سياسة دولية

ماذا تفعل واشنطن في "ممر" طوله 1300 كيلومتر بقلب أفريقيا؟

شارك مسؤولون أمريكيون في محادثات مع شركة التعدين والذكاء الاصطناعي- جيتي
ألقى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، نظرة مباشرة على مشروع للسكك الحديدية تدعمه واشنطن، وذلك خلال زيارته إلى أنغولا، الثلاثاء الماضي، فيما قال مازحا إنه من أكبر أنصار السكك الحديدية، في إشارة للرحلات الطويلة التي كان يقطعها بالقطار، من ديلاوير لواشنطن لممارسة مهامه في الكونغرس، حين كان سيناتورا.

وقال الرئيس الأمريكي: "نحن في واحدة من نقاط التحول في تاريخ العالم... كل هذه المشاريع والاستثمارات مصممة لتحقيق تأثير كبير"، بينما أعلن أن الولايات المتحدة سوف تستثمر 600 مليون دولار إضافية.

ووصفت عدد من التقارير المُتفرّقة المشروع المتواجد في لواندا، عاصمة أنغولا، بكونه "أحد أهم الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، حيث تواجه منافسة شرسة على النفوذ مع الصين".

وتتشارك كل من أنغولا والكونغو وزامبيا وتانزانيا في المشروع الذي يطلق عليه اسم: "ممر لوبيتو" وهو خط سكة حديدية بطول 1300 كيلومتر (حوالي 800 ميل) يمتد من زامبيا الغنية بالنحاس، إلى ميناء لوبيتو في أنغولا، الواقعة في جنوب غرب أفريقيا.

تجدر الإشارة إلى أنه كان في استقبال الرئيس الأمريكي، كل من: الرئيس الأنغولي، جواو لورينسو، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، والرئيس الزامبي، هاكيندي هيشيليما، ونائب الرئيس التنزاني، فيليب مبانغو.

والمشروع يأتي في إطار "شراكة البنية التحتية والاستثمار العالميين"، وهي مبادرة أمريكية تهدف إلى تحدي مبادرة الحزام والطريق الصينية. فيما تقول إدارة بايدن إنها قد التزمت بنحو 4 مليارات دولار تجاه المشروع.

وبحسب بيان للبيت الأبيض: "تعمل الولايات المتحدة مع شركاء في جميع أنحاء العالم لتكرار نجاح ممر لوبيتو عبر أفريقيا والمساعدة في سد فجوة البنية التحتية العالمية".

متى بدأ المشروع؟ 
تم إنشاء خط السكك الحديدية هذا في أوائل القرن العشرين، واستمر العمل به حتى منتصف السبعينيات، وبعدها تم تقليص استخدامه بسبب الأضرار التي لحقت به خلال الحرب الأهلية في أنغولا. وفي عام 2015 تمت إعادة تأهيله بموجب اتفاق مع الصين بقيمة ملياري دولار.

وتكشف التقارير أنه: "بسبب الأخطاء الكبيرة عند تنفيذ الصين للمشروع، بعدما تعطلت محطات، وتوقفت أنظمة السلامة، وتعطلت خوادم الكمبيوتر، وانقطعت خطوط الهاتف، تم الاستغناء عن خدمات الصين".

إلى ذلك ذهب تطوير المشروع لكونستريوم أوروبي حيث تدعمه الولايات المتحدة، ومنح التحالف هذا الامتياز لمدة 30 عاما. يهدف المشروع إلى الربط بين زامبيا غير الساحلية، وجمهورية الكونغو الديموقراطية الغنية بالموارد، بميناء لوبيتو الأنغولي المطل على المحيط الأطلسي، وكذا تسهيل نقل المواد الخام الاستراتيجية مثل النحاس والكوبالت، مع تنمية التبادلات الزراعية والتجارية بشكل عام، بحسب واشنطن.



نقل المعادن بالنسبة لواشنطن
يمثل نقل المعادن أهمية بالغة لواشنطن، مع توجهها نحو الطاقة الخضراء. إذ يمتد الممر بالفعل بمنطقة غنية بالمعادن، خاصة معدن الكوبالت في جمهورية الكونغو، التي تنتج نحو 70 في المئة منه عالميا. 

وخلال الأسابيع الأخيرة، شارك مسؤولون أمريكيون في محادثات مع شركة التعدين والذكاء الاصطناعي، كوبولد ميتالز، وشركة تعدين النحاس، فيرست كوانتوم مينيرالز، وشركة الاستثمار، أوريون ريسورسس بارتنرز، بخصوص المشاركة في صفقة لشراء شيماف، إما بشكل منفصل أو بشكل مشترك، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أوردت صحيفة وول ستريت جورنال أن إدارة بايدن قد أجرت محادثات مع 3 شركات بشأن شراء واحدة من أكبر شركات إنتاج الكوبالت، هي شركة شيماف، التي يقع مقرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

ويفترض أن يتيح "ممر لوبيتو" تقليص الوقت الذي يستغرقه نقل المعادن بشكل كبير، من 45 يوما برا إلى ما بين 40 و50 ساعة بالقطار. ويربط بين جنوب ووسط أفريقيا، ويوفر الوصول إلى شرق أفريقيا ومسارًا إلى المحيط الأطلسي.