ملفات وتقارير

كيف ستؤثر عودة مرشحين بعد استبعادهم إلى السباق الرئاسي في تونس؟

تعلن هيئة الانتخابات عن القائمة النهائية للمرشحين في الثالث من أيلول/ سبتمبر القادم- جيتي
أشاعت القرارات النهائية للمحكمة الإدارية بتونس، خيوطا من الأمل الذي كان بالأمس القريب مفقودا، واعتبر خبراء أحكامها بعد توسيعها لقائمة المرشحين المقبولين للسباق الانتخابي المقرر في السادس من تشرين أول/ أكتوبر القادم بمثابة "الزلزال القضائي".

فبإعلان المحكمة الإدارية بصفة نهائية وباتة وفق ما ينص عليه القانون قبول طعون عدد من المرشحين، وهم من عائلات فكرية مختلفة،فإن ذلك قطع نهائيا مع فكرة مقاطعة الانتخابات وأدخل حراكا سياسيا كانت قد جمدته فترة ما بعد إجراءت 25 تموز/ يوليو، ومن بعد حدثي الاستفتاء والانتخابات التشريعية.

وقد قضت المحكمة بقبول طعون كل من المرشح عبد اللطيف المكي والمنذر الزنايدي وعماد الدايمي، وإعادتهم إلى السباق الرئاسي ليبلغ بذلك العدد ستة مرشحين حيث سبق وأن قبلت هيئة الانتخابات ترشح كل من قيس سعيد وزهير المغزاوي والعياشي زمال.

وينتظر أن تعلن هيئة الانتخابات عن القائمة النهائية للمرشحين في الثالث من أيلول/ سبتمبر القادم بعد يوم من إنتهاء آجال الانسحاب من السباق .

ماذا يقول القانون؟
وينص المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرّخ في 15 سبتمبر/ أيلول 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرّخ في 26 مايو 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، في الفصل الـ31 جديد، على أنّه "يُقبل المترشّحون الّذين تحصّلوا على حكم قضائيّ باتّ، وتتولّى الهيئة الإعلان عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيّا بعد انقضاء الطّعون".

 وأكد المحامي وأستاذ القانون عبد الوهاب معطر أن "هيئة الانتخابات ملزمة بتطبيق قرارات المحكمة الإدارية وأنه ليس لها أي سلطة على القائمة النهائية ".

وشدد معطر في توضيح قانوني لـ"عربي21"على أن "المحكمة الإدارية هي صاحبة الاختصاص الحصري في المادة الانتخابية" محذرا رئيس هيئة الانتخابات "من اللعب بالنار" وفق قوله.

ويأتي تحذير معطر ردا على تصريح رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر  الذي قال فيه: "سنأخذ بعين الاعتبار النصوص التي صدرت عن المحكمة الإدارية وأيضا الأحكام الجزائية الصادرة بخصوص تدليس التزكيات".
 
ونبه أستاذ القانون عبد الوهاب معطر  أعضاء هيئة الانتخابات من "الانجرار إلى هكذا منزلق سيرتد عليهم"،  على حد تعبيره .

وبعودة عدد من المرشحين إلى السباق أصبحت كل العائلات الفكرية السياسية حاضرة في الاستحقاق الانتخابي القادم؛ فالمكي يمثل الإسلاميين وكذلك الدايمي إلى حد ما.  أما الزنايدي فهو عن العائلة الدستورية ، فيما يمثل المغزاوي العائلة القومية العروبية ويعد الزمال وسعيد مستقلين.

تأثير وإرباك
واعتبر المحلل السياسي عبد الرزاق الحاج مسعود، أن "قرارات المحكمة الإدارية ليست فقط مؤثرة على المسار الانتخابي ، بل إنها مثلت الرافعة القانونية الأخيرة لمعركة استعادة دولة القانون والحد الأدنى الديمقراطي الذي كاد يزهد فيه الجميع".
 
وفسر الحاج مسعود في قراءة  لـ"عربي21" بالقول: "لقد كانت سلسلة  الإجراءات المجحفة التي اتخذتها هيئة انتخابات منحازة للسلطة القائمة ومصرّة على تحويل حق الترشح للرئاسة إلى مهمة مستحيلة".

وأشار الأستاذ الحاج مسعود إلى التحدي "المرهق" في جمع التزكيات، وهرسلة المرشحين والمتطوعين في حملات جمع التزكيات قضائيا.. قبل أن تختم مسار "المنع من الترشح" بإسقاط عدد من المترشحين بحجج أثبتت المحكمة الإدارية تهافتها".

وقال المحلل: "لهذه الأسباب ليس من المبالغة القول إن قرارات المحكمة الإدارية مثلت "ثورة القانون" ضد شعبوية زاحفة نجحت في إخضاع جزء من القضاء العدلي لإرادتها ( ملفات قضايا التآمر فارغة ومع ذلك تجاوز الموقوفون فيها كل الآجال القانونية للإيقاف)، ونجحت تقريبا في إخضاع الإعلام، وأغلقت الفضاء العمومي، وهاهي تفاجأ بأحكام المحكمة الإدارية ".

 وأكد الحاج مسعود أن "هذه الروح الاستقلالية التي تصرفت على هديها المحكمة الإدارية تربك حسابات السلطة طبعا وتصريح بوعسكر الأخير فيه ارتباك واضح ".

معادلة جديدة
بدوره قال الأستاذ الجامعي سفيان علوي، إن " قرارات المحكمة الإدارية لم تكن مفاجئة وتقرأ في أبعاد عدة  قانونية وسياسية ويصعب ترجيح واحدة على حساب الأخرى". 

 ورأى الجامعي علوي في حديث خاص لـ"عربي21" ، أن "المهم هو أن هذه القرارات خلقت معادلات جديدة وعززت أفق المشاركة على حساب المقاطعة، كما أنها عززت من دور المجتمع السياسي الحزبي على حساب فكرة تجاوز الوسائط".

وأكد علوي أن "القرارات عدلت من أفق تمثيل الأطياف السياسية الكبرى التي أقصتها الهيئة من المشاركة وفق تقديراتها الخاصة، وأتاحت للنخب هوامش تموقعات جديدة خارج الاستقطاب الحاد مع مسار 25 يوليو أو ضده".

ونبه الجامعي سفيان علوي إلى أنه "يبقى أن صدى هذه القرارات محدود داخل النخبة وتأثيره المباشر في العمق الشعبي ضعيف ما لم يقع فتح المنابر الإعلامية بشكل تعددي".