قال عضو المكتب الإعلامي لـ "
حزب التحرير" الإسلامي في
فلسطين ماهر الجعبري إن أجهزة الأمن التابعة للسلطة في الضفة الغربية اعتقلت قرابة الثمانين من عناصر الحزب، ووجهت لهم تهماً بـ "إطالة اللسان" ضد رئيس السلطة محمود عباس على خلفية بيان وزعه الحزب هاجم فيه بشدة عباس واتهمته بـ "استجلاب قوات عسكرية دولية لاحتلال فلسطين".
وأوضح الجعبري في تصريحات خاصة لـ "قدس برس" أن "أجهزة السلطة شنت حملة
اعتقالات واسعة في صفوف أفراد الحزب خلال اليومين الماضيين بشكل همجي، فيما جرى الاعتداء بالضرب على بعضهم ومداهمة منازلهم بعد تحطيم أبوابها".
وأشار إلى أن محاكم السلطة قررت تمديد المعتقلين لأربعة عشر يوماً ووجهت لهم تهماً بـ "إطالة اللسان على رئيس الدولة وإثارة الفتن والنعرات الطائفية، فيما تم الإفراج عن اثني عشر من المعتقلين بكفالة مالية لكن أجهزة السلطة أعادت اعتقال ثلاثة منهم".
يذكر أن "حزب التحرير" في فلسطين وزع بيانًا صحفيًا الجمعة في عدد من مساجد الضفة وقطاع غزة اتهم فيه الحزب السلطة بـ "التآمر مع أمريكا لاستجلاب احتلال جديد من قوات النيتو وتأكيد رئيسها محمود عباس على تنازل السلطة عن معظم فلسطين لليهود وأن الشغل الشاغل لأجهزة السلطة الأمنية هو الحفاظ على كيان الاحتلال اليهودي"، على حد تعبيرها.
"الأورومتوسطي" يرصد 800 حالة اعتقال سياسي بالضفة وغزة خلال 2013
وفي سياق ذي صلة قال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" إنه بصدد إصدار تقرير مفصل حول
انتهاكات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، التي ارتكبت خلال العام الماضي 2013.
وأوضح المرصد في ملخص تقرير سينشره كاملًا قريبًا، تلقت "قدس برس" نسخة عنه أنه وثّق ما يزيد عن ثمانمائة حالة "اعتقال تعسفي" في الضفة الغربية وقطاع غزة وأكثر من ألف وأربعمائة حالة استدعاء على خلفيات ذات صلة بالتعبير عن الرأي والتجمع السلمي.
وفي تفاصيل التقرير، ذكر المرصد الأورمتوسطي أنه خلال العام الماضي 2013؛ نفذت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، 723 حالة اعتقال تعسفي، و1137 حالة استدعاء، "دون مبرر من القانون، وبدون إذن قضائي في معظم تلك الحالات، والتي تركزت خلفيّاتها على النشاط الاجتماعي أو السياسي لضحايا تلك الانتهاكات أو على خلفية تعبيرهم عن الرأي بصورة سلمية".
وقال الأورومتوسطي "إن أهم الانتهاكات التي تتضمنتها تلك الاعتقالات هي أنها تأتي دون إبراز إذن قضائي، ولا يتم تعريف المتهم بالتهمة الموجهة إليه عند اعتقاله، ذلك في ظل أن حالات الاعتقال تأتي بدون جريمة منصوص عليها في القانون، أي على خلفية التعبير عن الرأي أو الموقف السياسي أو التجمع السلمي، وهو ما يخالف المبدا القانوني بعدم إيقاع عقوبة إلا بنص في القانون".
وأضاف المرصد أنه "سجَّل عدة حالات منع المتهم فيها من مقابلة محامي الدفاع الخاص به، وتم حرمانه من التواصل مع العالم الخارجي. كما اشتكى عدد من الأشخاص الذين قابلهم المرصد من أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء التحقيق معهم لانتزاع اعترافات منهم حول التهم الموجهة إليهم. أما في سياق المحاكمة، فلوحظ أن المحاكم تميل عموماً إلى إدانة المتهم وعدم افتراض براءته، وسُجِّل عرض مدنيين على محاكم عسكرية في الكثير من الحالات، ووُثِّقت 49 حالة امتنعت فيها الأجهزة الأمنية عن تنفيذ قرار المحكمة بإخلاء سبيل الشخص الموقوف".
ولفت المرصد النظر إلى أن السلطات الأمنية في الضفة الغربية تقوم بمتابعة النشطاء والمعارضين وما يكتبونه على صفحات التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية، مشيراً إلى أنه رصد 56 حالة قامت فيها الأجهزة الأمنية باعتقال أو استدعاء أشخاص على خلفية كتابات لهم على صفحات التواصل الاجتماعي، والتي غالباً ما كانت تشتمل على انتقاد لعمل السلطة الفلسطينية أو لأداء أجهزتها الأمنية. مضيفاً أن تلك الأجهزة قامت باحتجاز واستدعاء 19 صحفياً خلال العام المنصرم، وقامت باعتقال رسامي كاركاتير وكتاب مقالات على خلفية كتابات أو رسومات لهم تنتقد سياسات السلطة الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالتعذيب؛ أوضح الأورومتوسطي أنه سجّل 117 حالة تعذيب في الضفة الغربية، ادعى فيها المعتقلون تعرضهم للجلد على أقدامهم أو أياديهم، والشبح المتواصل، والضرب على أنحاء متفرقة من الجسم، والمنع من النوم لساعات طويلة. كما ذكر بعض المعتقلين الذين أُفرج عنهم أنهم كانوا تعرضوا للشتم والإهانة الماسة بكرامتهم أثناء فترات التحقيق معهم.
أما فيما يتعلق بانتهاكات أجهزة الأمن في قطاع غزة؛ فقد وثّق المرصد الأورومتوسطي 84 حالة اعتقال تعسفي، و217 حالة استدعاء، معظمها كان على خلفيات تتصل بالرأي أو الموقف السياسي أو الدعوة إلى التجمع السلمي. مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية هناك كثفت من حملات الاعتقال خارج نطاق القانون مع الدعوات التي انطلقت للخروج على حكم حماس في القطاع.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي أنه سجل 22 حالة تعذيب أثناء التوقيف؛ ادعى فيها المعتقلون تعرضهم للمعاملة القاسية والمهينة، والشبح المتواصل لعدة ساعات، واللكم والضرب على أنحاء متفرقة من الجسم، إضافة إلى سوء المعاملة. محذراً من أن "هناك عدداً من المحتجزين تمت إدانتهم ومحاكمتهم استناداً إلى اعترافات يُعتقد أنهم أدلوا بها تحت التعذيب".
وسجل التقرير أيضا سبع حالات تم فيها الاعتداء على صحفيين في قطاع غزة أو استدعاؤهم أو اعتقالهم تعسفيا من قبل السلطات هناك، إضافة إلى 15 حالة أخرى قامت فيها أجهزة الأمن في قطاع غزة باعتقال أو استدعاء كتّاب أو رسامي كاركاتير على خلفية كتابة مقالات أو نشر رسوم تنتقد عمل الحكومة أو تؤيد أعمالا لا تروق لها. وأشار التقرير إلى أن "السلطات في غزة تتبع سياسة التضييق على الأنشطة الشبابية الخاصة بالتعبير عن الرأي والتجمع السلمي إذا كان لا يتوافق مع سياساتها".
وفي ختام تقريره، أكّد المرصد على واجب السلطات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة "باحترام التزاماتها بموجب القانون الفلسطيني وقانون حقوق الإنسان. وأن تفتح الباب للحريات العامة، وتعمل على وقف الاعتقالات التعسفية بحق النشطاء المعارضين، وتطبق ضمانات المحاكمة العادلة، ولا سيما فيما يتعلق بافتراض براءة المتهم، وعدم محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية". كما دعا المرصد إلى "التحقيق الجدي في مزاعم التعذيب التي تقدم بها المعتقلون، ومحاسبة ومعاقبة من يثبت قيامه بتعذيب المعتقلين بأية صورة من الصور"، على حد تعبيره.