عانى البدو المهمشون الذين يعيشون في الصحراء بشمال سيناء في
مصر من تجاهل الحكومات المتعاقبة على مدى عشرات السنين، وبخاصة أيام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.
يعيش عبد الله وأخته صبيحة سلمان في كوخ من فروع وأوراق الأشجار في منطقة نائية في صحراء شمال سيناء، مع بضع دجاجات وعنزات وجمل.
وقال عبد الله إنه وأخته لا يواجهان مشكلة إلا فيما يخص المال، ذاكرا أن ثمة جمعية تقرضهما مالا ليشتريا به القمح، وأنهما يسددان القرض عندما يكبر الماعز.
وأضاف عبد الله أنه وأخته يحصلات على بعض المساعدات من أهل الخير.
يقيم عبد الله وصبيحة في هذه الأرض منذ 60 عاما، حيث وصل إليها أجدادهما الذين ينتمون إلى قبيلة الملالحة عندما كان قطاع غزة تحت السلطات المصرية في الخمسينيات.
وقال عبد الله إنهما مرتبطان بالأرض التي يعيشان فيها؛ لأنها أرض أجدادهما.
ولا يوجد أي نوع من المرافق في الأرض التي يعيش فيها عبد الله وصبيحة؛ فلا مياه جارية ولا كهرباء ناهيك عن الصرف الصحي.
ويعيش الأخ وأخته على مياه الأمطار التي يجمعانها في خزان قال عبد الله إنه بناه بأموال تبرع بها أهل الخير.
الأوراق الوحيدة التي تثبت هوية عبد الله وصبيحة هي جواز سفر إسرائيلي قديم كان لوالدتهما، وقت أن كانت "إسرائيل" تحتل سيناء. ولا يحمل كثير من
بدو سيناء أي أوراق رسمية.
وذكر خالد زايد نائب مدير المكتب التنفيذي لجمعية الجورة لتنمية المجتمع في شمال سيناء، أن ذلك يرجع إلى عدة أسباب.
واضاف: "فيه ناس ما عندهاش أصلا شهادة ميلاد.. مش بطاقة.. ما عندهمش أصلا شهادة ميلاد. ليه؟ دا له كذا سبب. السبب الأول أن هو موجود في مناطق بعيدة عن تجمع السكان؛ بسبب تعقيد الروتين. يعني هو بيقول لك أنا مثلا ح أروح لمنطقة.. العريش.. وهات إثبات هوية وهات أن أبوك مثلا مصري وهات ما يفيد أن أنت.. تسنين.. بيعدي فترة معينة ما يبقاش معه شهادة ميلاد.. ما بتتاخذش شهادة الميلاد من البداية. فبالتالي عشان يطلع ساقط قيد محتاج توصية من المشايخ ومحتاج أنه يروح قسم الشرطة. والناس عندنا فاكرة يعني إيش ح أستفيد؟ يعني عدم وعي منه وفي نفس الوقت تعقيد روتين من الأوراق اللي هي تطلب منه."
وذكر زايد أن كل مشاريع تنمية سيناء على مدى عشرات السنوات لم تشمل تنمية العنصر البشري.
وقال: "خلينا تقول للأمانة إن فيه بعض الوزارات حطت بنية أساسية جيدة في سيناء. يعني مثلا زي الطرق.. زي الكهرباء. المجلس القومي للطفولة والأمومة عمل البطاقات (أوراق الهوية) دي في بعض المناطق في سيناء. لكن خلينا نقول إن الحكومات المتعاقبة من 30 سنة ما اهتمتش بالبشر. اهتمت بالبنية الأساسية لكن الأساس اللي هو بيعمل اللي هو البشر. فهم ما اهتموش بالبشر. ودي مشكلة الحكومات. للأسف بقى لنا 30 سنة.. بنسمع وعود عن تنمية سيناء وعملوا جهاز تنمية سيناء لكن حتى الآن مفيش إدماج حقيقي للمجتمع البشري في التنمية."
وتسعى مصر جاهدة لإعادة الاستقرار، وإنهاء الاضطرابات الأمنية المستمرة منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي من قبل وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي.
وزادت الهجمات التي تستهدف قوات الأمن في مصر، وتعلن جماعات في سيناء مسؤوليتها عن كثير من تلك الهجمات.
ويربط معظم المحللين بين وجود الجماعات المسلحة في شمال سيناء وبين تجاهل الحكومات المصرية طويلا للسكان البدو.