قالت مجلة
بوليتيكو، إن العقوبات التي تفرضها
إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، على
المستوطنين في
الضفة الغربية، لا تعني أي
شيء، لأنه كان من المفترض القيام بذلك منذ وقت طويل، لكن فات الوقت الآن.
وأوضحت في تقرير ترجمته "عربي21" أن إدارة
بايدن تأخرت بمعالجة تطرف المستوطنين وعنفهم في الضفة الغربية وأن الخطوات
التدريجية الأخيرة لمعالجة الوضع باتت المعركة فيها خاسرة.
وقالت إن الولايات المتحدة اتخذت في الفترة الأخيرة خطوة في الشرق الأوسط
غابت وسط هدير الصواريخ الإيرانية وزحف
القوات الإسرائيلية؛ فقد فرضت عقوبات اقتصادية على "فتية التلال"، وهي
مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين الذين يهاجمون الفلسطينيين بشكل روتيني في
الضفة الغربية.
وهي الخطوة الأحدث في سلسلة من العقوبات التي فرضها الرئيس جو بايدن
على المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين خلال العام الماضي بينما كانت إسرائيل تخوض
حربا في غزة، وفي وقت غرقت فيه الضفة الغربية بشكل أعمق في العنف والاحتلال.
وتعلق بأن الاستماع إلى كبار مساعدي بايدن وهم
يتحدثون عن هذه الجهود هو "بمثابة سماع أشخاص فخورين جدا بأنفسهم. ويمكن أن
تشمل العقوبات تجميد أموال المجرمين المزعومين في محاولة من إدارة بايدن إظهار أنها
تتصرف بنزاهة في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وتظهر أنها جادة عندما تتحدث عن
إنشاء دولة فلسطينية، رغم الاعتراض الإسرائيلي الشديد".
وتساءلت: "لماذا لم تفعلوا هذا منذ سنوات؟.. فكل الاتجاهات التي نتحدث عنها في الضفة الغربية كانت موجودة في ذلك
الوقت ولو تحركت الإدارة بسرعة، فربما كان الشرق الأوسط اليوم أقل فوضى".
وقال خالد الجندي، الزميل في معهد الشرق
الأوسط، إن "الضفة الغربية هي آخر بقايا الدولة الفلسطينية التي لم يتم
تدميرها أو إزالتها من على الطاولة بعد إذا سقطت، وإذا سيطرت المستوطنات على كل
شيء، فلن يكون هناك حتى ادعاء بدولة فلسطينية". وإذا فقد الفلسطينيون هذا
الأمل في تحقيق الدولة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الصراع الذي يكمن في
جذور القتال الحالي في غزة، وهو الصراع الذي ظل على مدى عقود بين الفلسطينيين
والإسرائيليين على نفس الأرض.
وقالت المجلة: "يعني هذا تضاؤل فرص تحقيق
سلام دائم في الشرق الأوسط وتسوية عادلة، ذلك أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يغذي
الكثير من المظالم في المنطقة، بما فيها السخط على الولايات المتحدة المتهمة
بالتحيز لإسرائيل، رغم زعم إدارة بايدن أن الحل هو في دولتين جنبا إلى جنب".
وأضافت: "اليوم، يراقب العديد من هؤلاء
المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، الضفة الغربية وهي تنهار بحركة بطيئة، جنبا إلى جنب
مع انهيار حلم فلسطين المستقبلية".
واعترف أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن، طلب عدم الكشف عن هويته، بأن
"المؤشرات كلها سلبية حقا".
وأوقفت إسرائيل تصاريح العمل لآلاف
الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين كانوا يعملون في الداخل وشن الإسرائيليون
مئات الغارات في أنحاء الضفة لمواجهة ما يقولون إنه تصعيد للنضال الفلسطيني، ما
أدى في كثير من الأحيان إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية. واستشهاد أكثر من
700 فلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وفي الوقت نفسه صعد المستوطنون
المتطرفون، الذين يريدون ضم الضفة الغربية من هجماتهم ضد الفلسطينيين، خاصة في
الأشهر التي تلت هجمات العام الماضي.
وقد أدت هذه الهجمات إلى إفراغ القرى
الفلسطينية، وقتل العديد من الفلسطينيين وسلبت آخرين مواشيهم ومحاصيلهم وغيرها من
سبل العيش.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن قوات
الاحتلال
اكتفت في معظم الأحيان بمراقبة الهجمات أو شاركت فيها. وفي الوقت نفسه، كشفت
الحكومة الإسرائيلية عن خطط لمصادرة مزيد من الأراضي وتوسيع المستوطنات في الضفة
الغربية.
وتضيف أن بعض وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة
يحاولون معاقبة السلطة التي تدير أجزاء من الضفة، اقتصاديا. ورفضوا في عدة مرات
تقديم موارد المقاصة الضريبية إلى السلطة. وهدد الوزراء اليمينيون المتطرفون
بمنع البنوك الإسرائيلية من التعامل مع البنوك الفلسطينية، وهي خطوة قد تسحق
اقتصاد الضفة الغربية.
ولم تخف مثل هذه الشخصيات رغبتها في ضم الضفة
الغربية إلى "إسرائيل الكبرى" التي تشمل حتى الأردن.
وتعلق توسي بأن الإسرائيليين المصدومين من هجمات
تشرين الأول/ أكتوبر باتوا ينظرون إلى الضفة كمصدر للتهديد المحتمل، ونقلت عن مسؤول
بارز قوله إن إيران تهرب أسلحة إلى الضفة. ويحمل المسؤولون الإسرائيليون اللوم الكبير
للسلطة التي تعاني من خلل وظيفي ولا تحظى بشعبية.
وتقول المجلة إن المدافعين عن السلطة، وأنها
تقوم بإصلاحات، يقولون أيضًا إن إسرائيل يجب أن تساعد في تقوية السلطة الفلسطينية
لتصبح شريكا موثوقا به، وليس إضعافها أكثر. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن الضفة
الغربية وغزة هما جزء لا يتجزأ من الدولة
المستقبلية. لكن غزة أصبحت الآن كومة من الأنقاض ومن المؤكد نشوء شكل ما من أشكال
الاحتلال الإسرائيلي هناك.
إن الاحتلال الإسرائيلي المتعمق في الضفة
الغربية يعني المزيد من الألم والتحدي. ونقلت المجلة عن خافيير أبو عيد، المستشار
السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعيش في الضفة الغربية: "إننا نشعر
بالإحباط، لكننا لسنا مهزومين" و"نحن السكان الأصليون في الأرض. قد
ينجح الإسرائيليون في مقاطعة حل
الدولتين، لكنهم لن يمحونا".
وتعلق المجلة بأن هذه الاتجاهات كانت حاضرة في
الضفة قبل هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فعنف المستوطنين في تصاعد مضطرد وظل الجيش
الإسرائيلي حاضرا ونشطا في الضفة، فيما هدد الوزراء المتطرفون بقطع تمويل السلطة
وقبل بداية الحرب. وقال بعض النقاد إن احتلال إسرائيل للضفة الغربية أصبح بمثابة ضم
فعلي، فيما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك ووصفوا الوضع بأنه فصل عنصري.
وشعرت إسرائيل بأن يدها مطلقة في الضفة الغربية
أثناء رئاسة دونالد ترامب، فمن بين الخطوات الأخرى المؤيدة لإسرائيل، قطع ترامب
الأموال الأمريكية والعلاقات مع الفلسطينيين. وقد عكس وزير خارجيته موقف الولايات
المتحدة القائم منذ فترة طويلة بإعلانه أن أمريكا لم تعد تنظر إلى المستوطنات
الإسرائيلية في الضفة الغربية على أنها تتعارض مع القانون الدولي.
وفي الوقت الذي تحركت فيه إدارة بايدن ضد
المستوطنين المتهمين بالعنف، بدءا بحظر التأشيرات على المستوطنين المتطرفين في
أواخر العام الماضي والعقوبات في شباط/ فبراير، فقد كان معظم الإسرائيليين غاضبين من
هجوم حماس لدرجة أنهم لم يهتموا كثيراً بالرأي الأمريكي ولم يتمكنوا من تفهم قيام
دولة فلسطينية.
ولم يغب عن الفلسطينيين أيضا أن بايدن، الذي
كان يترشح لإعادة انتخابه آنذاك، فرض العقوبات عندما كان من الواضح أنه قد يخسر
عددا كبيرا من الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتأرجحة.
وتقول إنها سألت هذا الصيف، مستشار الأمن
القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان الذي شارك في منتدى آسبين الأمني: "لماذا لم تفرض
إدارة بايدن عقوبات على الضفة الغربية قبل سنوات؟"، رد سوليفان بأن السؤال هو بمثابة
"إطراء" وإشارة إلى أن فريقه "يفعل الشيء الصحيح". مضيفا أن "الحقيقة هي أننا فعلنا ذلك ولم يفعله أحد قبلنا".
وأكد كبار المسؤولين في إدارة بايدن أن المزيد
من العقوبات على المستوطنين قادمة، وأن وزراء حكومة اليمين المتطرف لدى الاحتلال قد
لا يكونون في مأمن منها.
وتستدرك قائلة: "لكنني أسمع أيضا انتقادات
من الفلسطينيين ونشطاء حقوق الإنسان مفادها أن الإدارة تتحرك ببطء شديد، وبشكل
تدريجي للغاية، ومن المرجح أن تقوم الرموز المستهدفة بالعقوبات بتحويل أصولها
المالية بطرق يمكن أن تحميها من العقوبات".
وفي النهاية فالإدارة الأمريكية ليست متأخرة
بالرد بل وكأنها لا تفعل أو تفعل أقل مما ينبغي عليها فعله.