يثير
الضمور غير العادي لنشاط
الشمس، التي تمر في أدنى مستويات نشاطها منذ أكثر من قرن، فضول
العلماء الذين يتساءلون عن طول مدة هذه الظاهرة.
ويقول عالم الفيزياء في الوكالة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي، دوغ بيسيكر "هذه الدورة التي ينبغي أن تبلغ ذروتها قريبا، تثير اهتمام العلماء، إنها الفترة الأقل نشاطا في تاريخ الرصد الفضائي الذي بدأ قبل خمسين عاما"، موضحا أن النشاط الشمسي يمر بدورات تستغرق الواحدة منها أحد عشر عاما في المتوسط.
وتعتبر البقع الشمسية مؤشرات هامة على حدة النشاط الشمسي، لأن النشاط الكهرومغناطيسي القوي المرافق لها يؤثر بشكل كبير على الاشعاعات فوق البنفسجية والأشعة السينية، والعواصف الشمسية.
ومن شأن العواصف الشمسية أن تسبب اضطرابات في الإتصالات وفي شبكات التيار الكهربائي على الأرض.
وقد لاحظ العلماء أن عدد البقع الشمسية المرصودة منذ بداية الدورة الشمسية الحالية في كانون الأول/ديسمبر 2008، ضعيف جدا مقارنة بما كان عليه في الأعوام المئتين والخمسين الماضية، وبنسبة أقل من النصف.
وبدأت مراقبة البقع الشمسية قبل آلاف السنين، وتحديدا مع الصينيين، ثم راقبها غاليليو بواسطة عدسات في العام 1610.
وكانت الدورة الشمسية السابقة، وهي الثالثة والعشرون التي يرصدها علماء الفلك المعاصرون، بلغت ذروتها في نيسان/ابريل 2000 مع 120 بقعة شمسية يوميا.
وتلت هذه الدورة مرحلة ضمور في النشاط الشمسي استمرت كانون الاول/ديسمبر من العام 2008، وهو تاريخ بدء الدورة الحالية.
في العام 2009، السنة الأولى من الدورة الشمسية الرابعة والعشرين، تصاعد النشاط الشمسي، لكن العلماء احصوا 266 يوما دون رصد أي بقعة شمسية.
ونظرا لضعف النشاط الشمسي في نهاية الدورة الثالثة والعشرين، توقع العلماء أن تكون الدورة الرابعة والعشرون أكثر هدوءا.
ويقول بيسيكر أن "ذروة النشاط الشمسي المتوقع أن تستمر حتى نهاية العام الجاري تتزامن مع تشكل 90 بقعة يوميا، وفي العام 2012 بلغ عدد البقع 67".
ولم تمر الشمس في دورة أضعف من الدورة الحالية، بحسب بيانات علماء الفلك المعاصرين، سوى في مطلع القرن العشرين، اذ سجل في 14 شباط/فبراير 1906 بلوغ الشمس ذروة نشاط دورتها آنذاك مع عدد بقع لم يتجاوز 64 في الحد الأقصى.
ويقول اندريس مونوز جاراميلو عالم الفيزياء في جامعة مونتانا "كل الناس فوجئوا بمرحلة النشاط الأدنى من الدورة الحالية والذي استمر ثلاث سنوات إضافية، أي ثلاث مرات أكثر من الدورات السابقة منذ بداية الرصد الفضائي".
وإضافة إلى الضمور في النشاط الشمسي، تشهد الشمس تغيرات في اتجاه حقلها المغناطيسي.
فالقطبان، الشمالي والجنوبي، ينعكسان مرة كل أحد عشر عاما، أي مع كل دورة شمسية.
ويقول العلماء انه خلال هذه الظاهرة، تنخفض جاذبية قطبيها لتصبح على حافة الصفر، ثم يظهر القطبان مجددا ولكن في الاتجاه المعاكس.
لكن خلال الدورة الحالية، عكس القطب الشمالي جاذبيته قبل أشهر، إلّا أن القطب الجنوبي ما زال على جاذبيته ولم يغيرها.
وبحسب تقديرات العلماء، فإن "القطب الجنوبي ينبغي أن يغير جاذبيته في القريب العاجل"، وفقا لتود هوكسيما مدير المرصد الشمسي "ويلوكس" في جامعة ستانفورد.
ويتساءل العلماء كم من الوقت ستبقى الشمس في حالة الضمور هذه.
ويقول دوغ بيسيكر "علينا أن ننتظر ثلاث سنوات أو أربع، قبل أن نعرف حدّة الدورة الشمسية المقبلة".
ويشير بعض الباحثين إلى إمكانية أن نكون في بداية دورة مطولة من الضمور الشمسي، كتلك التي سجلت بين العامين 1650 و1715، والتي لم يرصد خلالها وجود لأي بقعة شمسية.
وتزامنت تلك الدورة مع مرحلة باردة أصابت الأرض أطلق عليها اسم "العصر الجليدي الصغير"، في أميركا الشمالية وأوروبا.
ويقول بيسيكر "هناك ارتباط بين الضمور في النشاط الشمسي والعصر الجليدي الصغير، فالشمس تساهم في التغير
المناخي".
ويضيف "لكن الضمور الشمسي لا يوقف التغير المناخي بل يبطئ من حركته فقط".