ملفات وتقارير

كيف انهارت مبادرة مسؤول إماراتي لنبذ الخلاف مع السعوديين؟.. صراع مشتعل

عبد الله آل حامد أثار جدلا واسعا خلال الشهور الماضية- حسابه الرسمي
اشتعل الخلاف مجددا بين حسابات سعودية وأخرى إماراتية في موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، بعد انهيار مبادرة مسؤول إماراتي لوقف التراشق الإعلامي بين الطرفين.

نهاية آب/ أغسطس الماضي، أطلق رئيس المكتب الوطني للإعلام في الإمارات، عبد الله آل حامد، مبادرة تهدف إلى "حظر الذباب الإلكتروني" وأصحاب "الحسابات المشبوهة" لوقف التراشق الإعلامي بين حسابات سعودية وأخرى إماراتية في مواقع التواصل.

المبادرة التي أطلقها آل حامد لم تدم سوى بضعة أيام، ليعود التراشق بين الطرفين بوتيرة تصاعدية أعلى من السابق.

آل حامد الذي يترأس مجلس إدارة "مجلس الإمارات للإعلام"، دعا في سلسلة تغريدات عبر "إكس" إلى عدم التعاطي مع الحسابات التي تحمل أسماء وهمية وتشتم الإمارات لحساب السعودية، أو العكس.

وقوبلت دعوة آل حامد بترحيب إماراتي وخليجي، إلا أن حسابات سعودية بدأت بمهاجمته بشكل مباشر، واتهامه بـ"الكذب والتزييف".

وسأل حساب سعودي المسؤول الإماراتي عن عدم ردع أبو ظبي للمغرد المثير للجدل حمد المزروعي، الذي يشتم السعودية وفلسطين بشكل متكرر، ليجيب آل حامد بأن المزروعي ليس إماراتيا، ولا يتواجد في الدولة.

والمثير للجدل أن عبد الله آل حامد قام بحذف تغريدته، وأبقى عشرات الردود غيرها التي تخص مغردين آخرين مثل "ماجد المزروعي" والذي قال أيضا إنه ليس إماراتيا.

احتقان السعوديين تضاعف بعد تفاعل حسابات خليجية مع مبادرة الإماراتي آل حامد، إذ زعم سعوديون أن رئيس هيئة الترفيه والمستشار في الديوان الملكي تركي آل الشيخ هو من بادر بإطلاق مبادرة وقف الإساءات بين الخليجيين.

وفي العاشر من آب/ أغسطس الماضي، نشر آل الشيخ تغريدة دعا فيها المغردين الخليجيين إلى عدم الدخول في سجالات علنية، والإساءة لبعضهم البعض، إلا أنه لم يكشف عن مبادرة واضحة كما قام آل حامد بذلك.



ربطه بـ"داعش"
فاجأت حسابات سعودية متابعيها، بفبركة فيديوهات تربط المسؤول الإماراتي عبد الله آل حامد بتنظيم الدولة "داعش".

واستغلت الحسابات نشر آل حامد مشاهد استعراضية عديدة له، تظهر استعراضه بالأسلحة، واهتمامه برياضة بناء كمال الأجسام.

ووضع مغردون سعوديون هذه المشاهد على مشهد مفبرك يظهر آل حامد بزي تنظيم الدولة وهو يحمل سكينا بالتزامن مع تسجيل صوتي له يقول فيه إن أخاه إن لم يمش على الطريق الصحيح فسيقوم بنحره.

"صعاب السعوديين"
على الجانب الإماراتي، أثار حساب يحمل اسم "صعاب السعوديين" سخطا واسعا داخل السعودية، لا سيما أنه لم يتوقف يوما عن مهاجمة المملكة حتى خلال أول أيام مبادرة عبد الله آل حامد.

الحساب الذي ينشر بشكل يومي مشاهد مسيئة للسعوديين، ويتهمهم بالعنصرية، ويتهم الحكومة السعودية بـ"الفشل"، زعم مغردون أنه يدار من قبل مواطن إماراتي.

ونشرت حسابات سعودية صورة لشخص قالت إنه مواطن إماراتي من إمارة الشارقة يدير حساب "صعاب السعوديين"، نافية أن يكون من يقف خلف الحساب مغرد كويتي كما أشيع سابقا.

وأثار الحساب وغيره من الحسابات الإماراتية حفيظة السعوديين بشكل كبير، حينما تفاعلوا مع فيلم "حياة الماعز" الذي يصف الإساءة للعمالة الوافدة في المملكة.


"فتور ملحوظ"
تمر العلاقات السعودية الإماراتية على المستوى الرسمي بفتور ملحوظ، رغم عدم وجود أي خلاف معلن على المستوى الرسمي.

ومنذ نحو عامين، انخفض مستوى الزيارات الرسمية بين قادة البلدين، وهو ما دفع وسائل إعلام غربية إلى الحديث عن وجود خلافات عميقة غير معلنة بين الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وبدا جليا أن أزمتي اليمن والسودان سببتا شرخا كبيرا في العلاقة بين الرياض وأبو ظبي، إذ تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وقوات الدعم السريع في السودان، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى فرض دبلوماسيتها في الخرطوم، ودحض مساعي الانفصال جنوب صنعاء.

صيف العام الماضي، قال عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمد آل زلفة، إن الإمارات تحاول أداء دور أكبر من حجمها في اليمن، مضيفا في تصريحات تلفزيونية أن أبو ظبي انسحبت عسكريا من اليمن بطريقة غير محسوبة.

وحول طموح الإمارات بانفصال جنوب اليمن، وبسط نفوذها على جزر يمنية، قال آل زلفة: "يبدو أن الإمارات ذهبت بعيدا في مشاريعها أكثر من قدراتها، وأكثر من إمكانياتها".

وأضاف: "لا نستطيع أن نقارن بين السعودية والإمارات، لا سيما أنها كانت تريد منافسة قطر في التدخل بقضايا دولية وإقليمية، وللأسف أن هذه الدول أقحمت نفسها بقضايا أكبر من حجمها مع احترامي وتقديري لحجم أي دولة بصرف النظر عن عدد سكانها".

فيما رد الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله بشكل صريح؛ قائلا إن "وحدة اليمن لم تكن ضمن أولويات التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن".

ودخل مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش على خط الأزمة، بتغريدة قال فيها إن "مواقف الإمارات اتسمت دائما بالشجاعة والأصالة، والتقييم الاستراتيجي الذي يرى أن أمن واستقرار وازدهار المنطقة كل لا يتجزأ".

وفي رسالة إلى السعودية دون تسميتها، قال قرقاش: "تبقى هذه رؤيتنا حتى وإن تغيرت الظروف والأدوات، وتبقى مواقفنا مع الأشقاء والأصدقاء راسخة و مستمرة. الإمارات لا تتغير وتسمو فوق منطق القيل والقال".

"الياسات" أحدث الخلافات
مع مطلع العام 2024، تجدد خلاف قديم بين السعودية والإمارات، يتعلق بمحمية الياسات البحرية، المتنازع عليها بين البلدين.

ويعود الخلاف التاريخي بين البلدين إلى سنوات طويلة، فبالرغم من توقيع اتفاقية جدة عام 1974، والتي قضت بتنازل السعودية عن جزء من واحة البريمي، مقابل تنازل الإمارات عن 50 كم من ساحلها، وتنازلها عن حقل الشيبة النفطي (ينتج نحو 500 ألف برميل يوميا)، فإن الخلافات استمرت بين الطرفين.

واتهمت الرياض في خطاب موجه للأمم المتحدة أبوظبي بالتعدي على حدود المملكة، عبر إصدار السلطات الإماراتية مرسوما أميريا عام 2019، يعلن الياسات “منطقة بحرية محمية”.

وأكدت السعودية رفضها هذا الإعلان، وأنه لا يعتد به ولا تعترف به، ولا تعترف بأي أثر قانوني له، مبينة أنها تتمسك بحقوقها ومصالحها كافة، وفقا للاتفاقية المبرمة بين البلدين في العام 1974 والملزمة للبلدين وفقا للقانون الدولي.

فيما ردت الإمارات في أيار/ مايو الماضي، برسالة إلى الأمم المتحدة قالت فيها إنها "لا تعترف للسعودية بأي مناطق بحرية أو حقوق سيادية أو ولاية بعد خط الوسط الفاصل بين البحر الإقليمي لدولة الإمارات والبحر الإقليمي للسعودية المقابل لمحافظة العديد".

وجاءت رسالة الإمارات كرد على رسالة سعودية في 16 أيار/ مايو الماضي، تم إرسالها إلى الأمم المتحدة أيضا بذات الخصوص.

وكان لافتا تجديد الإمارات التأكيد على عدم رضاها عن الاتفاقية الحدودية الموقعة بين البلدين عام 1974.

وقالت إن مسؤوليها وشيوخها بدأوا من 1975 بمخاطبة السعودية في عهد الملك خالد بن عبد العزيز
ومن تبعه، بأن بعض بنود الاتفاقية الحدودية بين البلدين غير قابلة للتنفيذ.