات الغاز المسال الذي كانت ترسله قطر.
ويقول محمد شعيب الذي ترأس شركة الغاز ما بين 2011-2012 إن ديون مصر لشركات الغاز تصل إلى 8 مليار دولار.
ويدير شعيب الآن شركة استثمار "سيتدال كابيتال" في القاهرة حيث عقد المستثمرون القطريون عام 2012 صفقة للتزويد بمحطة للغاز المسال للاستيراد، وكان بإمكان قطر تزويد مصر بنسبة 10% من احتياجاتها من الغاز وقتها.
وكانت الحكومة المصرية قد منحت شركة نرويجية مناقصة لبناء محطة للغاز المسال على ساحل البحر الأحمر، لكن الخبراء يقولون إن المنشأة لن تعمل قبل حلول الخريف المقبل، ويقول المسؤولون المصريون إنهم يقتربون للتوصل لاتفاق مع فرنسا وروسيا لشحن الغاز لمصر ولكن لم يتم التوصل بعد لاتفاق.
وفي الوقت الذي تقول فيه وزارة الكهرباء إنها قادرة على تغطية 85% من حاجة مصر للطاقة الكهربائية يقول الخبراء إن البلاد ستعاني من فترات انقطاع للطاقة.
ومع قرب حلول شهر رمضان يرى الباحث دارجين أن أي انقطاع في التيار الكهربائي سيكون مصدرا للغضب: "سيكون صيفا حارا، ولن تكون هناك مكيفات هواء ويكون الناس صائمين"، مما يعني أن الجو سيكون قابلا للاشتعال وعلى السيسي أن يفعل شيئا.
وتشير الصحيفة إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية من المتوقع أن يستهلك كميات الغاز الطبيعي المتوفرة لديه لاحتياجاته الخاصة، وقد يستورد إذا عانى من النقص.
وقامت السعودية والإمارات والكويت "برش" المال على السيسي، وقدمت له منذ العام الماضي ما قيمته 16 مليار دولار على شكل مساعدات نفطية.
وكانت تهدف شحنات الكاز والديزل إلى التأكد من عدم حصول نقص في مواد الطاقة، ولكن هذا لن يحل مشكلة الطاقة، لأن عددا قليلا من محطات توليد الطاقة الكهربائية في مصر يعمل من خلال الوقود إذ تعتمد بشكل أساسي على الغاز الطبيعي.
ويرى دارجين أن الدعم الخليجي للسيسي حيوي ولكن "تظل فوائد استخدامه محدودة في مجال توليد الطاقة".