ملفات وتقارير

استشهاد السنوار وتصاعد المقاومة.. كيف تتجاوز حماس صدمة اغتيال القادة؟

التاريخ يثبت قدرة المقاومة على استيعاب الصدمات ورفع مستوى التحدي - جيتي
أثار استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" وأحد أبرز قادتها يحيى السنوار، في حادثة أحدثت ضجة كبيرة وتركّت أثرًا عميقًا في نفوس الفلسطينيين، وتفاعل العالم كله، سواء المؤيد أو المعارض، مع استشهاده، حيث أُقيمت صلوات الغائب والدعوات له في المساجد والساحات العامة، في عواصم عدة تجسيدًا لما قدمه من مقاومة ضد الاحتلال.

ويعتبر السنوار رمزًا من رموز المقاومة، فقد قضى حياته في خدمة القضية الفلسطينية، وأثبتت وفاته أن التاريخ يُكتب بدماء الشهداء، وأن المقاومة ليست مجرد كلمات، بل هي واقع يُعاش يوميًا من قبل الفلسطينيين.

واستشهاد السنوار كان لحظة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، إذ زعم الاحتلال أن اغتياله يمثل نهاية لمرحلة المقاومة، مشيرًا إلى أنه كان القوة المحركة وراء العديد من العمليات العسكرية والاستراتيجية التي أثرت بشكل كبير على مسار المقاومة ضد الاحتلال، ومع ذلك، فإن التاريخ يؤكد أن استشهاد السنوار أو من سبقه من قيادات المقاومة لم يؤثر على طريق المقاومة بل يزيدها قوة وصمود، لقدرة المقاومة على لملمة أوراقها سريعا وترتيب هيكلها بل يزداد الزحم الثوري لدى الشعوب على عكس ما توقعه الاحتلال.



فالتاريخ أثبت قدرة حركة حماس على استيعاب الصدمات ورفع مستوى التحدي، حيث قامت بتسليم القيادة من قبل لأجيال متلاحقة من القادة الشباب الذين يمتلكون رؤية جديدة وأفكارًا مبتكرة أوصلت الحركة لما هي عليه الأن.

كما أن استشهاد السنوار ومن سبقه من قادة الحركة أدى إلى توحيد الفصائل الفلسطينية وزيادة الدعم الشعبي للمقاومة، حيث اعتبرت الجماهير أن استشهاد القادة ما هو إلا دليل على صدق النية والوعد ودافعًا لتعزيز الصفوف والتوجه نحو المزيد من النضال ضد الاحتلال.

بذلك، فإن حديث الاحتلال عن انتهاء المقاومة بعد استشهاد السنوار يعكس سوء تقدير لمدى صمود وإصرار الشعب الفلسطيني، الذي يستمر في التمسك بحقوقه والسير على طريق القادة ويُظهر في كل مرة أن المقاومة هي مسيرة مستمرة تتجاوز الأفراد.




قوة حركة حماس
الهيكل التنظيمي المرن حيث تتمتع حماس بهيكل تنظيمي يسمح لها بالتكيف مع التحديات، وتملك قدرات عسكرية متعددة من بينها تشكيلات عسكرية مختلفة مثل "كتائب عز الدين القسام"، التي تشارك بشكل فعال في العمليات العسكرية ضد الاحتلال، هذا التنظيم يسمح لحماس بالاستجابة السريعة للتهديدات وتحقيق الانتصارات في أوقات الأزمات.

الشرعية الشعبية حيث تحظي حماس بدعم واسع من قطاعات كبيرة من الشعب الفلسطيني، وذلك بسبب تاريخها الطويل في المقاومة، وتعتبر الحركة رمزًا للثبات والمقاومة، وتعمل على تعزيز شعور الهوية الوطنية الفلسطينية، ودعم الشعب يعتبر أساسياً لنجاح حماس في تنفيذ سياساتها ومشاريعها.

استراتيجيات المقاومة المتطورة: قامت حماس بتطوير استراتيجياتها العسكرية بما يتناسب مع تقنيات الاحتلال، على سبيل المثال، قامت بتعزيز قدراتها على تصنيع الأسلحة المحلية واستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الطائرات المسيرة، مما يظهر أن حماس مستعدة لمواجهة التحديات المتطورة.

تأثير استهداف قيادات حماس

استشهاد القادة كمحفز: يمتلئ تاريخ حماس بقصص استشهاد قيادات بارزين مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وهذه العمليات لم تؤثر سلبًا على الحركة، بل زادت من روح التحدي والعزيمة لدى المقاومين، فعلى سبيل المثال، بعد استشهاد أحمد ياسين في عام 2004، شهدت حماس زيادة في العمليات العسكرية والنشاطات المقاومة، حيث اعتبرت أن استشهاد قادتها كان دافعًا لتعزيز جهودها.

تسليم القيادة للجيل الجديد: بعد استشهاد القادة، تتجه حماس لتسليم المسؤوليات للقيادات الشابة، مما يعزز من روح التجديد والابتكار داخل الحركة، على سبيل المثال، بعد استشهاد الرنتيسي، تولى عدد من القيادات الشابة، إسماعيل هنية وخالد مشعل ويحيى السنوار وغيرهم، زمام الأمور، واستمروا في دفع الحركة نحو النجاح والابتكار في استراتيجيات المقاومة.

إلهام الأجيال الجديدة: تكررت الأحداث الدموية، مما ألهم الشباب الفلسطيني للانخراط في المقاومة، عبروا عن التزامهم من خلال تنظيم احتجاجات ومظاهرات، مما يُظهر قوة الروح المقاومة. قاد ذلك إلى تأسيس مجموعات جديدة في حماس تسعى لتحقيق أهداف المقاومة.

زيادة الدعم الدولي: تصاعدت التظاهرات العالمية بعد استشهاد القيادات، حيث أظهرت قوى دولية تضامنها مع القضية الفلسطينية، مما ساعد في استقطاب دعم أكبر من الدول العربية والعالمية.

تكاتف الفصائل: استهداف قيادات حماس غالبًا ما يؤدي إلى توحيد الصفوف بين الفصائل الفلسطينية الأخرى، وفي اللحظات الحرجة، تظهر حماس استعدادها للتعاون مع الفصائل الأخرى، مما يعزز من قوة المقاومة بشكل عام ويُظهر أن التحديات يمكن أن تحول إلى فرص لتقوية الصف الفلسطيني.

قصص الاستشهاد وتأثيرها على مقاومة الاحتلال
أحمد ياسين (1936-2004):
وُلِد أحمد ياسين في قرية الجورة، حيث واجه ظروفًا صعبة جعلته يتجه نحو العمل السياسي والمقاوم. أسس حركة حماس في عام 1987 بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

قصة الاستشهاد: استُشهد أحمد ياسين في 22 آذار/ مارس 2004، حيث تم استهدافه بواسطة طائرة هليكوبتر تابعة للاحتلال الإسرائيلي أثناء مغادرته المسجد بعد صلاة الفجر، وأصابت الصواريخ ياسين، الذي كان على الكرسي المتحرك، مما أسفر عن استشهاده مع اثنين من مرافقيه.

تأثير الاستشهاد: أثار استشهاد الشيخ أحمد ياسين موجة من الغضب والتضامن، حيث خرجت مظاهرات عارمة في جميع المدن الفلسطينية، والعربية مما أسفر عن تنفيذ سلسلة من العمليات الاستشهادية، والتي أسهمت في تعزيز دعم المقاومة وزيادة التجنيد في صفوف الشباب الفلسطيني، وتم تكثيف الهجمات على المواقع العسكرية للاحتلال، وتبنت حماس شعار "الثأر" كعنوان لمرحلة جديدة من المقاومة.




عبد العزيز الرنتيسي (1947-2004):
وُلِد الرنتيسي في قرية القزّازة، وهو طبيب وأحد أبرز قادة حماس، وكان له دور كبير في تنظيم الحركة.

قصة الاستشهاد: اغتيل عبد العزيز الرنتيسي في 17 نيسان / أبريل 2004 عبر صواريخ أُطلقت من طائرة مسيّرة أثناء مغادرته منزله في غزة. ترك استشهاده صدمة كبيرة في صفوف أنصار حماس، إلا أن اغتيال الدكتور الرنتيسي أدخل حركة حماس في مرحلة جديدة في تعاطيها مع سياسة الاغتيالات.

تأثير الاستشهاد: جاء استشهاده بعد أقل من شهر من استشهاد أحمد ياسين، مما أسفر عن تصعيد فوري في العمليات من قِبل حماس، حيث تعهدت الحركة بالثأر لروح قائدها. شهدت هذه المرحلة تصاعدًا في الهجمات على قوات الاحتلال وزيادة الدعم الشعبي للمقاومة، فلسطينيا وعربيا مما ساهم في تعزيز مواقف حماس في المشهد السياسي.


يحيى عياش (1966-1996):
وُلِد في قرية رافات، ويُعتبر من أبرز المهندسين العسكريين في حماس، حيث كانت له دور فعال في تطوير أساليب المقاومة.

قصة الاستشهاد
: اغتيل يحيى عياش في 5 كانون الثاني / يناير 1996 عبر تفجير هاتفه المحمول، وهي الطريقة التي استخدمها الاحتلال في عمليات الاغتيال، وخلف استشهاده فراغًا كبيرًا في صفوف المقاومة.

تأثير الاستشهاد: بعد استشهاد عياش، تم تصعيد العمليات الاستشهادية بشكل مكثف، وتواصلت العمليات الهجومية، حيث جددت حماس استراتيجياتها وقامت بتدريب المزيد من الشباب على أساليب المقاومة، وأُعلن عن موجة من العمليات الاستشهادية التي استهدفت جنود الاحتلال، مما عزز موقف حماس في الشارع الفلسطيني.




إبراهيم المقادمة (1955-2003):

وُلِد في مخيم الشاطئ للاجئين وكان من أبرز القادة العسكريين في حماس، حيث تولى مسؤوليات قيادية مهمة.

قصة الاستشهاد: استشهد في 8 تموز / يوليو 2003 خلال غارة جوية، حيث تم استهدافه بصواريخ استهدفت منزله.

تأثير الاستشهاد: استشهاد المقادمة أضاف دفعة قوية لحماس، حيث اتخذت الحركة خطوات متسارعة لتعزيز وجودها، وبرزت العديد من القادة الجدد مثل محمود الزهار، مما ساهم في تجديد القيادة وتنشيط العمليات العسكرية. تزايدت الجهود لإعادة تنظيم صفوف المقاومين، وبدأت مرحلة جديدة من العمليات العسكرية.


محمود أبو هنود (1973-2001):
وُلِد في مدينة نابلس وكان قائدًا ميدانيًا بارزًا في حماس، حيث ساهم في تنظيم العديد من العمليات ضد الاحتلال.

قصة الاستشهاد: اغتيل في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001 خلال عملية عسكرية استهدفت تجمعًا للمقاومين.

تأثير الاستشهاد: استشهاد أبو هنود أضاف دفعة قوية لحماس، مما دفع الحركة إلى تكثيف جهودها في تنفيذ عمليات عسكرية. تزايد الإصرار على تنفيذ عمليات اخري، مما زاد من التوترات بين الاحتلال والمقاومة.




 بذلك يؤكد التأريخ أن مزاعم الاحتلال ما هي إلا أحلام واهية بإنهاء المقاومة بمجرد استهداف واستشهاد قادتها، فسرعان ما تتحول تلك الدماء إلى وقود للصمود في وجه الاحتلال.