في قمة جبل "المرجاجو"، تظهر
قلعة "
سانتا كروز" شامخة، تحكي تاريخ مدينة
وهران، غربي
الجزائر، وتقلب دفاتره للزائرين، لتحكي عن تاريخ القلعة التي حررها العثمانيون من قبضة الإسبان.
إنه موعد مع التاريخ وسحر الطبيعة، تجود به القلعة لزوارها من السائحين، الذين وقعوا في غرام المكان، وعقدوا العزم على العودة في المرات القادمة.
القلعة بناها الإسبان ما بين عامي (1577-1604)، بعدما احتلوا مدينة وهران التي تبعد غربا عن العاصمة الجزائرية بمسافة قدرها (450 كلم) في عام 1509، والتقى بعدد من السياح الوافدين عليها.
وأبدى السياح الذين راحوا يلتقطون الصور التذكارية بين جنبات القلعة انبهارهم بروعة المكان، حيث عبر شاب مصري عن ذلك بقوله "أنا أحلم"، بينما قالت أستاذة إماراتية قدمت للمشاركة في ملتقى علمي بجامعة وهران لمرافقيها "لقد وقعت في غرام المكان، إنه شيء أكثر من رائع"، في حين لم يتوقف سياح فرنسيون عن التقاط الصور التذكارية في أرجاء المكان.
الطريق إلى قلعة "سانتا كروز" يبدأ من وسط المدينة في حي سيدي الهواري العتيق، ويمتد في شكل طريق تغلب عليه الالتواءات، يخترق جبل المرجاجو، إلى أن يصل إلى قمة الجبل حيث القلعة.
وخلال رحلتك للوصول إلى القلعة، ستستمتع بمشاهد خلابة، لتلاطم مياه البحر بالجبل الذي يلبس حلة خضراء، مجسدة في أشجار الصنوبر، التي شيدّ مواطنين منازلهم الفخمة وسطها، وتنتهي بدخولها عبر بوابة كبيرة، كما يحيط بها سور شاهق الارتفاع، به منافذ أعدت لنصب مدافع في حال مواجهة العدو.
ومساحة "سانتا كروز" فسيحة من الداخل، حيث تسع المئات من الجنود بخيولهم ومؤنهم وذخيرتهم الحربية، وتحوي أسفلها أنفاقا ودهاليز سرية تؤدي إلى البحر.
وتتضارب الروايات بخصوص تسمية "سانتا كروز"، بهذا الاسم، إلا أن أغلبها يشير إلى أنها نسبة إلى القائد الإسباني في القرن السادس عشر الكونت "سيلفادي سانتاكروز"، وأن من صممها هو الشيخ "مرجط"، وهو مسلم من وهران قتله الإسبان بعد بناء هذه القلعة.
ويلفت تصميم القلعة وما استخدم من مواد في بنائها نظر الزائرين، حيث لا تزال تحتفط بتماسكها على الرغم من مضي قرون على تشييدها، كما تجذب الكنيسة المشيدة أسفل القلعة لب الزوار لروعة تصميمها، حيث تتوسطها ساحة كبيرة، كما أن بها أقواسًا مطلة على البحر.
وساهمت القلعة في بقاء الاحتلال الإسباني في وهران، لمدة 270 سنة، إلى أن سيطر عليها العثمانيون.
وفي هذا السياق، قال بومدين دباب، الأستاذ والباحث في التاريخ، إن "الجيش العثماني تمكن من تحرير وهران عام 1708، من قبضة الإسبان، حيث قاد الحملة العسكرية الباشاغا بوشلاغم الذي شيد في المدينة قصورا ومدارس ومساجد، ليحولها في ما بعد إلى عاصمة لبايلك الغرب الجزائري".
وأضاف دباب "عاود الإسبان احتلال وهران للمرة الثانية عام 1732، وامتدت سيطرتهم عليها حتى عام 1792، إلى أن حرّرها الباي (القائد) محمد بن عثمان، الذي تمكن من اختراق قلعة سانتا كروز حيث كان يحتمي بها الجنود الإسبان، وحول تسميتها إلى (برج مرجاجو)".
وتحرص السلطات المحلية بمحافظة وهران على الاعتناء بالقلعة باعتبارها أداة جذب سياحي، حيث قال مسؤول بمديرية الثقافة بالمحافظة إن "القلعة من بين الشواهد الأثرية التي تولي السلطات المحلية لها أهمية قصوى، في انتظار ترميمها بطريقة فنية تحافظ على خصوصيتها العمرانية".