قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن واحدا من الأسباب التي أدت إلى توتر بين دولة
قطر وجاراتها؛
السعودية والبحرين والإمارات هو دعم الدوحة للجماعات الثورية في المنطقة، وهجوم الشيخ يوسف القرضاوي -الذي يعتبره كثيرون المرشد الروحي للإخوان المسلمين- على دولة
الإمارات في خطبة جمعة، ما دعا أبو ظبي للمطالبة بطرده من قطر حسب مسؤولين.
وأضافت في تقرير كتبه سايمون كير أن سبب الأزمة الحالية، إضافة لما سبق، هو طلب السعودية من قطر إغلاق مراكز أبحاث "ثينك تانكس"، ما أدى لاعتراض الدوحة. وردت السعودية والبحرين والإمارات على ذلك الموقف بسحب السفراء بعد الاجتماع "العاصف" يوم الثلاثاء، رغم محاولات الكويت التوسط.
وعليه ثارت تكهنات أن قطر استجابت لضغوط الدول الجارة عندما لم يلق الشيخ يوسف القرضاوي أمس خطبة الجمعة التي يلقيها عادة من مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة.
ونقلت الصحيفة عن ناصر بن حمد آل خليفة، السفير القطري السابق في الأمم المتحدة تأكيده أن بلاده لن تذعن للضغوط، حيث قال "لن ندعم الديكتاتوريين الذين يقتلون شعوبهم"، خاصة أن الدوحة التي يعتبر للإخوان المسلمين قاعدة قوية فيها تقول إنها لا تدعم سوى إرادة الشعوب العربية في الاستقلال والحرية وتحقيق الديمقراطية.
ويضيف "ضخت السعودية والإمارات مليارات الدولارات في خزينة النظام الجديد (الذي يقوده المشير عبد الفتاح السيسي)، لكن ذلك لم يؤد إلى وقف طموحات الشعب الذي شاهد الأمل لأول مرة، ولكنه يرى العسكر يسيطرون على الحكم".
وكانت علاقة قطر مع جاراتها في الخليج توترت في العام الماضي بعد هجوم الشيخ القرضاوي على دولة الإمارات التي اتهمها بـ"شن حرب على الإسلام" إثر محاكمة السلطات الإماراتية عشرات من الأشخاص من حركة الإصلاح الإماراتية التي تتهمها بالتعاون مع جماعة
الإخوان المسلمين.
وتضيف الصحيفة أن الشيخ القرضاوي الذي يحظى باحترام ومتابعة في كل المنطقة من خلال قناة الجزيرة المملوكة للحكومة القطرية، جدد هجومه الأسبوع الماضي في خطبة الجمعة، ما دعا الإمارات العربية إلى المطالبة بطرده، حسب مسؤولين.
وكان دعم قطر للجماعات الثورية، خاصة المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين قد ضرب على وتر حساس عند دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة السعودية والبحرين والإمارات.
ومنعت السعودية كتب الإخوان المسلمين في معرض الرياض للكتاب، وقررت منع الجماعة وجماعات "إرهابية أخرى"؛ في محاولة من الرياض لتعزيز حملتها ضد الإسلام السياسي ومنع انتشاره في المنطقة. وتحظر الرياض التي دعت مواطنيها الذين يقاتلون في الخارج إلى العودة خلال 15 يوما، الترويج أيضا لكل الرموز والشعارات التي تمت إلى تلك الجماعات المحظورة.
وأصدرت محكمة إماراتية يوم 3 آذار/ مارس حكما على مواطن قطري بتهمة دعم الإخوان المسلمين
وتربط الصحيفة التطور الأخير بالدعم الذي تقدمه كل من السعودية والإمارات للحكم الجديد في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، حيث تحولت السعودية والإمارات إلى داعمين رئيسيين للحكم العسكري الجديد في القاهرة.
وتشير الصحيفة إلى مسلسل تطورات الأزمة الدبلوماسية الحالية التي بدأت باجتماع رتبه أمير دولة الكويت في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما اجتمع الأمير الشاب
تميم بن حمد آل ثاني مع الملك عبدالله العاهل السعودي.
وطلب الملك عبدالله من الشيخ تميم وقف قطر كل النشاطات التي تعتبرها دول مجلس التعاون الخليجي معادية، وذلك حسب مصادر مقربة من السعودية.
فمخاوف انزلاق مصر في حرب أهلية بعد سيطرة الجيش على السلطة تتزايد، ومعه تزداد حصيلة القتلى بسبب القمع المتصاعد ضد المعارضة. ومن هنا طلبت دول الخليج من قطر التخلي عن دعم الإخوان المسلمين، وتقييد نقد دول مجلس التعاون الخليجي في قناة الجزيرة، والحد من دعم القطريين للجماعات الجهادية في سوريا؛ على ما يزعم البعض، وقطع علاقات قطر مع حزب الله اللبناني.
ولكن القطريين الذين ينكرون أية علاقة مع الجماعات الجهادية قالوا إن الشيخ تميم قدم التزاما عاما في اللقاء بعدم التدخل في شؤون دول الخليج، بما في ذلك التقارير الإعلامية عن الدول الجارة.
وكانت الكويت تعمل على توسيع ما تم في اللقاء وتحويله إلى اتفاق رسمي يحدد طبيعة العلاقات والتعاون الأمني بين دول مجلس التعاون الخليجي.
ووصلت الأزمة ذروتها في الاجتماع العاصف يوم الثلاثاء، والذي عقد في الرياض على مستوى وزراء الخارجية لدول المجلس، حيث وسّعت السعودية مطالبها، وطلبت من الدوحة إغلاق عدد من مراكز البحوث "ثينك تانكس"، وعندما اعترضت قطر على هذا المطلب سارعت الدول الثلاث إلى سحب سفرائها رغم محاولة الكويت الأخيرة التوسط بينها.
ويعتقد معلق قطري أن السعودية تحاول إضعاف الأمير الشاب تميم (33 عاما) الذي تولى الحكم بعد تنحي والده العام الماضي. وعندما وصل الشيخ حمد والد الأمير الحالي للسلطة عام 95، حاولت دول الخليج دعم انقلاب ضده، لكنها فشلت. ويعلق ناصر الخليفة "كل مرة يتولى فيها الحكم أمير قطري جديد يحاول الآخرون امتحانه".