تزايدت الأقاويل والتساؤلات حول مدى تأثر شعبية الرئيس الأمريكي السابق ومرشح الحزب الجمهوري للانتخابات المرتقبة بعد تعرضه لمحاولتي اغتيال خلال حملته الانتخابية الجارية.
وقالت صحيفة "
لوبوان" الفرنسية في تقرير ترجمته "عربي21": إنه "منذ بداية الحملة، لم يتوقف دونالد
ترامب في مقابلاته ورسائله على الإنترنت وحتى لقاءاته، عن التبشير بالانتقام البغيض من جو بايدن ثم كامالا هاريس، خصميه المتعاقبين اللذين أصبحا أعداءه. وكلاهما متهمان بسرقة الانتخابات الرئاسية لسنة 2020 منه".
وأضافت الصحيفة أن "الأخطر من ذلك، ربما للمرة الأولى منذ الحرب الأهلية الأمريكية، أن يرى المواطنون الأمريكيون أن الشخص الذي يطمح إلى أعلى منصب في بلادهم يشكك في الديمقراطية، من خلال الإشارة أولا إلى أنه، في اليوم الأول من ولايته على الأقل، لن يمتنع عن التصرف مثل الديكتاتور".
وبين أنه "من خلال التهديد بأشد العقوبات على كل من انتقد رفضه العنيد لقبول هزيمته في 2020، سيتم طرد أكثر الموظفين تواضعا من الإدارة دون مزيد من اللغط. أما الآخرون، فهم كل الذين خانوه حيث سيتم تقديمهم إلى المحاكم".
"حمام دم"
وبينت الصحيفة أن ترامب اتهم مؤخرًا الديمقراطيين بتنظيم انقلاب حقيقي من خلال حرمانه من الخصم الذي كان يعلم أنه كان في متناول يده بسهولة (جو بايدن) ليحل محله. على منصة "تروث سوشيال" الخاصة به، كان تهديده الأخير يوم السبت ضد بايدن وهاريس بالتوعّد بـ "عقوبات سجن طويلة مقابل خداعهما وغشهما".
وقد سبق هذه الهجمات الشخصية وغير المسبوقة في دولة ديمقراطية ضد المنافسين السياسيين تحذير أكثر عالمية وأكثر فظاعة، صدر قبل سنة، خلال اجتماع في دوبوك بولاية أيوا: لأنه في حالة حدوث ذلك، وهو أمر غير محتمل بالنسبة له، يمكن أن يحدث "حمام دم".
وأوردت الصحيفة أنه منذ أن كان في الحملة الانتخابية، مدفوعا بروح الانتقام المجنونة، لم يتردد دونالد ترامب أبدا في تأجيج التوترات السياسية، الموجودة بالفعل. وحتى لو كان مناخ التوتر الذي خلقه على هذا النحو غير منفصل عما حدث للتو مرة أخرى، فمن الواضح أن أيا من تجاوزاته لا تبرر محاولتي الاغتيال اللتين نجا منهما في أقل من شهرين، حيث تعد العملية الأولى الأكثر إثارة للقلق لأن الرصاصة أوشكت على إصابته في رأسه.
وبفضل يقظة ضباط الشرطة المسؤولين عن حمايته، تم إحباط التهديد الثاني بمحاولة اغتيال الرئيس السابق، لحسن الحظ، حتى قبل أن يتمكن مطلق النار من استخدام سلاحه. بعد ظهر يوم الأحد 15 أيلول/ سبتمبر، بينما كان دونالد ترامب يلعب جولة غولف في الملعب الخاص به في ويست بالم بيتش، رصد أحدُ ضباط الخدمة السرية الذي كان يقوم بمسحٍ أمنيٍّ على بُعد بضعة ثقوب أمامه، فوهةَ بندقية في أحد البساتين القريبة من الملعب. ودون تردد، أطلق النار في اتجاه التهديد المحتمل.
وأدى ذلك إلى فرار المشتبه به بسيارة نيسان سوداء، قبل أن يتمكن من إطلاق رصاصة واحدة. ولحسن الحظ، رأى أحد المارة، الذي سمع طلقات ضابط الشرطة، الهارب وكان حاضرا لالتقاط صورة لسيارته. مما جعل من الممكن إيقافه على بعد 45 ميلا.
مناخ غير ملائم
أبرزت الصحيفة أن مطلق النار المشتبه به يدعى رايان ويسلي روث، ويبلغ من العمر 58 سنة، وقد وُصف بشخصيته الغريبة على أقل تقدير. كعامل في مجال البناء، تصدر عناوين الصحف لأول مرة في سنة 2002، في جرينسبورو بولاية نورث كارولينا، بسبب تحصين نفسه بسلاح نصف آلي لأسباب لا تزال غامضة، دون عواقب جنائية خطيرة بالنسبة له.
ثم في سنة 2023، ظهر مرة أخرى في كييف، حيث ادعى أنه جمع "فرقة من المرتزقة الأفغان، واللاجئين السياسيين، للقتال إلى جانب الأوكرانيين ضد المعتدين الروس..." ويبدو أنه صوت لصالح ترامب في سنة 2016 ولبايدن في سنة 2020.
من الواضح أن الجمهوريين سيتذكرون من هذه المحاولة الثانية التي أفلت منها بطلهم أن الحظ معه وأنه سيكون من العار تفويت فرصة أن يكون على رأس البلاد رجل مثله. ومن جانبهم، لن يفشل الديمقراطيون في استخراج السيرة الذاتية لمطلق النار ــ الذي لا يزال مفترضا ــ والتي تشير إلى أنه كان بلا شك مضطربا عقليا بعض الشيء. وهو ما يؤكد مرة أخرى الخطر الذي يمكن أن يتمثل في المقام الأول في الحفاظ على مناخ غير ملائم، كما حدث لترامب.
لكن هذه المأساة التي تم تجنبها لم تمنع دونالد ترامب من السعي للاستفادة منها باتهام خصومه بالأعمال الشائنة التي طالته. وأعلن دون أن يرف له جفن أن "خطاب خصومي هو الذي يتسبب في استهدافي وإطلاق النار علي".