أكدت مصادر إسرائيلية رفيعة، اليوم الثلاثاء، أن
هناك تقدما نحو اتفاق لوقف الحرب في الشمال مع
حزب الله اللبناني، وذلك في أعقاب
وصول المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن هذه
المصادر الرفيعة التي لم تذكرها، أن هوكشتاين وصل إلى تفاهمات متقدمة خلال زيارته
الأخيرة إلى لبنان، وقد يصل قريبا إلى إسرائيل لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق
نهائي.
وتابعت الصحيفة: "الاتفاق المرتقب يتضمن إبعاد
حزب الله عن جنوب نهر الليطاني، وإنشاء آلية رقابة دولية تضمن حرية العمل
الإسرائيلي في مواجهة الانتهاكات، ومنع إعادة تسليح حزب الله"، متوقعة أن
"يبدأ الاتفاق بمرحلة 60 يوما من التكيف".
وأشارت إلى أن روسيا أعربت عن استعدادها للمساعدة في
تنفيذ الاتفاق، منوهة إلى أن المفاوضات وصلت إلى مراحل صياغة متقدمة، وأن زيارة هوكشتاين
إلى إسرائيل ولبنان قبل الانتخابات الأمريكية، تسعى للتوصل إلى تفاهمات نهائية.
وتابعت: "إذا لم تتعثر المحادثات، فسيبدأ الجيش
الإسرائيلي بإعادة انتشاره، وسيغادر بعض النقاط التي أنهى فيها مهمته في جنوب
لبنان، لتبقى معظم القوات الإسرائيلية خارج الأراضي اللبنانية، مع احتمال بقاء
إسرائيل في مواقع تكتيكية مهمة على الجانب اللبناني وعلى طول الحدود، إلى حين
التوصل إلى اتفاق نهائي".
وذكرت "يديعوت" أن الأوساط الإسرائيلية
تقول إن الوضع في لبنان تغير بشكل جذري، نتيجة عمليات الجيش الإسرائيلي، وهناك
توافق لبناني على فصل الجبهة الشمالية عن قطاع غزة.
ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين، أن القتال لن يتوقف
لغرض التفاوض، بل فقط بعد الوصول إلى اتفاق نهائي، مضيفين أن التقديرات الاستخباراتية
تشير إلى أن إيران تسمح لحزب الله بالتوصل إلى وقف إطلاق نار في لبنان، حتى دون
التوصل إلى اتفاق في غزة.
وأكدت المصادر ذاتها أن الاتفاق سيبدأ بمرحلة 60
يوما من التكيف، وسيقوم حزب الله والجيش الإسرائيلي بوقف إطلاق النار، وسيتم نشر الجيش
اللبناني في الجنوب، إلى جانب مراقبة تنفيذ الاتفاق ككل.
وبحسب الاتفاق، فإنه لن يكون هناك حاجة لقرار جديد من
مجلس الأمن، ووفق "يديعوت" فقد أبلغ مسؤولون لبنانيون جهات فرنسية
وأمريكية مؤخرا، بأن حزب الله الذي تلقى ضربات قاسية من إسرائيل وفقد كل قيادته،
يشعر في الأسبوعين الأخيرين بالقوة، بسبب ارتفاع عدد الإصابات في صفوف الجيش
الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الاتفاق المقترح
بين إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة ودول أخرى، يتضمن ثلاثة عناصر، الأول هو
تطبيق موسع للقرار 1701 لضمان عدم وجود تواجد مسلح لحزب الله جنوب نهر الليطاني،
مع إبعاد ملحوظ في منطقة المطلة.
ولفتت إلى أن الجيش اللبناني من المفترض أن ينتشر
على طول الحدود الشمالية بأعداد كبيرة، تتراوح بين 5000 و10000 جندي، وسيتم تعزيز
قوة اليونيفيل الحالية، وربما استبدال بعض وحداتها بوحدات فرنسية، بريطانية
وألمانية، وقد تواصلت إسرائيل مع هذه الدول لمحاولة معرفة ما إذا كانت ستوافق على
ذلك.
وأكدت أن العنصر الثاني هو إنشاء آلية إنفاذ ومراقبة
دولية، يمكن للأطراف الإبلاغ عن الانتهاكات من خلالها - وهي آلية كانت مطلبًا
أساسيًا من منظومة الدفاع الإسرائيلية منذ بداية الحرب.
ووفقًا لإسرائيل، فإنه تم التوصل إلى تفاهم مع الولايات
المتحدة بأنه في حال اكتشاف انتهاك من قبل حزب الله، مثل بناء بنية تحتية عسكرية
جنوب نهر الليطاني ولم يتم التعامل معها من قبل الجيش اللبناني واليونيفيل بسرعة، فستقوم إسرائيل بإزالة التهديدات بمفردها وباستمرار.
وكجزء من المفاوضات، طلبت إسرائيل من الرئيس
الأمريكي جو بايدن إرسال رسالة تؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، بحيث يكون
واضحًا أن الجيش الإسرائيلي مخول بإزالة التهديدات التي يكتشفها. ولم يعلق مسؤولون
أمريكيون على الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع.
ونوهت "يديعوت" إلى أن العنصر الثالث في
الاتفاق المقترح هو منع إعادة تسليح حزب الله، كجزء من التفاهمات التي ستنهي
الحرب. ويشمل ذلك منع دخول وسائل عسكرية محددة "محظورة" عبر الجو والبحر
والبر. وقد أبدت روسيا استعدادها للمساعدة في تنفيذ الاتفاق، ومن المتوقع أن تلعب
دورًا في استقرار الوضع في لبنان وسوريا.
وأوضحت أن المحادثات أجريت بين الكرملين وإسرائيل
بشكل مباشر، وترغب تل أبيب في تدخل روسي ودعمت ذلك، على أمل أن يضمن ذلك استقرار
الاتفاق وقدرته على التنفيذ، ولتقليل الاعتماد على التدخل الأمريكي في المنطقة.
وفي وقت سابق، نقلت صحيفة "الأخبار"
اللبنانية عن مصادر دبلوماسية، أن "هذه التسريبات تعني نسفا للجهود التي تدعي
الولايات المتحدة أنها تقوم بها للضغط في اتجاه وقف إطلاق النار"، مؤكدة أنه
"يستحيل أن يقبل لبنان بذلك، لأنه يعني فرض حصار عليه للقبول بوقف إطلاق
النار، وهذا جنون".
ولفتت المصادر إلى أن هذا الكلام يعني أن
"هوكشتاين قد لا يزور لبنان"، مشيرة إلى أن "رئيس مجلس النواب نبيه
بري أبلغَه في زيارته الأخيرة بأنه في حال لم يكن هناك تطورات جدية تؤكد وجود نية
إسرائيلية لوقف إطلاق النار فلا داعي لمجيئه إلى بيروت".
وأكدت أنه يمكن فهم ما سربه إعلام
الاحتلال في
اتجاهين.. الأول، أن الاحتلال يرفع سقف شروطه إلى الحد الأقصى، بعدما استعاد حزب
الله زمام المبادرة في الميدان، ما يسمح له بفرض شروطه الأخرى المتعلقة بآليات
تنفيذ القرار 1701، محاولا الالتفاف على الضغط الأمريكي حتى تاريخ الانتخابات،
ليعرف مع أي إدارة سيتعامل.
والثاني، أن "إسرائيل" ليست في وارد وقف
الحرب نهائيا؛ أقله في المدى المنظور، وخصوصاً أنها ترى أنها لم تحقق كل ما تريده،
بحسب ما أوردته صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله.