سياسة دولية

خطة "الجنرالات" للقضاء على المقاومة.. تجويع وإبادة بهدف التهجير

الوثيقة جاءت بعد فشل الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه في غزة- الصحفي يونس الطبراوي
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية عن وثيقة اعتمدها منتدى الجنرالات والمحاربين بمبادرة من الجنرال المتقاعد غيورا إيلاند، تتضمن خطة للقضاء على حركة حماس في غزة.

ورفعت الوثيقة إلى الوزراء وأعضاء الكابينت؛ سعيا لمناقشتها وإقرارها، ولإصدار الأوامر للجيش بتطبيقها ميدانيا ومن دون تردد، بحسب الصحيفة التي ذكرت أنها جاءت بعد مقتل الأسرى الستة في رفح، وفشل الاحتلال بتحقيق أهداف الحرب.

وذكرت الوثيقة، أنه "بالرغم من الضربات التي تلقتها حماس من العمليات العسكرية الإسرائيلية، فإنها لا تزال قادرة على ترميم ذاتها وتجنيد مقاتلين، كما أنها قادرة على توفير الوسائل القتالية، وتسيطر فعليا على توزيع الغذاء للسكان. كما تعود وتسيطر على كل موقع يخرج منه الجيش".


ويرى الجنرالات -بحسب الوثيقة- أن السبيل لمنع حماس من كل ذلك، ولتحطيم قدرات الحركة على إعادة ترميم قدراتها، يتطلب الخطوات الأربع التالية: منع الأموال، تدمير قدرة حماس على تجنيد عناصر جديدة، ضرب الإمدادات، والقضاء على الحوافز لمواصلة القتال والحكم".

وتنطلق الوثيقة من أنه "ما دامت حركة حماس تسيطر على المساعدات الإنسانية، فلن يكون بالإمكان القضاء عليها".

وبحسب الجنرال غيورا ايلاند الذي صاغ الوثيقة، فإن "كل السكان الغزيين المتبقين في المنطقة شمالا من محور نتساريم بما فيه غزة المدينة، والبالغ عددهم نحو 300 ألفا بعد تهجير الغالبية العظمى من السكان نحو الجنوب، سوف يتم إصدار الأوامر لهم بالنزوح فورا عن طريق ممرات يوفرها الجيش وتحت حراسته".

وبينت الوثيقة، أنه "بعد أسبوع من أوامر الإخلاء، يتم فرض الحصار العسكري الذي لا يتيح لمن يتركوا أي مقومات للعيش، بل يترك لكل من يبقى، باعتبارهم وفقا للوثيقة من عناصر حماس، خيارا واحدا، وهو أما الاستسلام أو الموت".

وفقا للجنرال ايلاند، "فإن التجويع حتى الموت هو سيد الموقف، حيث يؤكد أن الصفقة الأولى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 تكللت بالنجاح، وذلك "لأن إسرائيل أدخلت للقطاع فقط حافلتي مساعدات اثنتين يوميا".


ويراهن كتاب الوثيقة على أنه لا يوجد ما تخشاه حماس أكثر من "حكم بديل وجماهير غاضبة [نتيجة للتجويع".

كما يؤكد ايلاند، والذي شغل في السابق منصب رئيس قسم العمليات، وكذلك رئيس مجلس الأمن القومي، أن المقترح "لا ينتهك القانون الدولي كونه يتيح للسكان الخروج" قبل بدء الحصار المطبق".

وذكر الجنرال حيزي نحاما رئيس منتدى الجنرالات، أن "الخطة هي الوصفة المؤكدة لهزيمة حماس والقضاء عليها، وكان من المفترض أن يتم تطبيقها منذ أشهر، في إشارة إلى مشروع وزير الحرب غالانت التجريبي الذي سعى لتطبيقه على حي الزيتون في مدينة غزة قبل نصف عام، ثم أخفق".

وانتقدت الوثيقة وزير الحرب غالانت وقائد الأركان هليفي، في إشارة إلى تردد كل منهما، "إن من لا يستطيع تطبيق المخطط، يخون وظيفته، ولن يكون بمقدره قيادة الجيش والدولة إلى الانتصار على حماس".

بدورها، قالت صحيفة "هآرتس" إن خطة الجنرالات تشكل قوة ضاغطة على الحكومة وحصريا على المجلس الوزاري المقلص للشأن السياسي-الأمني (الكابنيت)، ويبدو أنها بإيحاء من نتنياهو وتتوافق مع رؤيته بالكامل. وتمنحه مصداقية إسرائيلية أمنية في مساعيه لأقصاء قادة الجيش والشاباك ووزير الحرب.

وأضافت، أن تحفظ الجيش كان من الخطة التي بادر إليها وزير الحرب غالانت قبل نحو نصف عام بشأن مشروع احتلالي تجريبي في حي الزيتون في مدينة غزة، ودعوة الجيش في حينه إلى إعادة النازحين أو جزء منهم إلى شمال القطاع، وذلك تحسبا من ملاحقة قياداته قضائيا ومن قبل محكمي الجنايات الدولية.

وتابعت الصحيفة تعليقا على الوثيقة: "في أعقاب مؤتمره الصحفي في الثاني من أيلول/ سبتمبر، والذي شكل ذروة كسب التماهي الشعبي معه منذ بداية الحرب، أصدر نتنياهو أوامره لقيادة الجيش، ومتجاهلا صلاحيات وزير الأمن، باتخاذ الإجراءات لتحمل المسؤولية في موضوع توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.

وكانت الحكومة قد اتخذت من قبل قرارا بتعيين جنرال يشرف على توزيع "المساعدات الإنسانية"، وهو وظيفة موازية للإدارة المدنية الاحتلالية في الضفة الغربية ومنسق أعمال الحكومة فيها.

وكان في تسويغ القرار السعي إلى تحطيم قدرات حماس السلطوية والتحكم بالمساعدات الدولية وتوزيعها وخلق قيادة محلية بديلة "غير معادية لإسرائيل".

ويستدل من قرار نتنياهو أن قراره بصدد استدامة احتلال قطاع غزة مهما كان مصير الصفقة والهدنة، وفقا للصحيفة.

وتؤكد الوثيقة مجددا أن أداة السيطرة الاستراتيجية على قطاع غزة تمر من محور نتساريم (الموازي لوادي غزة) والذي يبتر القطاع شمالا وجنوبا، بخلاف ما يزعمه نتنياهو بصدد الأهمية الوجودية لإسرائيل بالسيطرة على محور صلاح الدين /فيلادلفيا على طول الحدود المصرية الفلسطينية في قطاع غزة.

وأوضحت "هآرتس" أن معنى تطبيق خطة الجنرالات هو استدامة الاحتلال الإسرائيلي المبني على تغيير خارطة التواجد السكاني الفلسطيني في القطاع، كما تعني السيطرة الإسرائيلية المطلقة على شمال القطاع وتدمير مدينة غزة واستيطان إسرائيلي للمنطقة التي تكون إسرائيل قد ضمتها فعليا.

وأشارت إلى أن خطاب التهجير والضم والاستيطان بات مجاهرا به وسائدا في السياسة الإسرائيلية، وهو يتكامل مع دعوة وزير الخارجية كاتس بتهجير سكان جنين ومخيمها، ليتحول التهجير إلى مشروع شامل للفلسطينيين في الضفة الغربية كما في غزة.

ووفقا للتوقعات، فإن احتمالية انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة تعيد إلى المقدمة مشاريع الضم والتهجير وفكرة الوطن البديل في الأردن، وفقا لروح الحكومة الحالية.

كما أن اعتراض الفلسطينيين في غزة على النزوح خارج الوطن والموقف المصري الحازم في حينه ضد التهجير عن طريق سيناء، قد جمدا المشروع الاحتلالي، لكنه لا يزال قائما في الذهنية الإسرائيلية الحاكمة، وفي أوساط واسعة من المعارضة أيضا.

وأوضحت الصحيفة، أن مثل هذا المخطط حتى وإن كان يمثل ذهنية متسيّدة في الحالة الإسرائيلية والنوايا من ورائه حقيقية، إلا أنه لا يعني أن إسرائيل تملك مفاتيح تطبيقه والقدرة على تهجير الفلسطينيين ما دامت إرادة الصمود قوية، فهي الحاسمة إلى حد كبير.


وخلصت الصحيفة، أن خطة الجنرالات بتهجير من بقوا في شمال القطاع والحصار القائل حتى الموت هو استكمال الحرب على غزة بذهنية أكثر إبادية ومع سبق الإصرار.

ومن الجدير أن تتابع الدبلوماسية الفلسطينية هذه الوثيقة، وأن ترفع دعوى أمام محكمة الجنايات الدولية تطالب بملاحقة المشرفين عليها ومن وراءهم.

كما يتطلب رفعها أمام محكمة العدل الدولية التي تنظر في حرب الإبادة ونوايا الإبادة.

وختمت الصحيفة قائلة، إن شعب فلسطين هو صاحب القول الفصل في تقرير مصيره وفي صموده، ورفض أي تهجير أو اقتلاع مهما كانت الاحتلال ومخططاته.