تباينت المواقف الإسرائيلية على مدار الأشهر
الماضية، بشأن اتفاق صفقة تبادل
الأسرى مع حركة
حماس، ما بين فريق مؤيد لعقد
الصفقة وآخر معارض، بسبب الثمن المدفوع خلال هذه الصفقة.
ويؤكد معارضو الصفقة على المخاطر المستقبلية
المرتبطة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، فيما يعبر المؤيدون عن الالتزام تجاه
الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع
غزة منذ أكثر من عام.
الرئيس السابق لقسم الاقتصاد والأبحاث بوزارة مالية
الاحتلال إلداد شيدلوفسكي، أشار إلى أن "النقاش الإسرائيلي من هذه الصفقة
الموعودة مبني على عدد من الافتراضات الأساسية، أهمها أن إبقاء هؤلاء المختطفين في
أسر حماس، يعني انتهاك المعاهدة بين الإسرائيليين ودولتهم".
وتابع شيدلوفسكي بقوله في مقال نشره موقع "
زمن
إسرائيل" وترجمته "
عربي21": "هذه المعاهدة أنشئت لحماية
الإسرائيليين، في حين فشلت الحكومة وقوات الأمن في القيام بذلك، بسبب استراتيجية
حكومية تجاه حماس لإضعاف السلطة الفلسطينية"، مضيفا أن "النتيجة أفرزت
فشلا ذريعا".
ولفت إلى أن "المختطفين الإسرائيليين ليسوا في
سجون الدول الغربية، وبسبب ظروف الاحتجاز والعمليات العسكرية في غزة، فإن حياتهم
في الوقت الضائع، وكل يوم يمر يثير الخوف، ما يستدعي أن يكون الواجب الأسمى للدولة
هو بذل كل الجهود لتحريرهم، رغم ما يزعمه المعارضون من أن الثمن الذي تطلبه حماس
باهظ جداً، ما يجعلها بنظرهم صفقة غير شرعية".
ورأى أنه "بالنظر إلى الوزن المناسب في حسابات
التكلفة، فإن تلكؤ الحكومة في دفع الثمن الذي تطلبه حماس لإطلاق سراح المختطفين
سيترك آثاره السلبية على روح التضامن المتبادل بين الإسرائيليين أنفسهم، بما في
ذلك تراجع معدلات التطوع في الوحدات القتالية، وانخفاض جاهزية الجيش وأجهزة
المخابرات".
وطرح الكاتب سؤالا على معارضي الصفقة بالقول إنه
"إذا تم اختطافك أنت أو أحد أفراد أسرتك، فهل ستظل تعارض الصفقة، بالتأكيد
لا، مما يعني أن المشاعر الأساسية الكامنة وراء الجدل حول الصفقة يجب أن تؤخذ بعين
الاعتبار، ولذلك فإن مؤيديها يتصورون الصعوبة الرهيبة والمعاناة التي يجد
المختطفون أنفسهم فيها، ويشعرون بالمسؤولية عن بذل أقصى ما بوسعهم لتخفيف
معاناتهم، وأفراد أسرهم، حتى لو كان الثمن باهظاً هو إطلاق سراح مقاتلين فلسطينيين
ووقف الحرب".
وانتقد "الموقف الذي ينطلق منه معارضو الصفقة
المبني على عاطفة الانتقام من الأعداء، واستعادة صورة اليهودي، واعتبار أن القوة
هي حلّ جميع المشاكل، وما لا يأتي بالقوة، سيأتي بقوة أكبر، ولذلك فهم يفسرون أي
اتفاق سياسي بأنه ضعف واستسلام، لكنهم يتجاهلون حقيقة أننا دولة ذات قوة عسكرية
هائلة، رغم فشل السابع من أكتوبر، ومن وجهة نظرهم فإن الحرب قد تستمر حتى نهاية
الأجيال القادمة، فضلا عن المشاعر المتمثلة بتجديد الاستيطان اليهودي في غزة".
وختم قائلا: "المنطلق الأساسي الذي يرافق رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو في رفض الصفقة، هو خوفه من عدم البقاء سياسياً، وكأن
استمرار القتال سيؤدي لإطلاق سراح المختطفين، رغم كل الوقائع على الأرض التي
تدحضه، ما يجعلني أضمّ صوتي إلى أصوات المطالبين بعودة المختطفين فوراً، وبدون أي
تباطؤ".