تزايدت وتيرة العداء للإخوان المسلمين بين فئات من الشعب
المصري، في داخل مصر وخارجها، في صورة تيار شعبي أشدّ وضوحًا من ذي قبل، من حيث الحدّة والمجاهرة بالعداء والتجرؤ في استخدام كل ما من شأنه أن يسيء إلى "
الإخوان" ومناصريهم.. في حين أن زخم التظاهرات الرافضة للانقلاب ما زال في أوجه ويتخذ أشكالاً مختلفة كل يوم.
ويفسّر ذلك الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني فرج شلهوب، بأن "ما يحدث الآن لا يمكن توصيفه بأنه صراع بين قوى سياسية بالمعنى الحقيقي، وإنما هو خصومة تشنها الدولة العميقة بوسائل غير مشروعة ضد أغلبية مظلومة ما زالت ضحية لمؤامرات أعداء إرادة الشعوب في داخل مصر وخارجها".
وتابع شلهوب في حديث خاص لموقع "عربي21"، بأن "حالة العداء المتطرف لمؤيدي الشرعية في الشارع المصري التي تقودها وسائل الإعلام المضللة، لا تعني زيادة في مساحة رقعة
المعارضة للإخوان، وإنما هي تعبير عن ارتفاع منسوب العداء وأساليب التعبير ضدهم من قبل أطراف كانت تحمل هذه المشاعر تاريخيا".
وأوضح أنه "عبر الزمن، كان للإخوان المسلمين معارضون ومناوئون للفكرة، لكن في إطار محترم".
وأضاف أن "هناك مشهدًا في مصر اليوم لا يعبر عن الحقيقة تديره دولة عميقة سخرت كلّ إمكانات الدولة من وسائل إعلام تبث السموم على مدار الساعة وأدوات خداع بصري وشرطة تبث الرعب وتستخدم الخارجين على القانون لشيطنة الإخوان". وزاد أن كل ذلك تم "باستخدام المال السياسي ودعم الخارج المناوئ لفكرة سيطرة الإسلام السياسي على الحكم، ما ساهم في تعبئة عامة الناس البسطاء ضد الإخوان".
ولفت إلى أن "كل الوقائع لا تعبر عن زيادة حجم المعارضين للإخوان أو انحسار التعاطف معهم أو تراجع الزخم الجماهيري المؤيد للفكرة، لكن المشهد الذي تدفع الدولة العميقة باتجاهه مسخرة كل الوسائل هو إظهار تراجع قدرات الإخوان على الحشد، وتزايد حجم التأييد للانقلاب والقائمين عليه".
وأكد أنه "لو أجريت انتخابات حرة ونزيهة وفي ظروف من الحرية ومشاركة كل الأطراف لحصل الإخوان ومؤيدوهم على نسبة تصويت أعلى من السابق". وزاد أن "استطلاعات رأي محايدة أجريت، دلت على أن نسبة تأييد الإخوان زادت على الـ 70%".
وبين أن "الشارع المصري اليوم تحول إلى ساحة انقسام عنيف يحاول الانقلابيون ترسيخه من خلال بث أجندات الكره والإقصاء والتهميش و"الشيطنة" ضد خصومهم، وتجنيد كل من هو قابل للشراء لإظهار الخصومة بين فئات الشعب".
واستثنى شلهوب تلك الفئة العريضة الواقفة على الحياد، وهي في انتظار ما تسفر عنه التطورات وتأمل في تحسن الأوضاع المعيشية وبطاقة من الفرج".
ويرى مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة "إكستر" البريطانية الدكتور عمر عاشور، أن "الجيش يحافظ على تماسكه الداخلي من خلال خلق "شياطين"، وهو الدرس الذي تعلمه الجنرالات من "الحروب القذرة" في الجزائر في التسعينيات والأرجنتين في السبعينيات والثمانينيات".
وذكر عاشور على موقع "بي بي سي"، أن المجلس العسكري استخدم نفس الطريقة لشيطنة كل الجماعات الثورية المناهضة للحكم العسكري بشكل ممنهج حتى يبرر قمعهم في نوفمبر وديسمبر 2011". مضيفًا أنه "وفي أعقاب انقلاب يوليو 2013 أصبح الإخوان المسلمون هم "شياطين" العسكر الجدد".
ويشير الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة إلى "مؤامرة داخلية وخارجية" لتكريس العداء ضد الإخوان المسلمين انطلقت من أخطاء وقع فيها الإخوان أنفسهم، وتم البناء عليها والمبالغة فيها، من قبل الدولة العميقة وتحالفاتها من الليبراليين واليساريين والقوميين والأقباط. وأضاف أنه اختلط حابل الثوار الذين شعروا بالغبن بنابل الفلول الذين تهددت مصالحهم الذاتية بانتصار "ثورة 25 يناير".
وأوضح الزعاترة في تصريحات لموقع "عربي21"، أن المؤامرات الداخلية التي بدأت بغطاء من الشيطنة الإعلامية ومحاولات إقصاء الإسلاميين المتتابعة ممثلين بالرئيس بعد إقصاء مجلس الشعب الذي حصلوا فيه على أغلبية، مرورًا بالجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، تكللت بدخول العامل الخارجي على الخطّ.
ولفت إلى أنه "يمكن الحديث عن العامل العربي تحديدا كعنصر تمويل وتحريض، والإعلام واضح في انحيازه. وللمفارقة كانت إيران وإعلامها وأموالها حاضرة في حالة صباحي أيضا لحسابات معروفة ضد مرسي، لموقفه من سوريا وتحالفه مع تركيا وتهديده لمشروعها في المنطقة".
وزاد أن "بعض الأنظمة، التي يعنيها إفشال الربيع العربي خوفا من وصوله إليها، لم تكن لتتحرك بهذه الكثافة لولا وجود ضوء أخضر أمريكي، لم يلبث أن تحول إلى تشجيع بعد قناعة واشنطن بصعوبة التفاهم مع الإسلاميين، والأهم بعد قناعة الدولة العبرية بضرورة وقف هذا المد الإسلامي بأي ثمن كان، لأن إمكانية خروجهم من جلدهم فيما خصَّ الصراع معها شبه مستحيل".
ويرى الباحث والمفكر الإسلامي بسام ناصر، أن ما زاد في تبلور التيار الشعبي المناوئ للإخوان هو التيار "السلفي" -ممثلًا بشكل أساسي في حزب النور- الذي يقدّم نفسه بديلًا عن الإخوان المسلمين، وتحالف مع العسكر. وأضاف أن "المؤسسة العسكرية تتعامل –في المقابل- مع "سلفية الاسكندرية" بديلًا عن الإخوان المسلمين".
وأوضح ناصر في تصريحات لموقع "عربي21"، أن "سلفيي الاسكندرية بخاصة وظفوا المحنة التي وقع فيها الإخوان بعد تجريمهم، ليشاركوا في الحملة ضدهم". وأضاف أن هذا التيار السلفي دخل في مفارقات بين المبادئ والمصالح، فاختار المصالح الدنيوية، بل إنه تنازل حتى عن قوانين المبادئ الإسلامية وسمح بإسقاطها من الدستور البديل الذي يخطّه الانقلابيون".
ويضيف إلى ذلك أن "الإخوان أخطأوا بالترشح للرئاسة والانخراط في العمل السياسي على حساب العمل الدعوي، ما أفقدهم جزءًا من تعاطف الشارع المصري معهم". وزاد أنهم "إلى جانب مرورهم في مرحلة عصيبة تعرضهم للمضايقات والاعتقالات وتحويلهم إلى مجرمين من قبل إعلام الانقلابيين، فقد خسروا قطاعات من الشعب قُلبت عقولهم ومواقفهم من الإخوان ونسوا تضحيات الإخوان عبر تاريخ مصر".
ودعا إلى أن "يقف الإخوان وقفة مراجعة وتأمل، فينظروا في المكاسب والمخاسر المترتبة على تجربتهم في الحكم والسياسة، ويخلصوا إلى الحصيلة التي جنوْ من تجربتهم السياسية".