بعد تلقيه دعوة رسمية من
الكونغرس الأمريكي لإلقاء خطاب رسمي فيه، يخشى الإسرائيليون أن يكون ظهور رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو على تلك المنصة مجددا بمثابة العودة إلى "مسرح الجريمة"، خاصة بعد أن تحدث عام 2015، مهاجماً الاتفاق النووي مع إيران، ومهينا للرئيس السابق باراك أوباما، ما يعني تخريبا جديدا في العلاقات مع واشنطن في حال واصل نتنياهو ذات السياسة بمهاجمة الرئيس الحالي جو
بايدن، بغرض العبث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
شلومو شامير خبير الشؤون الأمريكية بصحيفة "
معاريف" العبرية، أكد أن "خطاب نتنياهو في الكونغرس يستدعي توجيه تحذير للولايات المتحدة بشأنه، صحيح أنه لم يتم بعد تحديد موعد لمثوله أمام جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب في واشنطن، وصحيح أنه لم يتم تحديد ما الذي سيقوله مسبقاً، لكن الظهور والكلام ليسا غير ضروريين فحسب، بل إن هذا حدث سيكون وجوده ومعناه، والعواقب التي سينتج عنها، بمثابة ضرر جسيم وجرح وتخريب في مجال العلاقات الإسرائيلية الأمريكية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "ظهور نتنياهو المتوقع لإلقاء خطابه في الكابيتول له تعريف مستعار من مجموعة مصطلحات "العالم الإجرامي"، لأنه يعني العودة مجددا إلى شهر يناير 2015، حين ألقى خطابا مشابهاً، وهاجم بشدة الاتفاق النووي مع إيران، الذي كان حينها في المراحل النهائية من صياغته، واعتبر الخطاب آنذاك جريمة سياسية تدفع دولة
الاحتلال ثمنها حتى يومنا هذا، لقد كان خطابًا كارثياً في تاريخ السياسة الأمريكية، وما زال الأمريكيون يتذكرونه، ويرون فيه إهانة مرة واثنتين لرئيسهم أوباما، ما دفع العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين وأعضاء الكونغرس لمقاطعة ظهور نتنياهو في ذلك الوقت، وتغيبوا بشكل واضح عن القاعة".
وأكد أنه "فيما يتعلق بدولة الاحتلال، فإن خطاب نتنياهو حينها عمل على تقويض أساس الدعم الأمريكي لها، لأنه شكّل أداءً تم تفسيره في ذلك الوقت على أنه استهزاء حاقد ومتعجرف، وأزال تقليدا قديما متمثلا في حصول الاحتلال على الدعم الأمريكي من الحزبين، وهو التقليد الذي حافظ عليه بدقة كل رئيس وإدارة، ديمقراطيين أو جمهوريين".
وأشار إلى أن "خطاب نتنياهو جعل من الدعم الأمريكي لإسرائيل قضية حزبية داخلية، ومسألة تنتمي لاعتبارات شخصية، أما بالنسبة لتفكير الرئيس الحالي بايدن، ولكي نكون واضحين، فإن دعوة نتنياهو للتحدث في جلسة مشتركة هي مبادرة جمهورية، وهي لفتة من رئيس الكونغرس، الجمهوري مايك جونسون، وقد وقع على الدعوة أيضا زعيم الديمقراطيين تشيك شومار، الذي رفض قبل أسابيع عرضا بدعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام مجلسي البرلمان، لكنه استغل مبادرة جونسون، وانضم إليها كخطوة تعويضية، كي يقلل من حقيقة أن المبادرة والدعوة للظهور والتحدث في الجلسة المشتركة هي خطوة جمهورية، لكسب التعاطف والدعم للحزب الجمهوري بين اليهود الأمريكيين".
ولفت إلى أنه "من المحتمل أن يظهر نتنياهو ويتحدث في الجلسة المشتركة في الأسابيع المقبلة، ما يعني الانخراط في خضم السباق الرئاسي الأمريكي، حتى لو كان لا يريد ذلك، ومن المشكوك فيه إلى حد كبير أنه لا يريد ذلك فعلا، لكن ظهوره في الكابيتول على بعد ياردات من البيت الأبيض، سيكون كافيا لتفسيره وقبوله بأنه تدخل في الانتخابات الرئاسية، وليس هناك من يشكك في أن التدخل سيكون ضمناً بمثابة اتجاه للتعاطف مع المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، ما يعني أن الخطاب الذي يستعد رئيس الوزراء لإلقائه في الكابيتول هيل في الأسابيع المقبلة سيكون بمثابة إهانة واستعراض للازدراء تجاه الرئيس الذي يتولى السلطة".
يبدو غريبا سلوك نتنياهو تجاه بايدن الذي سيتجلى في خطابه الموعود في الكونغرس، مع أن الأخير أبدى دعمه اللامحدود للاحتلال خلال العدوان على غزة، بصورة لم يكن مثله أي رئيس أمريكي، لكنه رغم ذلك سيضطر لدعوة الضيف الإسرائيلي غير المرغوب فيه للحديث على هامش الخطاب، وسيعتبر مثل هذا الاجتماع تدخلا في الانتخابات الرئاسية، لن يجد ترحيبا من قبل الأوساط الأمريكية، وبعض الإسرائيلية.