قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن حزمة المساعدات
السعودية للجيش
اللبناني التي أعلن عنها الإسبوع الماضي هي رسالة موجهة للولايات المتحدة، أو كما يقول الخبير في الجيوش العربية، والباحث في مركز كارنيغي- الشرق الأوسط "طلاق تكتيكي" مع
الولايات المتحدة.
وتعتبر المساعدة السعودية ضعف الميزانية السنوية للجيش اللبناني (1.7 مليار دولار)، وهي مخصصة لشراء أسلحة فرنسية لتعزيز قوة
الجيش اللبناني ومساعدته على مواجهة قوة
حزب الله التي تعتبر القوة العسكرية الرئيسية في البلاد.
وتقول الصحيفة إن تدخل السعودية ودعم الجيش اللبناني لن يترك الأثر الذي تريده المملكة كما يقول داعمو ومعارضو حزب الله، وتحتاج لسنوات كي تحدث أثرا على التوازن العسكري في لبنان.
ويقول صايغ إن السعوديين يعبرون عن إحباطهم وطلاقهم التكتيكي من إدارة الرئيس باراك أوباما، بسبب ما يرونه من تردد للإدارة الأمريكية في اتخاذ موقف من سورية، إضافة إلى محاولات واشنطن التصالح مع طهران التي تعتبر المنافسة الإقليمية للرياض. فهم حسبما ما يقول صايغ "على طريق حرب (...) غاضبون وهذا لا يؤدي إلى سياسات جيدة".
وتضيف الصحيفة أن المحللين من كلا الطرفين متفقون على مخاطر الضغط على أهم مؤسسة وطنية في لبنان والمؤسسة الوحيدة التي لا تزال متماسكة، وهي الجيش. وفي حال ضغطت السعودية على الحكومة اللبنانية لمواجهة حزب الله فإن هذا سيؤدي لانهيار الإجماع الوطني وشرذمة لبنان. ويقول طلال عتريسي، وهو محلل في شؤون الجيش اللبناني وداعم لحزب الله، إن فكرة مواجهة الجيش لحزب الله هي "أوهام" وستؤدي لتفكيك الجيش نفسه.
وجاء الإعلان عن الدعم السعودي في وقت بدأت الحرب في سورية تؤثر على التحالفات الجيو-سياسية في المنطقة، وبعد أيام من تشييع كتلة المستقبل أحد رموزها وهو الوزير السابق محمد شطح، وبعد أسابيع من تلميحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن مسؤولية السعودية عن التفجيرات التي استهدفت السفارة
الإيرانية.
ويقول التقرير إن جهود الولايات المتحدة لبناء جيش لبناني أصابها الضعف بسبب تردد واشنطن بتزويد الجيش اللبناني بأسلحة متقدمة تجعله قادرا على مواجهة إسرائيل، خاصة أن لبنان لا يزال في حرب مع الأخيرة. وقد أضعفت هذه السياسة قدرات الجيش اللبناني على حراسة الحدود ومواجهة الميليشيات. ويدفع لبنان ثمن هذه السياسة بسبب ما يحدث في سورية من تدفق المقاتلين السنة والشيعة من وإلى سورية.
وتشير الصحيفة إلى أن الاحتفاظ بسلاح حزب الله كان في السابق يمثل إجماعا لبنانيا، على فرضية أنه القوة الوحيدة القادرة على مواجهة إسرائيل كما حدث في حرب تموز الاخيرة عام 2006. ولكن سمعة الحزب تعرضت للتشويه وأثرت على الإنجازات الأولى بسبب تورطه في دعم الرئيس السوري بشار الأسد.
وعلى الرغم من أنه لن يتم التخلص من النظام السوري في الوقت الحاضر؛ إلا أن سيطرته على البلاد ضعفت ولا يبقيه في السلطة سوى الدعم الروسي والإيراني ومن حزب الله. ويقول مصطفى العاني، مدير مركز الخليج للدراسات أن السعوديين "يرون فرصة"، و"يعتقدون أن حزب الله قد فقد الكثير من شرعيته، ويبدو مثل الآلة التي يمكن أن يرسلها الإيرانيون لأي مكان". وفي الوقت نفسه، يقول إن السعوديين لم يشترطوا في "الهدية" مواجهة حزب الله، مشيرا إلى تزايد خطر القاعدة في لبنان وهو ما يمثل مظهرا من مظاهر قلق السعودية، على حد قوله.
وتشير الصحيفة إلى أن تصريحات من هذا النوع تستقبل بنوع من الشك في لبنان وبين مؤيدي حزب الله، حيث يقولون إن الحكومة اللبنانية رفضت عام 2010 هدية مماثلة من الحكومة الإيرانية. ويشيرون إلى أن السعودية ظلت تعمل مع حلفائها في لبنان خاصة عندما كانوا في مراكز التأثير، أي أيام رفيق الحريري. ويرون في الجهود السعودية محاولة لإضعاف إيران وسورية.
وانتقد عتريسي الرئيس اللبناني ميشال سليمان، لإعلانه عن الهدية مباشرة بعد دفن شطح "لماذا ظل السعوديون ينتظرون لحتى الآن"، و "لماذا التسرع في ظل التوتر والإغتيالات؟".
ويلعب السعوديون دور عراب السلطة منذ أن ساعدوا في إنهاء الحرب الأهلية في الطائف 1989، وتقول الصحيفة إن سليمان الراغب في الترشح لولاية ثانية يريد مصادقة السعوديين، ولهذا انتقد تورط حزب الله في سورية ودعا لسحب قواته. ومن المتوقع أن تصادق الحكومة على الدعم السعودي ولن يعارض نصر الله الذي أثنى على الجيش باعتباره المؤسسة الحارسة للدولة. وفي النهاية يقول المحللون إن السعودية تريد دعم بناء المؤسسة اللبنانية، ولكنها في الوقت نفسه ترغب بإبلاغ الأمريكيين أنها تتحرك لخدمة مصالحها، وكما يقول العاني كأنهم "يغسلون أيديهم من أمريكا". ويقول صايغ إن حزب الله لديه القليل للخوف، لأن الكثير من الوعود السعودية فشلت في السابق وتحتاج لسنوات كي تترك أثرا "حتى لو كان كل شيء جديا، فلن تترك الأثر المطلوب إلا بعد سنوات قادمة".