صحيفة: الوحيد الذي لم يقصف في حلب هو مقر القاعدة

تروي الصحفية البريطانية فرانشسكا بوري، في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت" الإسرائيلية الجمعة، جانبا من يومياتها في تغطية الأحداث في حلب. وتحدثت عن معاناة سكان المناطق الذين قابلت بعضهم، وأفادوا لها بأنهم مجرد أرقام في نظر المجتمع الغربي، وذكروا لها أسماء من راحوا ضحية القصف الأخير وقصصا عن الحرب.

وتعلق على روايات المنكوبين، بأنه "هكذا يكون الحال حينما لم تعدد الأمم المتحدة تعد الجثث منذ أربعة أشهر، منذ بلغ عدد القتلى في سوريا 150 ألفا". وتضيف أنهم "يُبينون هناك أنه يصعب كثيرا تحديث القائمة، وليست المصادر موثوقا بها بقدر كاف".

وتُبرز الكاتبة حقيقة أن المستهدفين من قصف قوات النظام في حلب، هم المدنيون والصحفيون وموظفو الإغاثة، ولكن ليس عناصر ومقرات تنظيم القاعدة، فإن البراميل المتفجرة لا تعرفهم ولا تصل إليهم (يبدو أنها تقصد مقر "داعش"، كما ورد في مقالات وأحاديث أخرى لها- "عربي21").
  
وتقول إنه برزت الآن في ميدان القتل في حلب ذخيرة وحشية بصورة مميزة وبدائية وفتاكة معا. إن براميل متفجرة مليئة بمادة "تي.إن.تي" والمواد الحارقة تلقى على المواطنين من ارتفاع منخفض.

وتضيف أنهم "هكذا يموتون هنا اليوم في أكبر المدن السورية دون إنذار. بتفجير يأتي من لا مكان مثل عمل خاطف ومثل صفعة عاصفة. ويمتلئ الهواء بالنار والدم والشظايا والدخان. وتأتي بعد ذلك الصرخات وبقايا لحم البشر والأولاد الذين يتحولون إلى فحم".

وتوضح أنه يصعب جدا أن يفهم ما يحدث في حلب، فالصحفيون القليلون الذين ما زالوا موجودين هنا هم هدف يفضله "المتمردون" من القاعدة؛ "فقد اختطف عشرون منا وهم في الأسر وليست هذه بالضبط ظروف تُمكن من جمع معلومات بسهولة، لكن هذا سبب واحد فقط لصعوبة فهم ما يحدث هنا".        
ويتحدث لها الموالون للأسد عن مساع يبذلونها لتأمين سلامة العاملين في المساعدة، لكن العاملين في الصليب الأحمر يروون قصة مختلفة، تقول إن النظام احتجز كثيرين من أولئك الذين حاولوا الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها "متمردو القاعدة" ونكل بهم، بحسب وصفها. وتتابع بأنه "من جهة أخرى اختطف رجال القاعدة عددا من أولئك الذين نجحوا في الوصول وهكذا فإنه لا أحد من الطرفين بريء".

وتلفت الكاتبة، إلى أن الواقع الراهن يشير إلى الآن أن حلب مقسمة إلى قسمين؛ فأما الغرب ففي أيدي المعارضة، وأما الشرق ففي أيدي النظام. 

وتستدرك، بأن  الحقيقة هي أنه لا داعي البتة للحديث عن سلطة في حلب، فحلب ليست أرضا لأحد، وهي مكان أسير في أيدي عصابات مخالفة للقانون بذلت كامل جهدها في السلب والابتزاز لا في الحكم. وتضيف أن المصطلحات تغيرت بحسب ذلك أيضا، فلم يعد المواطنون يحدثونك عن "مناطق حُررت" بل أصبح الحديث الآن فقط عن حلب الغربية وحلب الشرقية.

 وتخلص الكاتبة وهي في قلب الحدث، إلى توثيق حالة خطيرة، قد تبدو غريبة لمن لم يعش الحدث؛ فتقول إنه من المتناقضات أن "المكان الوحيد الذي لم يقصف بعد في حلب هو مقر قيادة القاعدة". وفي سائر الأماكن في سوريا أيضا تؤدي مقرات قيادة المنظمة عملها، على حد تعبيرها. 

وتؤكد أنه "كان يفترض بصورة مبدئية أن تكون مقرات تنظيم القاعدة، هي الأهداف المشروعة الوحيدة للنظام والوحيدة التي يمكن أن يُزعم أن ضربها لن يسبب ضررا كبيرا بالسكان المدنيين، لكنها جميعا ما زالت قائمة على حالها". 

وتروي أنهم "يُبينون في المعارضة أن الأسد يفضل أن يكون هذا هو الوضع، لأن نشاط القاعدة – وهي الشيطان الأكبر – يمنح حربه شرعية ما في العالم. فليست له مصلحة في القضاء على المنظمة بل في إصابتها إصابة طفيفة فقط".

يذكر أن صحيفة "الغارديان" كانت قد نشرت مقالا للصحفية فرانشيسكا بوري، بعنوان "استطعت البقاء على قيد الحياة في حلب بالتظاهر بأني سورية"، تقول فيه "إنني ارتديت النقاب بدلا من الخوذة".