صحافة إسرائيلية

"تحول بموقف حماس".. ما هي أولويات الاحتلال بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟

تحولت مفاوضات صفقة التبادل في الأسابيع الأخيرة إلى مفاوضات "اليوم التالي" ولهذا السبب ستكون صعبة ومليئة بالأزمات- موقع جيش الاحتلال
يواصل الإسرائيليون انشغالهم بالحديث عن صفقة تبادل الأسرى مع حماس، مع تحول النقاش حول ما سيحدث في قطاع غزة في نهاية الحرب، والزعم بأن الحركة تضع الشروط التي تسمح لها بإعادة ترميم قدراتها في اليوم التالي، وسط مطالبات بأن يستغل الضغط العسكري لدعم مصالحه الأمنية الإسرائيلية، وأن يضع إطلاق سراح الأسرى أولا، ثم يذهب لمعالجة جبهة الشمال، طالما أن الجيش قادر على مواجهة ذلك، رغم الشكوك بنجاحه في التصدي لهذه التهديدات المتلاحقة.

وذكر الخبير العسكري الأبرز بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أنه "في الأسابيع الأخيرة، تحولت مفاوضات صفقة التبادل إلى مفاوضات "اليوم التالي"، ولهذا السبب ستكون صعبة ومليئة بالأزمات، وفوق كل شيء طويلة، بعد أن تحولت تحفظات ومطالب حماس من المساومة على إطلاق سراح المختطفين إلى مفاوضات حول ما سيحدث في غزة في نهاية المطاف، مع العلم أن ما تطالب به الحركة هي شروط تسمح لها ليس فقط بالبقاء كجيش منظم في القطاع، منهك لكنه لا يزال موجودا، ولكن يمكن استعادته أيضا".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "لهذا السبب تطالب حماس بأن يغادر الجيش ممر نيتساريم، مما سيسمح لأفرادها بإعادة أسلحتهم لمواقعهم في شمال غزة، والأهم أن الجيش لن يتمكن من الإشراف على محور فيلادلفيا، ومعبر رفح الذي تحصل حماس من خلاله على الذخيرة والمواد الأولية لإنتاج الذخيرة عبر سيناء، كما أن الالتزامات التي تطلبها حماس من الدول الوسيطة، الولايات المتحدة وروسيا والصين، بأن الاحتلال لن يستأنف القتال، تهدف لحرمانه من حرية العمل العملياتية في غزة في اليوم التالي". 

وأشار أن "ما توصف بالإنجازات التكتيكية الكبيرة التي تمكن الجيش من تحقيقها في غزة خلال الأشهر التسعة من القتال، سيحاول الاحتلال ترجمتها فعليا في المفاوضات إلى ثلاث مصالح: أولاها الحفاظ على منطقة الاستخبارات، والقدرة على جمع العملاء، والحفاظ على التفوق الاستخباراتي الضروري لمنع حماس من إعادة ترسيخ نفسها كجيش مسلح، وثانيها الحفاظ على الحرية العملياتية في غزة بعد خروج الجيش بكامل قوته، بالاستفادة من التفوق الاستخباراتي لإحباط الاستعدادات لتنفيذ هجمات جديدة: جوا وبرا وبحرا، أو الغارات البرية، وحفر أنفاق جديدة، وإنتاج أسلحة ومعدات ومتفجرات، وإحباط أي محاولة لإنشاء منظومة صواريخ جديدة". 

وأوضح أن "المصلحة الثالثة هي التوصل لاتفاق مع مصر بشأن التعاون الذي سيمنع تهريب الأسلحة والمواد الخام لإنتاجها، ومنع إطلاق الصواريخ، والحدّ من خروج ودخول سكان غزة الذين سيتدربون ويكتسبون المعرفة العسكرية في إيران، ومثل هذا التنسيق مع مصر يمكن أن يدفع الجيش لمغادرة محور فيلادلفيا، صحيح أن حماس لن توافق بسهولة على ذلك، لكن إذا أصر الاحتلال، فلن يكون أمامها خيار آخر، وقد يصدر منها مزيدا من المرونة؛ لأن الضغط العسكري بدأ يظهر علاماته بالفعل".
 
وزعم أن "صفقة التبادل هي الأولوية الأولى، فلا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي عندما يعاني عشرات المختطفين، وتكون حياتهم في خطر، وعلينا فعل كل ما بوسعنا، بما في ذلك التنازلات المؤلمة، لتحريرهم، أحياء وأمواتا، كي نعيد الثقة التي تآكلت تماما بين المجتمع والحكومة، أما الأولوية الثانية فهي استكمال المهمة في غزة المتمثلة بتدمير الغالبية العظمى من الأنفاق الاستراتيجية، ونظام إدارة القتال الضخم تحت الأرض الذي بنته حماس، مما سيحرمها من شن حرب عصابات قوية ضد قوات الجيش، ويضطرها للعمل فوق السطح، ليصبح مقاتلوها فريسة لنيرانه الهائلة، تمهيدا لتجريدها من بنيتها التحتية وقدرتها التكتيكية على إدارة القتال". 

وأشار إلى أن "الأولوية الثالثة المهمة هي البدء بإنشاء النظام "الإدارة المدنية" في غزة بالتعاون مع الجهات الدولية، بمنح سكانها فرصة إدارة مشاريع مختلفة لإعادة تأهيل أنظمة الصرف الصحي والمرور بأنفسهم؛ توزيع المساعدات الإنسانية من خلال كيانات محلية ليست من حماس؛ ومنع عناصرها من التدخل في عملهم".

تكشف هذه المهام الإسرائيلية في غزة المتمثلة في إطلاق سراح المختطفين، والإطاحة بحماس، وتحييد باقي التهديدات في الشمال والشرق عن جدول أعمال عسكري مزدحم أمام الاحتلال في الأشهر المقبلة، وسط خلافات عاصفة في الحلبة السياسية والحزبية، الأمر الذي قد يضع عقبات أمام تنفيذ تلك المهام، ووسط المزيد من تآكل الشرعية الدولية التي حصل عليها الاحتلال في بداية الحرب، مما سيضرّ بأمنه لعقود قادمة، وفق اعترافات الإسرائيليين أنفسهم.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع