تذكرت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا
ميركل، انطباعها عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد
ترامب خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض. وأشارت إلى أن ترامب أبدى "انبهاراً بالسلطة المطلقة" التي يتمتع بها رجال أقوياء مثل الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
وفي مقابلة حصرية على شبكة سي إن إن، قالت ميركل: "إن الطريقة التي تحدث بها ترامب عن بوتين، والطريقة التي تحدث بها عن الزعيم الكوري الشمالي، بغض النظر عن التصريحات الانتقادية التي أدلى بها، كان هناك دائماً نوع من الانبهار بالسلطة المطلقة لما يمكن لهؤلاء الأشخاص القيام به".
بين ألمانيا الشرقية والغربية
وناقشت المستشارة الألمانية السابقة مذكراتها الجديدة التي كانت بعنوان "الحرية: ذكريات 1954-2021"، التي تتناول 16 عاماً من حكمها كأول امرأة تقود أكبر اقتصاد في أوروبا.
وخلال فترة رئاستها، تعرضت القارة لأزمات متعددة، من الاقتصاد إلى الهجرة، ومن المناخ إلى الوباء. وبعد مغادرتها منصبها، شنت روسيا غزواً واسع النطاق ضد أوكرانيا، مما أثار تساؤلات حول اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي الرخيص وألقى الضوء على بعض قراراتها.
في مذكراتها، كتبت ميركل عن انقسام حياتها إلى نصفين. أمضت أول 35 عاماً من حياتها في الدراسة والعمل في مجال الكيمياء في ألمانيا الشرقية الشيوعية. ومنذ انهيار جدار برلين، قضت السنوات الخمس والثلاثين الثانية في ديمقراطية حرة وليبرالية، وهو النظام الذي تخشى أن يكون معرضاً للتهديد الآن.
ترامب لا يصافح
وقالت المستشارة الألمانية السابقة: "في هذه الأيام، تتعرض الديمقراطيات الليبرالية للهجوم. إنها تحت الضغط". وتذكرت ميركل أول لقاء لها مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض عام 2017.
وخلال جلوسهما بجانب الموقد الشهير في المكتب البيضاوي، طلب الصحفيون من الزعيمين أن يتصافحا لالتقاط صورة، لكن ترامب بدا وكأنه يتجاهل الطلب، رغم أنهما تصافحا في أوقات أخرى أثناء زيارة ميركل. وأشارت ميركل إلى أن ترامب "يتصرف بشكل غير تقليدي" وغالباً ما يحاول "وضع بصمة".
انبهار ترامب بذوي الميول الاستبدادية
وأكدت في مذكراتها، أن ترامب كان "مفتوناً بوضوح" بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين و"منبهراً" بالسياسيين ذوي الميول الاستبدادية.
وقالت ميركل: "كان انطباعي دائماً أنه كان يحلم بتجاوز كل الهيئات البرلمانية التي شعر أنها كانت عبئاً عليه بطريقة ما، وأنه أراد أن يقرر الأمور بمفرده". وأكدت: "في الديمقراطية، لا يمكنك التوفيق بين ذلك والقيم الديمقراطية".
وأشارت ميركل إلى أن تعليقاتها تتوافق مع تصريحات أدلى بها عدد من المسؤولين الأمريكيين الذين عملوا بشكل وثيق مع ترامب خلال إدارته الأولى.
حيث قال جون كيلي، الذي كان أطول رئيس هيئة كبار موظفي البيت الأبيض خدمة في عهد ترامب، قبل انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إن ترامب ينطبق عليه "التعريف العام للفاشية"، وإنه تحدث بشكل إيجابي عن ولاء جنرالات أدولف هتلر النازيين. ونفت حملة ترامب هذه المقارنة.
وعن تصريحات كيلي، قالت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل: "لا أريد الإدلاء بأي تعليق على هذا".
ميركل وفوبيا الكلاب
وتحدثت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن علاقتها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أنها كانت أوثق من علاقات العديد من الزعماء الأوروبيين الآخرين معه.
وتذكرت ميركل كيف أحضر بوتين كلبه الضخم لابرادور إلى اجتماع بينهما في عام 2007، رغم علمه بأنها لا تشعر بالارتياح في وجود الكلاب بعد تعرضها لجروح من كلب سابق. ووصفت ميركل هذا التصرف بأنه "محاولة صغيرة وبسيطة لجس النبض، كما تعلمون، مدى صمود الشخص ومدى قوته. إنها لعبة قوة".
تدهور العلاقات بين موسكو وأوروبا
رغم العلاقات الودية نسبياً بين موسكو وأوروبا، قالت المستشارة الألمانية إن الأمور بدأت تتدهور بعد قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" عام 2008 في بوخارست. عندما أعلن الحلف أن أوكرانيا وجورجيا ستنضمان في النهاية إلى التحالف الدفاعي، دون إعطائهما خطة واضحة لتحقيق ذلك.
وأضافت ميركل: "كنت مقتنعة تماماً بأن بوتين لن يسمح بحدوث ذلك دون اتخاذ إجراء، لذلك اعتقدت أنه من الخطأ وضع الأمر على جدول الأعمال في ذلك الوقت"، خاصة عندما انقسمت حكومة وشعب أوكرانيا "إلى نصفين".
وخلال عهد ميركل، انتصرت روسيا في حرب استمرت خمسة أيام ضد جورجيا في عام 2008، وشنت أول غزو لها لأوكرانيا في عام 2014، وضمت شبه جزيرة القرم واحتلت أراضي في شرق البلاد. منذ غزوها الكامل لأوكرانيا في عام 2022، تعرض القادة الأوروبيون لانتقادات لعدم تأهبهم بشكل كافٍ في مواجهة تهديد موسكو والسماح بحدوث عدوانها الإقليمي دون رادع.
بوتين يكذب
مع اقتراب الحرب في أوكرانيا من عامها الرابع وتكبد جيشي البلدين خسائر فادحة، انتقل الحديث إلى إمكانية إنهاء الحرب بسلام دائم. وقال ترامب، الذي سيتولى منصبه الشهر المقبل، إنه سينهي الحرب في يوم واحد، دون تحديد كيفية ذلك.
وحذرت ميركل من أن التفاوض مع بوتين مهمة محفوفة بالمخاطر. وتذكرت مواجهتها لبوتين بشأن غزو روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، وهي العملية التي سعى الكرملين في البداية إلى التعتيم عليها، زاعماً أن الجنود الذين يقاتلون في أوكرانيا لم يكونوا جزءاً من الجيش الروسي، مما أدى إلى ظهور أسطورة "الرجال الخضر الصغار" الذين كانوا يقاتلون بشكل مستقل.
وقالت ميركل إن بوتين اعترف لها لاحقاً بأنه "كذب" بشأن هذا.