مع قرب موعد
الانتخابات الرئاسية في
موريتانيا، احتدم السجال بين اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (جهة الإشراف على العملية الانتخابية) والمعارضة، وسط قلق عبر عنه مرشحو
المعارضة من عجز اللجنة عن منع تزوير الانتخابات.
وتُنظم الحملة الانتخابية الممهدة لرئاسيات موريتانيا بين 14 و27 حزيران / يونيو، على أن تجري الانتخابات في 29 من الشهر نفسه، وفي حال وجود جولة ثانية ستكون في 13 تموز/ يوليو المقبل.
ويتنافس في هذه الانتخابات 7 مرشحين، بينهم الرئيس الحالي المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، وزعيم المعارضة حمادي ولد سيدي المختار، بالإضافة إلى الناشط الحقوقي المعارض بيرام الداه اعبيد، والنائب البرلماني العيد ولد محمد.
كما يخوض السابق الرئاسي أيضا الطيب أتوما سوماري، والسياسي مامادو بوكاري، والمفتش بوزارة المالية الشاب المترجى ولد الوافي.
في المقابل، رفض المجلس الدستوري ملف ترشح الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المسجون بتهم الفساد، حيث سمح القضاء له بمغادرة السجن لإيداع ملف ترشحه، غير أن المجلس الدستوري رفض الملف بحجة عدم اكتماله.
جدل الـ12 مطلبا
وتصاعد خلال الأيام الماضية السجال بين المعارضة ولجنة الانتخابات، بعد أن وجه مرشحي المعارضة الخمسة، وهم: حمادي ولد سيدي المختار، بيرام الداه اعبيد، العيد ولد محمد، وأتوما سوماري، ومامادو بوكاري، رسالة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، تتضمن 12 مطلبا أكدوا فيها على أن الاستجابة لهذه المطالب هي الضامن لشافية العملية الانتخابية.
ومن بين هذه المطالب تدقيق شامل للائحة الانتخابية "يطمئن الجميع من سلامتها من العيوب والخروقات.
كما تضمنت المطالب الالتزام الصارم بأن تكون مقرات مراكز التصويت في مبان عمومية، وتشكيل مكاتب تصويت بشكل توافقي مع ممثلي المرشحين، واعتماد آلية تنسيق لا مركزية تضم ممثلي المترشحين للبت في القضايا والإشكالات المستجدة وبشكل دائم.
وطالب مرشحو المعارضة أيضا باستخدام أجهزة البصمة في جميع مراكز التصويت؛ لمنع التصويت بالنيابة، ومنح وكلاء المترشحين ومنسقي العمليات الانتخابية على مستوى الولايات والمقاطعات بطاقات تمنحهم الحق في الولوج إلى مقرات اللجان المقاطعية والجهوية ومكاتب التصويت.
وأكدوا على ضرورة النشر الفوري للمحاضر، وتشكيل لجنة إشراف تمثل المترشحين على مستوى مركزة النتائج لدى لجنة الانتخابات.
وشدد مرشحو المعارضة على ضرورة حظر حيازة أي نوع من أنواع الهواتف وآلات التصوير من طرف الناخبين، واستخدام شاشة لعرض الصورة والاسم والرقم الوطني للناخب؛ حتى يتمكن أعضاء المركز الانتخابي وممثلي المترشحين من التأكد معا من هوية الناخب.
سجال وحرب بيانات
بعد نشر بيان مرشحي المعارضة، ردت اللجنة الوطنية المستقلة ببيان، أكدت فيه التزامها بتحقيق الشفافية والنزاهة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لترد المعارضة ببيان آخر، وتعود لجنة الانتخابات برد جديد أيضا، فيما بدى أنها حرب بيانات بين الطرفين.
فقد أوضحت لجنة الانتخابات أنها نشرت اللائحة الانتخابية المؤقتة بشكل فوري لتمكين المرشحين والناخبين من مراجعتها وتقديم الشكاوى قبل الإعلان عن اللائحة النهائية.
وبررت عدم توفير أجهزة قارئة للبصمة في مراكز التصويت بالتحديات المالية، معلنة إجراءات جديدة لتسهيل دخول وكلاء المرشحين إلى اللجان الانتخابية، وضمان النشر الفوري للنتائج الانتخابية عبر النظام المعلوماتي الخاص بها.
"خيبة أمل"
وعبر مرشحو المعارضة في ثاني بياناتهم في إطار هذا السجال عن خيبة أملهم من رد اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات على مطالبهم المستعجلة.
واعتبر مرشحو المعارضة أنهم قدموا 12 مطلباً مستعجلاً، إلا أن اللجنة لم تلتزم سوى بمطلبين فقط، منتقدين ردود اللجنة العامة وغير المحددة في العديد من النقاط، مثل تشكيل مراكز التصويت بشكل توافقي وتسهيل ولوج ممثلي المرشحين إلى مقار اللجان ومكاتب التصويت.
"قاع التلاسن ومستنقع المساجلات"
وفي ثاني بياناتها ضمن هذا السجال المفتوح دعت اللجنة الوطنية للانتخابات المرشحين والسياسيين إلى عدم "النزول إلى قاع التلاسن ومستنقع المساجلات الإعلامية العقيمة".
وأشارت إلى أن أبوابها ستبقى مشرعة أمام "كل مقترح جاد يفضي إلى تحسين الأداء، ويسهم في الوصول إلى الغاية المشتركة المتمثلة في إلباس الدورة الانتخابية ثوب الحرية والشفافية والنزاهة".
ولفتت إلى أن "وقوفها على مسافة واحدة من الجميع، وتحضيرها المحكم لسير ومسار الاستحقاق الرئاسي، كفيلان بتبديد المخاوف والشكوك وتحقيق تطلعات الموريتانيين ورغبتهم المشروعة في اختيار من يولونه أمرهم، بحرية لا يشوبها أي تشويش أو تأثير".
مقاطعة الإعلام الرسمي
وعلى جبهة أخرى أبدى مرشحو المعارضة غضبهم من ما سموه انحياز وسائل الإعلام الرسمية لمرشح السلطة، في إشارة للرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، ملوحين بمقاطعة التلفزيون والإذاعة الحكوميين.
واتهم المرشحون الخمسة وسائل الإعلام الرسمية في البلاد، بأنها "تحولت إلى منصات دعاية لمرشح بعينه"، في إشارة للغزواني.
ولفت البيان إلى أن التلفزيون والإذاعة الحكوميين قاما ببث تقارير مرئية ومسموعة عن أنشطة مبادرات داعمة لمرشح السلطة، "وتتبّع ما تصفه هذه المؤسسات (الرسمية) وحصيلة الإنجازات خلال المأمورية المنقضية، وتسويقها تسويقا دعائيا فجا وصريحا".
وأكد المرشحون أنه في حال لم تتم معالجة هذه القضية، فإنهم سيضطرون لمقاطعة وسائل الإعلام الرسمية".
وعقب تلويح مرشحي المعارضة بمقاطعة الإعلام الرسمي، أعلنت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (جهة الرقابة على الإعلام بموريتانيا) أنها اتخذت جملة من الإجراءات لـ" تأمين نفاذ عادل في الفترة ما قبل الانتخابات، والحرص في التغطيات على التوضيح الصارم بين مكانة رئيس الجمهورية كرئيس للجمهورية وموقعه كمترشح للرئاسيات، وواجب مراعاة منسوب التغطية للمتطلبات القانونية الناظمة للحالتين".
ونبهت إلى أن من بين هذه الإجراءات "تحقيق المساواة الكاملة في النفاذ لوسائل الإعلام العمومية بين المترشحين في الحملة الانتخابية وفي الجبهات الثلاث، الإخبارية والإعلانية والإعلامية".