أصدق ما قاله نتنياهو كان يوم الخميس، بدعوته جيش الاحتلال إلى الاستعداد لحرب
قوية مع
لبنان عند حدوث أي خرق، مضيفا أن ما يجري وقف مؤقت لإطلاق النار وليس
اتفاقا لإنهاء الحرب، منسجما بذلك مع الخطاب الذي ألقاه قبيل إعلان اتفاق وقف إطلاق
النار، أو ما يمكن تسميته اتفاق العودة إلى قواعد الاشتباك لما قبل الخامس عشر من أيلول/
سبتمبر الماضي، أي قبيل تفجيرات أجهزة البيجر.
نتنياهو في خطابه المتلفز أعلن عن ثلاثة أهداف يسعى إلى استكمالها من خلال
وقف إطلاق النار الهش مع المقاومة في لبنان، وهي التركيز على إيران وإعادة تسليح
وتجديد ترسانة جيش الاحتلال، بمعنى آخر ترميم جيش الاحتلال المنهك، وأخيرا فصل
الساحات بين لبنان وغزة عبر اتفاق وقف إطلاق نار لا يشمل قطاع
غزة.
الاتفاق بين حزب الله والكيان الإسرائيلي لوقف إطلاق النار جاء هشا لا يبتعد كثيرا في معطياته وتفاعلاته اليومية المتوقعة عن قواعد الاشتباك التي كانت سائدة قبيل الهجمات المباغتة في أيلول/ سبتمبر الماضي لجيش الاحتلال على الضاحية الجنوبية
في المقابل، رد الرئيس الأمريكي جو بايدن على تصريح نتنياهو يوم الخميس
بضرورة التوصل إلى اتفاق في قطاع غزة لتبادل الأسرى، إذ يصعب عليهم الانتظار لستين
يوما أخرى إلى حين مجيء الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب لسدة الرئاسة في 25 كانون
الثاني/ يناير، الأمر الذي أكد أن نتنياهو لديه نية لعقد صفقة مع دونالد ترامب توقف
إطلاق النار مقابل فرض سيادة الاحتلال على الضفة الغربية أو على أجزاء منها.
فهل تأثرت الصفقة سلبا بوقف إطلاق النار في لبنان، وهل حُرم نتنياهو من
ورقة إضافية لم ينجح في الاحتفاظ فيها بسبب حالة الإنهاك التي بلغها جيش الاحتلال،
والضربات الصاروخية الموجعة التي تعرض لها اللواءان حيفا ويافا، وموافقة فرنسا على
منح نتنياهو الحصانة من ملاحقات محكمة الجنايات الدولية مقابل تمريره الاتفاق في
الكابينت
الإسرائيلي.
الاتفاق بين حزب الله والكيان الإسرائيلي لوقف إطلاق النار جاء هشا لا يبتعد
كثيرا في معطياته وتفاعلاته اليومية المتوقعة عن قواعد الاشتباك التي كانت سائدة
قبيل الهجمات المباغتة في أيلول/ سبتمبر الماضي لجيش الاحتلال على الضاحية
الجنوبية.
الحرب لن تنتهي لا في صورتها الميدانية ولا في صورتها السياسية، فالمؤشرات تؤكد أننا أمام جولة جديدة من القتال إن لم تشتعل اليوم ففي الغد؛ عندما يستلم دونالد ترامب منصب الرئاسة، لتتحول الهدية المقدمة للرئيس الجديد ترامب من وقف القتال إلى إشعاله وتعقيده
رغم ذلك، فإن الاتفاق أعطى الطرفين المقاومة اللبنانية والكيان الإسرائيلي
فرصة للمناورة، فالاحتلال برئاسة نتنياهو يرغب في التحرر من الضغوط الخارجية
والداخلية، وترميم قدرات جيش الاحتلال، ومحاولة تغيير الواقع والتوازنات في لبنان
وسوريا استعدادا لجولة جديدة أو التهديد بجولة جديدة واسعة النطاق.
في المقابل، فإن حزب الله يسعى إلى تعزيز جبهته الداخلية وبناء قدراته
والسماح باستعادة التوازن في جبهته الداخلية وترميم قدراته، والتعويل على عمقه الجغرافي وحلفائه لمشاغلة الاحتلال وإحراجه، وتعزيز الضغوط الدولية والداخلية في
الآن ذاته على الاحتلال لوقف القتال وعقد صفقة مع قطاع غزة وحركة حماس، فضلا عن
تعزيز الانقسامات والاختلالات داخل الكيان الإسرائيلي، فضلا عن كونها فترة كافية لإيران
لتخصيب مزيد من اليورانيوم، فرهانات الطرفين لا تختلفان من حيث الجوهر ولكن في
التفاصيل والمسميات والغايات.
ختاما.. الحرب لن تنتهي لا في صورتها الميدانية ولا في صورتها السياسية،
فالمؤشرات تؤكد أننا أمام جولة جديدة من القتال إن لم تشتعل اليوم ففي الغد؛ عندما
يستلم دونالد ترامب منصب الرئاسة، لتتحول الهدية المقدمة للرئيس الجديد ترامب من
وقف القتال إلى إشعاله وتعقيده، سواء كان ذلك عن قصد لإشغال ترامب عن معركته
التي يستعد لها مع الدولة العميقة في أمريكا، أو دون قصد نتيجة عناد نتنياهو وأجندته
الشخصية الضيقة والعقيمة.
x.com/hma36