مع تصاعد المزيد من
الهجمات الفلسطينية المتمثلة بعمليات إطلاق النار باتجاه المستوطنات المركزية في
الضفة الغربية، وانتقالها من مدينة لأخرى، يبدي الإسرائيليون تخوفاتهم من خطورة
الواقع الماثل فيها، وقلق من إمكانية تكرار الواقع الذي نشأ في غزة، وتجاهله
الاحتلال بفعل الإهمال والغرور.
شاي ألون الكاتب ورئيس
المجلس المحلي لمستوطنة "بيت إيل" قال إن "رصد جملة من الهجمات
الأخيرة التي استهدفت التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية، تُظهر أننا أمام
إطلاق نار متجدد باتجاه مستوطنات وسط الضفة الغربية، وهي تحمل إشارات غليظة على
أننا أمام تصاعد جدي في مستوى هذه الهجمات، وحقيقة أخرى واضحة مفادها أن الواقع
فيها ليس أقلّ، بل وأخطر مما نشأنا عليه، وتجاهلناه في غزة، كل شيء يشبه إعادة
خطواتها بالضبط، لكن الاحتلال يرفض تغيير نمط سلوكه المعتاد".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة
معاريف، وترجمته "عربي21" أن "الإسرائيليين استيقظوا بالفعل
من أحلام أوسلو الكاذبة، وأدركوا أنهم سيعيشون على سيوفهم حتى ثبت العكس،
فالفلسطينيون يضربوننا في كل فرصة، ومع ذلك فلا يتغير الرد الإسرائيلي، بل إنهم يواصلون
التحرك الطبيعي وكأنهم ليسوا أمام واقع قاتل، حتى وصلوا أخيرا إلى خيار الهروب،
بدل التصرّف بشكل مختلف".
وأشار إلى أن "ما
يُقلق الإسرائيليين فعلا أن مخزون السلاح لدى الفلسطينيين، وجرأة المقاومين في
طولكرم ومحيطها يستمدان من بئر حماس الذي يروي كل المسلحين في الضفة الغربية، ومع
مرور الوقت أيضاً، سيتم اتضاح الأمر أخطر فأخطر، وخلاصته أننا إذا لم نردّ وفقاً
لذلك، فقد يكون هذا هو نفس الواقع الرهيب الذي حدث في السابع من أكتوبر، أي أن ما
حصل في غزة من ذلك الهجوم سينتقل إلى الضفة الغربية، ما يستدعي المبادرة لمواجهة
الخلايا المسلحة، واقتلاعها، وتدميرها".
وزعم أن "تضاؤل
التقارير عن تكثيف الدوريات العسكرية في الضفة الغربية، وتراجع الكمائن، لا يريح
بال المستوطنين، ولا يمنحهم الطمأنينة، بل إنه يزيد الأمر قلقاً وخوفاً أن شيئاً لم
يتغير، وبالتالي فإن التاريخ يثبت بالدم أن تحذيرات معسكر اليمين، الذين عارضوا
أوسلو، والانسحاب من غوش قطيف في غزة، ورفض رؤية الدولتين للشعبين، كانت حقيقة
مؤلمة، وربما، على سبيل التغيير، حان الوقت للاستماع، للاعتقاد بأننا لا نتخيل
كابوسًا، ولا نرى سوادًا، ولا نقلق عبثًا، لكننا نرى الواقع كما هو، ونعرف جيدًا
عم نتحدث، وممّ نحذر".
وأوضح أنه "حان
الوقت لنقرر مرة واحدة وإلى الأبد ملاحقة من يسعون لإيذائنا، لأن الواقع الأمني
المتدهور في الضفة الغربية يتطلب تغييراً جوهرياً، على المستويين المفاهيمي
والعسكري، ونحن ننتظر منذ سنوات عديدة تحركاً هاماً وحاسماً في غزة، من أجل تجريد
القطاع من السلاح، وتصحيح الحماقة الإسرائيلية فيها، التي جلبت علينا اتفاقيات
أوسلو اللعينة، والآن هو الوقت المناسب لمواجهة واقع متصاعد في الضفة الغربية، لأن
المقاومة الفلسطينية تنتظر اختبار قوة الجيش الإسرائيلي، ومدى استجابته لعملياتها".
تكشف هذه المخاوف
الإسرائيلية، وإن كان مبالغاً فيها، أن هناك توجهاً يجري تطبيقه رويدا رويدا لدى
دولة الاحتلال يهدف في النهاية إلى بسط
السيطرة العسكرية على جميع أنحاء الضفة
الغربية، بزعم أن القوات العسكرية الكبيرة التي تتمتع بحرية العمل الكاملة لدخول
أي منطقة، وفي أي لحظة، وإفراغ المنطقة من مخزونات المسلحين، واعتقال أي منهم، هو
الوحيد الذي من شأنه ألا يعرّض حياة المستوطنين للخطر، تمهيدا لـ"سحق"
رؤية الدولتين، والردّ بعدوانية على الفلسطينيين.