"جرى نقله
إلى بنغازي"..!! جملة باتت كفيلة بأن تلقي الرعب في قلوب سامعيها.. وكيف لا
وقد أصبح المرحّل إليها مفقودا والعائد منها مولودا كما يقول أهالي المرحلين..؟!
بعبع
لباقي المناطق
بنغازي تحولت
مؤخرا إلى بعبع لباقي المناطق التي تخضع لسيطرة
حفتر، أجهزته الأمنية حين تنفذ
عملية قبض على أحد النشطاء أو من تعتبرهم أعداء الجيش يجري نقله إلى بنغازي
للتحقيق معه.. بالتحديد إلى سجن الأمن الداخلي سيئ الصيت.
من الجنوب أو مدن
شرق وغرب بنغازي لم يسلم أحد من هذا الإجراء، نساء ورجالا.. التحقيق واستخلاص
المعلومات يكون هناك، حيث السرية والغموض كما هو المصير. وقد طالت هذه العملية
نشطاء سياسيين، إن كان أغلبهم مؤيدين لعملية الكرامة. وتكررت عمليات الترحيل من
قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحفتر في الآونة الأخيرة، كان آخرها عضو المجلس
الاجتماعي لقبيلة الحساونة في مدينة سبها، علي أبوسبيحة، وعضو هيئة الدستور الزين
الدردير.
بنغازي تحولت مؤخرا إلى بعبع لباقي المناطق التي تخضع لسيطرة حفتر، أجهزته الأمنية حين تنفذ عملية قبض على أحد النشطاء أو من تعتبرهم أعداء الجيش يجري نقله إلى بنغازي للتحقيق معه.. بالتحديد إلى سجن الأمن الداخلي سيئ الصيت
ترحيل
وانقطاع للأخبار
يقول "س
ح" الناشط المدني في مدينة سبها جنوبي
ليبيا والذي يفضل عدم الكشف عن هويته
لدواع أمنية إن هذه العمليات التعسفية كثرت مؤخرا، وتنفذ ضد كل من يخالف أو حتى
يعترض على جزئيات بسيطة على أفعال قوات حفتر في المنطقة، فالترحيل إلى بنغازي يقطع
كل سبل التواصل مع الموقوف أو ينهي أي أمل للتوسط اجتماعيا للإفراج أو على الأقل
للدفاع عنه.
"لم تسلم
حتى النساء من هذه الإجراءات، فقد جرى اعتقال وترحيل الناشطة مريم الورفلي إلى
بنغازي على خلفية تدوينات لها انتقدت فيها قوات خليفة حفتر"، يضيف "س
ح".
أهالي المقبوض
عليهم طالبوا وإن كان على استحياء في مرات عدة أن تكون إجراءات الاحتجاز والتحقيق
داخل مناطقهم، فهنا وفق قولهم يمكن التواصل مع الموقوفين ومعرفة مصيرهم، بعكس كل
من تم نقله إلى "داخلي" بنغازي، فهناك تنقطع الأخبار وتبقى كل
السيناريوهات المخيفة مطروحة. فحادثة مقتل الناشط سراج دغمان في سجن الأمن الداخلي
في ظروف غامضة شهر نيسان/ أبريل الماضي ومصير زميله فتحي البعجة ورفقائه المجهول
حتى اليوم؛ يثير مخاوف الأهالي.
سناريو
متكرر
إجراءات تعيد
للأذهان حقبة القبضة الأمنية للرئيس الراحل معمر القذافي الذي عمد طوال حكمه على
ترحيل كل المطلوبين من مختلف المناطق إلى سجن "أبو سليم" في العاصمة
طرابلس حيث كان يقيم.. لكن ما يثير التساؤل حقا هو: كيف تحولت بنغازي من مدينة
متمردة وشعلة الثورة إلى وجهة رعب؟
يتغنى حفتر منذ أيام في خطاب ذكرى ما سماها ثورة الكرامة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والأمن الذي حققه خلال عشر سنوات في مناطق سيطرته، في الوقت التي تغص سجونه بسجناء الرأي من مختلف التوجهات، وهو الرجل الذي لم يحكم بعد، فما بالك لو حكم
وفقا للتاريخ فإن
الخلل لا يكون في المدن ذاتها، العيب بمن يحكم تلك المدن ويتخذها مقرا، فالعسكري
دائما وأبدا أينما حل وتمكن أحال المكان ومحيطه إلى أرض رعب وخوف.. في ليبيا فعل
القذافي ذلك سابقا في طرابلس، ويفعله حفتر اليوم في بنغازي؛ عاصمة الثورة.
سنن
تاريخية
يتغنى حفتر منذ
أيام في خطاب ذكرى ما سماها ثورة الكرامة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والأمن الذي
حققه خلال عشر سنوات في مناطق سيطرته، في الوقت التي تغص
سجونه بسجناء الرأي من
مختلف التوجهات، وهو الرجل الذي لم يحكم بعد، فما بالك لو حكم..!
لكن وفقا للتاريخ
أيضا.. فإن دوام الحال من المحال، واستكانة المدن خصوصا العريقة منها للمستبدين لا
تبقى للأبد.. فكم من متبجح ظن أن لن ينازعه أحد في حكمه فثارت عليه في غفلة من
نفسه المدينة وسكانها... وما مصير القذافي في عام 2011 منا ببعيد.