سلطت صحيفة "
نيويورك تايمز" الأمريكية،
الضوء على قدرات
حزب الله اللبناني ومواصلته القتال، رغم فقدانه قيادات وازنة
ومخازن أسلحة، خلال الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "
عربي21"
إن هناك العديد من التحديات الجسيمة التي يواجهها حزب الله، في أعقاب الهجمات
الإسرائيلية العنيفة، مشيرة إلى أن نظام القبة الحديدية الإسرائيلي، تمكن من
اعتراض صواريخ أُطلقت من داخل لبنان خلال الشهر الجاري.
وأضافت أن "عمليات اغتيال القادة الكبار،
والهجمات المكثفة على البنية التحتية وإمدادات الأسلحة، والاقتحام البري، قد أسفرت
عن تقليص قدرات حزب الله في لبنان، ولكنها لم تنجح حتى الآن في كبح تدفق الهجمات
الانتقامية المتواصلة".
وأفادت الصحيفة بأن "حزب الله الذي بدأ بمهاجمة
إسرائيل قبل أكثر من عام تضامناً مع حماس في
غزة، لا يزال يتمتع بالقدرة على
المقاومة"، كما يقول الخبراء.
وفي هذا السياق، قال دانيل بيمان، وهو باحث رفيع المستوى
في برنامج الحروب والتهديدات غير النظامية والإرهاب في مركز الدراسات الاستراتيجية
والدولية في واشنطن: "قبل أن تبدأ كل هذه الأحداث، كان لدى حزب الله ترسانة
ضخمة، وقادة مؤهلون بدرجة عالية، واختيار قيادي جيد، وفريق عميق من المقاتلين
المهرة".
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله قد تم "تقليص
قدراته بشكل كبير"، وفق تقييم الخبراء، ولكن حتى وإن ضعُف، فإنه "لا
يزال قوياً إلى حد ما".
وذكرت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي اغتال قائد
حزب الله حسن نصر الله، في ضربة قرب العاصمة بيروت في أواخر أيلول/ سبتمبر. وفي
يوم الأربعاء، أعلن حزب الله أن خليفة حسن نصر الله المتوقع، هاشم صفي الدين، قد
اغتيل أيضاً في ضربة إسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر.
وبينت الصحيفة أن تلك العمليات كانت جزءاً من موجة
مكثفة من الهجمات الإسرائيلية على المجموعة، التي بدأت الشهر الماضي مع تفجير عن
بعد لأجهزة إرسال الرسائل الخاصة بعملاء حزب الله، تلاها اقتحام بري في جنوب
البلاد، بالإضافة إلى غارات جوية شديدة في جنوب لبنان وبيروت.
ولفتت إلى أن حزب الله واصل تنفيذ هجماته على
إسرائيل بوتيرة ثابتة وكبيرة. ففي ليلة الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أن حوالي
135 مقذوفاً قد عبرت إلى إسرائيل من لبنان، بينما بلغ العدد في ليلة الثلاثاء 140.
وفي تطور لافت، ضربت طائرة مسيرة تابعة لحزب الله منزل رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو في مدينة قيسارية الساحلية الشمالية.
وأشار دانيل بيمان إلى أنه "قبل شهر، كان حزب
الله يعاني من هجمات أجهزة الإرسال، ومن المعقول أن القادة من ذوي المستوى المتوسط
قد تعافوا".
وقد كان حزب الله مستعدًا منذ فترة طويلة للقتال ضد
إسرائيل، حيث خاض آخر حرب في عام 2006. ووفقًا لأودري كورث كرونين، مديرة معهد
كارنيغي ميلون للاستراتيجية والتكنولوجيا، فإن قوته كانت دائماً في الصواريخ
والقذائف، وقد تمكن الحزب في السنوات الأخيرة من تصنيع محركات للمقذوفات الموجهة
بدقة محلياً باستخدام مجموعات التوجيه التي قدمتها إيران، ما يعزز مخزونه.
وأفادت الصحيفة بأنهم "لا يطلقون الصواريخ
عشوائياً"، مضيفة أنه "لهذا السبب تمكنوا من استهداف منزل نتنياهو". ورغم فاعلية نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي، إلا أن هناك خطراً كبيراً
عندما يتعرض النظام لاستهداف من قبل عدد كبير من الأسلحة في وقت واحد.
وبحسب الخبراء، فإن حزب الله يعتبر صاحب أكبر ترسانة في
العالم بين الجماعات المسلحة غير الحكومية، حيث تُقدّر الإحصائيات السابقة أن
مخزونه يتراوح بين 120,000 و200,000 صاروخ وقذيفة، مع التأكيد على أن حوالي نصف
هذا المخزون قد دُمِّر. ومع ذلك، فإنه لا يزال الحزب يتلقى إمدادات أسلحة من حلفاء
إيران في سوريا والعراق، ما يعزز من قدراته القتالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة المتوسطة لحزب الله
قد تأثرت بشكل كبير جراء هجمات أجهزة الإرسال، إلا أن الحزب لا يزال يحتفظ
بـ"مقاتلين مدربين تدريباً جيداً" مستفيدين من تجاربهم القتالية السابقة
في سوريا. كما أكدت أودري كورث كرونين أن هناك نحو 1000 مدرب إيراني متواجدون في
لبنان لتقديم الدعم لحزب الله.
أما على الجانب الإسرائيلي، فقد أكدت ورقة تقييم
العمليات الأرضية في لبنان أن الجيش يواجه تحديات كبيرة، حيث أشار التقرير إلى أن
الجنود والاحتياطيين "تعبوا بعد عام من الحرب المستمرة" في غزة، إضافة
إلى نقص في الذخيرة وقطع الغيار.
وأفادت الصحيفة بأن هذا النقص يعود جزئياً إلى
القيود المفروضة على نقل الأسلحة إلى إسرائيل، التي قد تزداد سوءاً إذا فقدت
إسرائيل شرعيتها الحالية لأفعالها في لبنان، بحسب ما حذرت ورقة من تأليف الجنرال برغ
غاي هازوت وعوفر شيلح، مدير برنامج أبحاث سياسة الأمن القومي الإسرائيلي.
وعلى الرغم من النجاحات العسكرية والاستخباراتية ضد
حزب الله، فلا يبدو أن هناك نهاية للقتال في الأفق، كما أفاد بعض المحللين
الإسرائيليين.
وذكرت الصحيفة أن جزءاً من استراتيجية إسرائيل
الحالية هو استعراض القوة، حيث إنها تسعى لإظهار قدراتها العسكرية من خلال الضربات عن
بُعد على قادة حزب الله. ومع ذلك، فلم تُثبت هذه الاستراتيجية فعاليتها تاريخياً،
إذ تمكنت كل من حماس وحزب الله من البقاء والعودة بقوة بعد اغتيالات قادتهم.
وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أن هذه مرحلة غير
متوقعة، خاصةً مع عدم وضوح من سيكون الزعيم التالي لحزب الله، وأشارت كورث
كرونين إلى أن "مجرد قتل قائد لا يعني أن لديك خصماً أقل عدوانية".