تسيطر على المشهد الليبي حالة من الغموض والترقب بعد أيام عصيبة مرت على البلاد، تعرضت فيها لهزات عنيفة كادت أن تسقط المجلس الوطني المنتخب وتسقط معه بقايا حالة الاستقرار المتردية والأمن الذي لم يستتب بعد، وزاد من حالة السخونة والتوتر دخول فصائل مسلحة قوية إلى ساحة اللعبة السياسية وتجاذباتها، وسط تذمّر في أوساط الليبيين من الفلتان الأمني وعدم استتباب الحالة السياسية والاقتصادية.
تدخلات ووساطات وتفاهمات بردت من حدة الاحتقان قبل يوم انتخاب ما يسمّى
هيئة الدستور التي يطلق عليها اسم هيئة "الستين" حيث يتوجه، صباح اليوم الخميس، أكثر من مليون وربع المليون ناخب ليبي لصناديق الاقتراع لانتخاب 60 عضوا في الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، من بين 649 مرشحاً لعضويتها، فيما أعلن
الأمازيغ الذين يقولون بأنّهم يشكلون خمس سكان البلاد مقاطتعهم لهذه
الانتخابات رافضين الاعتراف بها ما لم يتم الاعتراف بهم وبلغتهم.
وفي هذا السياق كشف رئيس اللجنة التنسيقية لتأمين الانتخابات بالمفوضية، العارف الخوجة، في مؤتمر صحفي الأربعاء، أن وزارة الداخلية كفلت 40 ألف من ضباطها، إضافة إلى 12 ألف جنديا بالجيش الليبي، لتأمين مراكز الاقتراع البالغ عددها 17 مركزا عاما و1600 مركز فرعي.
وقال الخوجة إن اللجنة لديها غرفة عمليات وخطة محكمة بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والدفاع ورئاسة أركان الجيش لضمان إجراء الاقتراع في أجواء أمنية "ممتازة".
وأضاف أن السلاح الجوي كلف بنقل صناديق الاقتراع في المناطق البعيدة إلى مركز الفرز بالمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
والتعديل الذي أجراه المجلس الانتقالي السابق على الإعلان الدستوري المؤقت في7 تموز/ يوليو 2012 والقاضي بإجراء انتخاب للهيئة التأسيسية بدلاً من تعيينها من قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت)، أربك حسابات النواب الجدد الذين رفعوا قضية لدى المحكمة الدستورية والتي أبلطت هذا التعديل، إلا أن النواب فضلوا ضرورة المضي في انتخاب الهيئة التأسيسية بعد حوار مجتمعي مع أطياف المجتمع .
وبعد مخاض عسير عاشته البلاد خلال عام ونصف بشأن شكل ومهام الهيئة المناط بها صياغة الدستور الدائم للبلاد، سينتخب الليبيون، اليوم، أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور.
ومن المنتظر أن يتنافس 649 مرشحاً على ستون مقعداً بالهيئة التأسيسية المعروفة بـ"لجنة الستين" موزعين بالتساوي على الأقاليم الليبية الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان)، وبينها خمس مقاعد للمرأة، وستة مقاعد أخري للمكونات الاجتماعية وهي: التبو والأمازيغ والطوارق، بحسب بيانات المفوضية العليا للانتخابات.
وأعلنت المفوضية، في بيان لها الأربعاء، عن تكامل كافة الاستعدادات ليوم الاقتراع التي اعتبرته "استحقاقا وطنيا"، فيما أعلنت الحكومة أن الخميس هو يوم عطلة رسمية للسماح لليبيين بالمشاركة في الاقتراع .
ودعا رئيس مفوضية الانتخابات نوري العبار، في البيان، الناخبين للتوجه إلي مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم في جميع أنحاء البلاد و"قلوبهم مملوءة بالعز والفجر لبداية مسيرة البناء وكتابة دستور الوطن".
واعتبر العبار أن "الشعب هم الحسم في خياراته والمضي في تحقيق أهداف الثورة"، واصفاً العشرين من فبراير بـ "موعداً تاريخياً مهم في بناء الوطن".
الأمازيغ يقاطعون
وفي ذات السياق أعلن أمازيغ
ليبيا الأربعاء رفضهم المشاركة في انتخابات هيئة الدستور المعروفة بلجنة الستين والتي ستجرى يوم غد الخميس في جميع المدن الليبية.
وقال المجلس الاعلى لأمازيغ ليبيا في بيان أن الامازيغ " لن يعترفوا بالدستور القادم " .. مشددا على القول "لن نعترف بمن لا يعترف بنا" .
وهدد البيان "بتحويل هذا المجلس إلى برلمان امازيغي يعمل على إدارة شؤون الامازيغ في جميع المناطق التي يقطنونها".
واختتم المجلس بيانه بالقول "كل الخيارات مطروحة وسنستعمل حقنا في تقرير مصيرينا السياسي " .
ويطالب الامازيغ بتعديل إحدى مواد الإعلان الدستوري تمنحهم الحق في اعتماد لغتهم كلغة رسمية إلى جانب العربية غير أن البرلمان أجل عشرات الجلسات لهذا التعديل وأقر أخيرا تعديلا جزئيا يمنح المكونات الثقافية أحقية التوصل للتوافق بين أعضاء لجنة صياغة الدستور في اعتماد أي مادة من مواده.
يشار إلى أن الامازيغ وحسب مجلسهم الأعلى،يقولون أنهم يمثلون خمس سكان البلاد ،معتبرين أن الطوارق والتبو هم جزء منهم.
يذكر ان أكثر من مليون ونصف المليون ليبي سيتوجهون يوم غد الخميس لإنتخاب مرشحيهم في لجنة هيئة إعداد الدستور.