رصدت مراسلة دبلوماسية إسرائيلية، معالم ما وصفته بــ"
التسونامي السياسي"، وأزمات تل أبيب المتصاعدة على الساحة الدولية،
تزامنا مع استمرار حرب الإبادة وجرائم التطهير العرقي في قطاع غزة منذ أكثر من
عام.
وقالت المراسلة الدبلوماسية لموقع "
زمن
إسرائيل" تال شنايدر، إنه "قبل بضعة أعوام، سخرت الأوساط اليمينية من التهديدات
بحدوث "تسونامي سياسي" ضد تل أبيب، وهو المصطلح الذي صاغه وزير الحرب
الأسبق إيهود باراك خلال خطابه في مارس 2011 أمام معهد دراسات الأمن القومي بجامعة
تل أبيب، في ظل حالة الجمود التي تشهدها القضية
الفلسطينية، ولكن منذ ذلك الحين،
أصبح الساسة والعسكر السابقون يحذرون منه كل بضعة أشهر".
وأضافت في مقال ترجمته "
عربي21" أن
"عام 2020 شهد نشر موقع "ميدا" اليميني مراجعة تحت عنوان
"تاريخ موجز لأسطورة التسونامي السياسي"، اعتبر فيها التحذير من هذا
التسونامي "مزحة" من أحزاب اليسار، وسط استهتار بتبعات استمرار القضية
الفلسطينية بدون حلّ على المجتمع الإسرائيلي، وجاءت اتفاقيات التطبيع في أغسطس
2020 لتثبت مزاعم بنيامين نتنياهو القديمة، بأنه يمكن تحقيق إنجازات في السياسة
الخارجية مع تجاهل الفلسطينيين".
وأشارت إلى أنه "حتى تاريخ السابع من أكتوبر
2023، فقد بدا أن السياسة الخارجية الإسرائيلية في ذروة ازدهارها، عندما اقترب التطبيع
الذي طال انتظاره مع السعودية، لكن هجوم حماس آنذاك، واندلاع حرب غزة، أربك أوراق
اللعب، ورغم معاناة دولة
الاحتلال من هذا الهجوم وتبعاته، فإن الانهيار السياسي لم
يتأخر بدوره طويلاً، فبعد مرور 14 شهراً على الحرب، لا يوجد أي منطقة في العالم
تجد فيها إسرائيل وضعاً إيجابياً، حيث يضربها التسونامي السياسي بلا رحمة، موجة
بعد موجة".
وأكدت أن "مذكرات الاعتقال الشخصية الصادرة ضد
نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت وصلت إلى ذروة الأزمة السياسية، لأنه
بموجبها يُمنعان من السفر إلى 124 دولة، وسيواجهان صعوبة حتى في السفر لدول أخرى،
مثل الولايات المتحدة والصين والهند، خشية الحاجة للتوقف في حالات الطوارئ، أو
العبور في المجال الجوي للبلدان التي تكون فيها أوامر الاعتقال سارية، مع أن أوامر
الاعتقال هذه تتجاوزهما، وقد تمتد لكبار الجنرالات والوزراء، وتثبط عزيمة طبقة
كاملة من العسكريين الإسرائيليين من مغادرة حدود الدولة".
وأوضحت أن "هذه الأوامر هي "تسونامي
داخل تسونامي"، لأنها أساس لمزيد من الإجراءات القانونية في العديد من
البلدان ضد الاحتلال، مع عواقب بعيدة المدى على الأوساط الأكاديمية والرياضة
والثقافة والعلاقات التجارية الدولية، كما أنها لا تقتصر المشكلة على أوامر المحكمة
الجنائية الدولية فحسب، بل على القرارات الثنائية التي لا تزال تتراكم ضد إسرائيل،
بحيث تم منع وزيرة القضاء والداخلية السابقة، أييليت شاكيد، من المشاركة بمؤتمر
للمنظمات اليهودية في أستراليا، لأن وصولها يثير جدلا، وتوقفت شركات الطيران
الدولية عن رحلاتها إلى إسرائيل".
وأكدت أنه "يتعين على الإسرائيليين أن يخافوا
على حياتهم في أمستردام وسريلانكا وتايلاند ولندن وباريس ودبي وأبو ظبي وتركيا،
وهذه مجرد قائمة جزئية من البلدان التي كانت في السابق وجهة مفضلة للسائح
الإسرائيلي، لكنها اليوم لم تعد على جدول أعماله، وأصدر مجلس الأمن القومي تحذيراً
من السفر للسويد لمن يعتزمون الاحتفال بمسابقة الأغنية الأوروبية فيها".
وأضافت ان "التسونامي يتواصل من خلال قطع
كولومبيا علاقاتها مع إسرائيل، وفرضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة
سلسلة من العقوبات على المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية، وفي هذه الأثناء،
اعترفت النرويج وإيرلندا وإسبانيا بالفعل بالدولة الفلسطينية في مايو 2024،
وأيدت 143 دولة عضوا في الأمم المتحدة اقتراح الجمعية العامة بتعزيز مكانة
السلطة الفلسطينية في مؤسساتها".
وختمت بالقول إنه "رغم توسع رقعة التسونامي
السياسي المتزايد، فإن نتنياهو مشغول بشكل رئيسي بمهاجمة الشاباك والجيش ووسائل
الإعلام والنظام القانوني، وبدلا من البحث في الحلول السياسية للصراع مع
الفلسطينيين، فإنه يسعى لتأجيج الصراعات الداخلية بين المجموعات المختلفة في
الجمهور الإسرائيلي، واستخدام التلاعب الإعلامي الهادف لتحويل الرأي العام،
وإضعافه، وتجاهل مطالب أهالي المختطفين في غزة".