تسيطر تكهنات كثيرة بشأن التوجهات الأمنية والعسكرية للإدارة الأمريكية الجديدة تجاه جماعة "أنصار الله"
الحوثيين، بالنظر إلى الانتقادات التي وجهت إلى إدارة الرئيس المنتهي ولايته، جو
بايدن، على خلفية تعاطيها مع الجماعة وهجماتها المستمرة في البحر الأحمر.
وقد تعرضت إدارة بايدن لانتقادات واسعة من قبل المشرعين الجمهوريين حيال استراتيجيتها مع أزمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، بسبب استمرار الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي المدعومة من إيران منذ نحو عام، وهو ما يثير تساؤلات عدن عن استراتيجية الرئيس دونالد
ترامب تجاه الجماعة.
رفع مستوى التهديد الحوثي
وفي السياق، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي
اليمني، عبدالكريم غانم؛ إنه من المتوقع حدوث تغير في سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الحوثيين، بالمقارنة مع إدارة سلفه (الديمقراطي) جو بايدن، مضيفا أن سياسة كلا الإدارتين على طرفي نقيض من الأخرى في العديد من الملفات، وفي مقدمتها الأزمة اليمنية، والتعاطي مع الحوثيين".
وتابع غانم في حديث خاص لـ"عربي21"، بأن إدارة ترامب تميل لرفع مستوى التهديد الحوثي على المصالح الأمريكية، ويتوقع إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية، بدلا من تصنيف إدارة بايدن لهم كجماعة إرهابية عالمية، وهو ما يستوجب تشديد مستوى العقوبات الأمريكية على قيادات جماعة الحوثي، ووضع المزيد من القيود أمام المنظمات والشركات التجارية التي تتعامل معهم.
وأشار: "وخلافا لما قامت به إدارة بايدن من تعيين مبعوث أمريكي خاص إلى اليمن، سيصبح هذا المنصب شاغرا في عهد الرئيس ترامب، فإدارته لن تكترث بإنجاز أي تسوية سياسية للأزمة اليمنية"، مؤكدا أنه "في حال شرعت إدارة ترامب في تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية، سيصبح التفاوض مع الجماعة غير وارد".
ولم يستبعد الأكاديمي اليمني أن تشهد فترة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدوءا نسبيا، حيث لن يفتح حروبا جديدة ضد الجماعات المدعومة من إيران، بتمويل أمريكي، باستثناء الدعم الأمريكي لإسرائيل، عسكريا ولوجستيا واستخباراتيا.
وقال؛ إن إدارة ترامب ستعمد لإيقاف الغارات الجوية الروتينية التي استحدثها سلفه، على مواقع الحوثيين بين الحين والآخر"، موضحا أن ترامب يرى أن أمريكا لن تحارب نيابة عن الآخرين، إلا إذا كان هناك مقابل.
وأردف: "وطالما أن المملكة العربية السعودية والإمارات غير مستعدتين لتمويل حرب جديدة ضد الحوثيين، فاستمرار تهديد الحوثيين للملاحة الدولية، قد يترتب عليه تشكيل تحالف عسكري دولي واسع، ضد الجماعة، لا تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية منفردة تكاليف عملياته العسكرية".
وفي حال لم تجد الدعوة الأمريكية لتشكيل تحالف دولي واسع ضد هجمات الحوثيين على السفن التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، وفقا لأستاذ علم الاجتماع السياسي اليمني، فإن الولايات المتحدة برئاسة ترامب ستعمد إلى استهداف القيادات العسكرية الحوثية المسؤولة عن استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن".
كما قد تعمد لتشديد العقوبات ضد نظام طهران، لتجفيف منابع التمويل والتسليح لوكلاء إيران في المنطقة، وفي مقدمتهم الحوثيون، وفقا للمتحدث ذاته، على الرغم من محدودية فاعلية سلاح العقوبات.
إلا أنه قال؛ إن الحوثيين قد يتمكنون من الإفلات من قيود العقوبات المتوقع فرضها من قبل إدارة ترامب، لتظل الأزمة اليمنية تراوح مكانها في حالة اللاحسم، فلا تسوية سياسية يمكن توقعها، ولا حسم عسكري متوقع لحل الأزمة اليمنية خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي الجديد.
نفوذ إيران ومرونة السعودية
من جانبه، قال الكاتب والباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية، سيف المثنى؛ إن التعاطي مع الملف اليمني من قبل ترامب وإدارته مرتبط "بكيفية التعامل مع إيران، وتقليص نفوذها في المنطقة"، بالإضافة "لمرونة السعودية حيال الأزمة اليمنية"، لهذا لن يخرج الأمر عن هذين الموقفين.
وأضاف المثنى في حديثه لـ"عربي21"، أن التوجهات الاستراتيجية والعسكرية الأمريكية تجاه الحوثيين، لا يوجد فيها ما يوحي "بخيار عودة الحرب في اليمن" لأمرين اثنين؛ الأول يتعلق "بسعي ترامب لوقف الحروب في المنطقة، وعقد صفقات وتسويات تجنب بلاده الاستنزاف المالي والتورط في رهانات خاسرة".
أما الأمر الثاني، فيكمن وفق الكاتب والباحث اليمني، في "عدم قدرة السعودية خوض معركة جديدة مع جماعة الحوثي، حتى وإن كانت تحركات من قبل الشرعية على الأرض من دون تدخل سعودي"، مشيرا إلى أنه في هذه المعطيات، تدرك السعودية أنها ستكون الهدف الرئيسي لهذه المواجهة، ولهذا تحاول تجنب أي صدام مع جماعة الحوثي مرة أخرى، والسعي نحو أمنها ومصالحها الاستراتيجية.
وأكد الكاتب والباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية، أن خيارات ترامب ستكون محدودة للغاية فيما يخص الملف اليمني، لافتا إلى أن الضغط الاقتصادي لأقصى درجات الضغط، من الخيارات المطروحة، بالإضافة إلى "إعادة تصنيف الحوثي جماعة إرهابية أجنبية، والدفع نحو سلام يمني يمني عبر صفقة يكون الحوثي مسيطرا على مناطق نفوذه، وتقاسم موارد الدولة مع الأطراف الأخرى الممثلة في الحكومة المعترف بها دوليا.
كما لم يستبعد أن يقوم الرئيس الأمريكي ترامب باتخاذ خطوات مفاجئة وغير متوقعة، قد تشمل "اغتيال قيادات عسكرية حوثية"، والجماعة تدرك وتعي خطورة هذا الأمر.
وقال؛ إن هذه الخطوة مقرونة في حال تم استهداف جنود أمريكيين أو مصالح مهمة للولايات المتحدة، مبينا في الوقت ذاته أن هناك إشارات وتلميحات تتحدث عن خيارات قد تقدم عليها إدارة بايدن لوضع عراقيل أمام إدارة ترامب القادمة، لكنها حتى اللحظة تحليلات غير مؤكدة، تتحدث عن "عملية عسكرية ضد الحوثي" .
وكان مصدر خاص مقيم في واشنطن، قد كشف لـ"عربي21"، في وقت سابق من الشهر الجاري، عن إرجاء الولايات المتحدة الأمريكية عملية واسعة ضد أهداف ومواقع عسكرية تابعة لجماعة الحوثيين محتملة، لتخزين وإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار ضد السفن في البحر الأحمر، لبعيد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية هناك.
وقال المصدر الذي اشترط عدم الإفصاح عن اسمه؛ إن القوات الأمريكية رصدت خلال الفترة القليلة الماضية، مواقع تخزين وإطلاق الصواريخ والمركبات الجوية غير المأهولة من قبل الحوثيين في عدد من المحافظات، أبرزها الحديدة وحجة الساحليتين على البحر الأحمر (غربي اليمن) وصعدة، المعقل الرئيس لزعيم الجماعة (شمال)، إضافة إلى العاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الجماعة منذ خريف عام 2014.
وتضامنا مع غزة التي تواجه حربا إسرائيلية مدمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحرين الأحمر والعربي.
ومنذ 12 كانون الثاني/ يناير 2024، يشن تحالف تقوده الولايات المتحدة غارات يقول؛ إنها تستهدف "مواقع الحوثيين" في مناطق مختلفة من اليمن؛ ردا على هجماتها البحرية، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.