يبدو أن النقاش الذي بدأ في إسرائيل بصوت مرتفع بعد إخفاق المفاوضات، تحول إلى سجال بين مؤيدين لتدفيع الفلسطينيين أغلى ثمن عقابا لهم، وبين معارض لذلك.
وارتفعت أصوات الداعين لإيقاع أقصى العقوبات على الفلسطينيين، وصلت حد إلغاء اتفاق
أوسلو أصلا.
وطالب الكاتب الياكيم هعتسني في صحيفة
يديعوت، الإثنين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستغلال ما أسماه "الفرصة الذهبية" لإلغاء اتفاق أوسلو واصفا إياه بـ "الاتفاق الخبيث"، وتذرع لذلك؛ بتوجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة للحصول على مقعد دولة مراقبة.
وذكّر هعتسني نتنياهو بخطاباته الحماسية التي كان يلقيها أمام الكنيست ضد أوسلو، مقللا في الوقت نفسه من أثر رده على تجاوزات الفلسطينيين باستخدام "الخدعة الإسرائيلية"، بتجميد أموال
السلطة وبناء المستوطنات، متهما إيّاه بأنه لم ينفذ من هذا شيئا.
وأضاف أن نتنياهو يعمل كمن يعطي الدواء للمرض غير الصحيح، إشارة إلى أن بناء المستوطنات في القدس وحده لا يكفي، وطالبه بممارسة رد فعل سيادي ضد أي إعلان أحادي الجانب من الفلسطينيين للحصول على سيادة فلسطينية، على حد وصفه.
وشدد هعتسني على أنّه "إذا لم ترد إسرائيل على ذلك فورا بفعل سيادي خاص بها، فهذه هي اللحظة التي تخسر فيها عاصمتها ووطنها التاريخي".
وحذر هعتسني من عواقب انضمام السلطة الفلسطينية "كدولة" إلى 60 ميثاقا دوليا على إسرائيل، مشيرا إلى أن انعدام الوسيلة في إسرائيل سيجعل العالم يعتاد على التعاطي معها كدولة، وبالتالي سيعتبر أي دخول للجيش الإسرائيلي إلى "أراضيها" خرقا للسيادة الفلسطينية.
على الجهة المقابلة دعا آخرون إلى التحسب من أي عقاب إسرائيلي قاس بحق السلطة الفلسطينية، وحذر الكاتب الإسرائيلي المعروف عاموس هرئيل في
هآرتس، الاثنين، نتنياهو من عواقب أي خطوات عقابية موجهة ضد السلطة الفلسطينية برام الله، مؤكدا أن هذا من شأنه أن يضر بشكل كبير بالتنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة في مكافحة الإرهاب.
وقال هرئيل: "اذا أصرت إسرائيل على القضاء على المحادثات كما يطلب الآن وزراء الجناح اليميني في الحكومة، فستسير بذلك في مسار ينتهي -بقدر عال جدا من الاحتمال- إلى عودة الإرهاب إلى شوارع المدن في البلاد".
وحذر من أنّ الجمع بين انعدام أفق سياسي وجمود اقتصادي في المناطق الفلسطينية "قد يزداد سوءً اذا تضاءلت المساعدة الاقتصادية من الخارج لأجهزة السلطة"، وهذا بدوره قد يفضي -آخر الأمر- إلى إعادة أحداث الانتفاضة الثانية.
وأكد أن الهدوء النسبي في الضفة أخذ يتزعزع بالتدريج منذ الصيف الماضي.
ونوه هرئيل إلى أنّ نتنياهو حينما يزن هذه الخطوات سيضطر إلى أن لا يضع بحسبانه قوة التنديد من الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فحسب؛ بل الضرر المحتمل الذي سيلحق بالتنسيق الأمني مع أجهزة السلطة في الضفة الغربية أيضا.
وختم هرئيل مقاله بتحذير مبطن للحكومة الإسرائيلية من أي خطوات تصعيدية بالقول إن الخطوات المتطرفة جدا قد تقطع الغصن الذي لا تجلس السلطة وحدها عليه بل إسرائيل أيضا، مطالبة بالوقت نفسه باستمرار التعاون الاستخباري في مكافحة نشطاء الإرهاب؛ لأنّه ما زال مصلحة مشتركة بين إسرائيل والسلطة، وفقاً لهآرتس.