من العبارات التي تتردد دائما في أوقات الحروب أن الضحية
الأولى للحرب هي الحقيقة.. لذا مع مرور أكثر من سبعة أشهر على العدوان "
الإسرائيلي"
على قطاع
غزة، من المهم أن يتم التفكير والتحليل في كيفية وصف السياسيين والصحفيين
والمعلقين والشخصيات العسكرية، وكذلك
المصطلحات المستخدمة في توصيف هذه الحرب من قبل
النشطاء والإعلاميين الذين يدعمون القضية الفلسطينية.
يمكننا وصف صناعة واستخدام المصطلحات في الحروب بأنها فن
الإقناع والتأثير. فالمصطلحات ليست مجرد كلمات، بل هي أدوات في غاية الأهمية يستخدمها
البشر في التواصل والتأثير على الآخرين. وفي سياق الحروب، تكتسب المصطلحات أهمية استراتيجية
كبيرة، حيث تلعب دورا حاسما في بناء الصورة العامة للصراع وتشكيل الرأي العام الدولي،
وذلك في تشكيل الرأي العام.
فالمصطلحات المستخدمة في الحروب تساهم في تشكيل رؤية الجمهور
حول الصراع، حيث يتم توجيه الرسائل بشكل استراتيجي لتحقيق أهداف معينة. يمكننا استحضار
مثال مصطلح "الإرهاب" الذي أعادت إنتاجه وصناعته الولايات المتحدة بعد هجمات
الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، مع أن المصطلح (الإرهاب) له تاريخ طويل ومعقد، وقد تم
تشكيل معانيه واستخداماته عبر العصور.
المصطلحات ليست مجرد كلمات، بل هي أدوات في غاية الأهمية يستخدمها البشر في التواصل والتأثير على الآخرين. وفي سياق الحروب، تكتسب المصطلحات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث تلعب دورا حاسما في بناء الصورة العامة للصراع وتشكيل الرأي العام الدولي، وذلك في تشكيل الرأي العام
ففي العصور الوسطى، كان يستخدم لوصف الحكومات
القمعية التي تسعى لتحقيق أهداف سياسية عبر استخدام العنف ضد المدنيين، ولكن في العصر
الحديث ارتبط المصطلح بشكل أكبر بالهجمات الإرهابية، وبات سلاحا فعالا استخدمته الدول
وتستخدمه حتى اليوم، واستطاعت الولايات المتحدة ضرب خصومها ودعم تدخلاتها العسكرية
وغير العسكرية تحت غطاء مصطلح محاربة الإرهاب.
" الإبادة الجماعية" مصطلح سيرتبط بجرائم الاحتلال
الإسرائيلي
في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة، ارتبط هذا العدوان
بمصطلح الإبادة الجماعية، خاصة في دول أوروبا وأمريكا وكذلك أمريكا اللاتينية. صحيح
أن هذا المصطلح لم يكن وليد هذه الحرب، لكنه لاصق توصيف الجرائم التي ارتكبتها قوات
الاحتلال في قطاع غزة، حيث أكد المتضامنون مع فلسطين على امتداد العالم أن الحرب على
غزة تُعد إبادة جماعية، نظرا للدمار الهائل والخسائر البشرية التي يتعرض لها السكان
المدنيون، والاستخدام المفرط في القوة والنار لاستهداف البنى التحتية المدنية، والمناطق
السكنية.
دور دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل
توسيع استخدام هذا المصطلح وتطويره، والعمل على تعزيز التصاقه بالاحتلال الإسرائيلي، وقادة الحرب الإسرائيليين، سيكون له تأثير استراتيجي على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المدى القريب، فعلى ما يبدو أن هذه التهمة ستبقى تلاحقهم حتى النهاية
شكل تكريس الاصطلاح تحولا نوعيا في إطار الدعوى التي قدمتها
جنوب أفريقيا لدى محكمة
العدل الدولية، والتي قبلت الدعوى التي تتهم دولة الاحتلال
بالإبادة الجماعية. هذا الاتهام الذي تم ضمن أطر ديمقراطية دولية مدعومة من قبل الغرب
بارتكاب أكبر جريمة دولية، أحدث ضجة في جميع أنحاء العالم، وجعل هذا المصطلح مرتبط
ارتباطا وثيقا بدولة الاحتلال ورموزه.
تهمة "الإبادة الجماعية" تلاحق بايدن والإدارة
الأمريكية الحالية في الاحتجاجات الطلابية
"جو الإبادة الجماعية".. لقب أطلقه المتظاهرون
في الكليات على الرئيس الأمريكي جو بايدن، وطالبوه بالتحرك لوقف الأعمال الإسرائيلية
في غزة، لم يقتصر هذا اللقب على الجامعات بل بات يستخدم في جميع التظاهرات الداعية
إلى إيقاف الحرب في أمريكا وكذلك أوروبا، كما كان من اللافت استخدام هذا المصطلح عند
أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، في تجمعاتهم الحزبية الانتخابية، وحيث لمح ترامب
في أحد خطاباته إلى صحة فحواه، مما أثار زوبعة في وسائل الإعلام الأمريكية.
لا شك أن توسيع استخدام هذا المصطلح وتطويره، والعمل على
تعزيز التصاقه بالاحتلال الإسرائيلي، وقادة الحرب الإسرائيليين، سيكون له تأثير استراتيجي
على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المدى القريب، فعلى ما يبدو أن هذه التهمة ستبقى
تلاحقهم حتى النهاية.