لا يزال آلاف الناشطين الموالين لروسيا يحتلون صباح السبت، مباني عامة في شرق أوكرانيا رغم قدوم رئيس الوزراء إلى المكان، وذلك على خلفية تصاعد التوتر بين الغرب وروسيا.
وفي محاولة لحل
الأزمة بين الشرق والغرب التي أثارتها الأحداث في أوكرانيا وهي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الباردة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية انعقاد اجتماع رباعي في 17 نيسان/ إبريل في جنيف بين أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأضافت الوزارة أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيتوجه إلى جنيف "لمواصلة جهود نزع فتيل الأزمة في أوكرانيا وإيجاد حل دبلوماسي".
وكان مبدأ عقد هذا الاجتماع أعلن هذا الأسبوع، وتوافق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري على إجراء "مشاورات مباشرة".
ويفترض أن يمثل أوكرانيا في جنيف وزير خارجيتها إندري ديشتشيتسا وأن تمثل كاثرين أشتون الإتحاد الأوروبي.
وتوجه رئيس الوزراء الأوكراني أرسين ياتسينيوك لبضع ساعات الجمعة، إلى دونيتسك إحدى مدن شرق أوكرانيا الكبرى الناطقة بالروسية وحيث يحتل آلاف الانفصاليين الموالون لروسيا مباني عامة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد بحماية المواطنين الروس في الجمهوريات السوفياتية السابقة "بأي ثمن".
وحشد حوالي 40 ألف جندي وفق حلف شمال الأطلسي، عند حدود البلدين ليثير بذلك المخاوف من حصول اجتياح.
ويحتل انفصاليون موالون للروس بعضهم مسلح، منذ الأحد الماضي مقر الإدارة المحلية في دونيتسك ومقر أجهزة الأمن في لوغانسك، وهما مدينتان كبيرتان في شرق أوكرانيا تقعان على بضع عشرات الكيلومترات من الحدود الروسية.
وهدد وزير الداخلية أرسين أفاكوف الانفصاليين باستخدام القوة في حال عدم تسليمهم أسلحتهم. ولكن زيارة ياتسينيوك الجمعة، جاءت في إطار حل سلمي، حيث أنه قدم ضمانات، قد لا ترضي الأكثر تطرفا من بين الموالين لروسيا. وكانت الحكومة وعدت الخميس، الذين يسلمون أسلحتهم بالعفو.
إلا أن ياتسينيوك سعى إلى التهدئة وقال إن "الحل لا يتم عبر القوة" وعرض تقديم ضمانات إلى الانفصاليين.
وتعهد ياتسينيوك أن يقترح قبل الانتخابات الرئاسية المبكرة في 25 آيار/ مايو إجراء تعديلات دستورية لـ"ضمان توازن السلطة بين السلطة المركزية والمناطق" قبل الانتخابات الرئاسية في 25 آيار/ مايو.
وتعهد أيضا بعدم المساس بالقوانين التي تعطي اللغات الأخرى غير الأوكرانية صفة رسمية. وقال إن "أحدا لن يسعى بأي ذريعة إلى الحد من استخدام لغة شائعة".
لكن الانفصاليين المدعومين من موسكو يطالبون بإدراج النظام الفدرالي في الدستور وهو ما ترفضه كييف، وترى أنه يفسح المجال أمام تمزيق البلاد، ولذلك فهي ترفض أن تذهب أبعد من النظام "اللامركزي".
ولم يجر ياتسينيوك أي اتصال مباشر مع الانفصاليين. إلا أن رينات أحمدوف أغنى رجل في البلاد والذي يتمتع بنفوذ كبير في المنطقة لعب دور الوسيط.
وفي الوقت الذي هددت فيه كييف وواشنطن الاستخبارات الروسية بالوقوف وراء الاضطرابات في الشرق، أكد وزير الخارجية الروسي الجمعة، بأن موسكو "لا عملاء ولا عسكريين لديها" في المنطقة.
ورد لافروف الجمعة، على اتهامات واشنطن وكييف قائلا إن "التحريض على مشاعر معادية لروسيا على خلفية عنصرية وكراهية للأجانب في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، وتزايد عدد المجموعات القومية المتطرفة والتساهل إزاء النازية الجديدة سواء في أوكرانيا أو في أماكن أخرى، يهدد بشكل واضح استقرار أوروبا".
ويخشى الغرب وكييف أن يشهد شرق أوكرانيا سيناريو مشابها لما حصل في القرم شبه الجزيرة الأوكرانية التي ألحقت بروسيا في آذار/ مارس بعد استطلاع للرأي لم يعترفا به.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية الجمعة، فرض عقوبات على سبعة أشخاص سبق أن عاقبهم الاتحاد الأوروبي، هم ستة مسؤولين في القرم ومسؤول أوكراني سابق، إضافة إلى مجموعة غاز في القرم.
وقال مساعد وزير الخزانة الأميركي ديفيد كوهين إن "القرم أرض محتلة. سنواصل فرض عقوبات على من يستمرون في انتهاك سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها".
ولم يغب الغاز عن لعب دور مركزي في الأزمة الأوكرانية، فبعدما كانت
روسيا رفعت سعر الغاز على جارتها بنسبة 80%، أكد بوتين في رسالة بعث بها إلى 18 زعيما أوروبيا نشر نصها الخميس، أن روسيا يمكن أن توقف إمداد
اوكرانيا بالغاز إذا لم تسدد ديونها.
وردت المفوضية الأوروبية الجمعة، برفض تسييس مسألة الطاقة والإعلان أنها تنتظر من البلدان التي تزودها بالغاز "احترام التزاماتها"، مشيرة إلى أن عقود الغاز مع الأوروبيين "تساهم بحوالي 50% من الميزانية الفدرالية الروسية".
وفي محاولة لطمأنة الزبائن الأوروبيين والضغط عليهم في الوقت ذاته، أعلن بوتين، الجمعة، أن روسيا ستفي بالتزاماتها على صعيد امدادات الغاز إلى الدول الأوروبية، لكنه لم يضمن مرور الغاز عبر الأراضي الأوكرانية على اعتبار أن هذه المسألة رهن بكييف.
والجمعة، أعلنت الدول الصناعية والناشئة في مجموعة العشرين في ختام اجتماعها في واشنطن أنها "تراقب" الوضع في أوكرانيا من كثب و"تتابع باهتمام كل الأخطار على الاستقرار المالي والاقتصادي".