نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، للصحفيين، نانسي يوسف ومايكل غوردون، وغوردون لوبولد، قالوا فيه إن الرئيس الأمريكي، جو
بايدن، لم يكن يرغب في اتخاذ ذلك القرار.. وكان قد حذّر دولة الاحتلال الإسرائيلي، قبل شهرين تقريبا، من شن هجوم واسع النطاق على رفح، التي تضخم عدد سكانها إلى أكثر من مليون نسمة مع بحث الفلسطينيين عن مأوى هربا من القتال. وأخيرا، اتخذ بايدن خطوة طالما قاومها.
ففي الأسبوع الماضي، يقول المسؤولون، إنه أوقف شحنة كانت معلقة من القنابل زنة 2000 رطل و500 رطل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو إظهار غير مسبوق تقريبا للاستياء من حليف في الشرق الأوسط كان يأمل بايدن أن يدفع حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى التراجع عن قرارها وإعادة النظر في نهجها لإنهاء الصراع.
من خلال إيقاف شحنات الأسلحة مؤقتا بسبب عملية رفح، صعد بايدن، خلافه مع نتنياهو إلى واحد من أقسى الاختبارات للعلاقة بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود، مع ما يترتب على ذلك من آثار ليس فقط على حرب
غزة ولكن أيضا على العلاقات طويلة المدى التي وصفها بايدن نفسه بأنها "قوية جدا".
وفي تعزيز لهذا التحول في السياسة، قال بايدن، الأربعاء، إنه مستعد لحجب أسلحة إضافية، بما في ذلك قذائف المدفعية، إذا شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية برية كبيرة في رفح.
وقال بايدن، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن": "إذا ذهبوا إلى رفح، فلن أقوم بتزويدهم بالأسلحة التي استخدمت تاريخيا للتعامل مع المدن"، مشددا على أن "الولايات المتحدة ستواصل تقديم أنظمة دفاعية حتى تتمكن إسرائيل من صد الهجمات الصاروخية".
وأضاف: "لقد أوضحت لبيبي وحكومة الحرب أنهم لن يحصلوا على دعمنا، إذا هاجموا هذه المراكز السكانية. نحن لا نتخلى عن أمن إسرائيل.. نحن نبتعد عن قدرة إسرائيل على شن حرب في تلك المناطق".
وكانت أولوية بايدن هي ضمان وقف مؤقت لإطلاق النار ونزع فتيل الجدل السياسي المشحون في الداخل حول ما إذا كانت إدارته قد مارست ما يكفي من الضغط على نتنياهو للحد من الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين في غزة. وكان هدف دولة الاحتلال الإسرائيلي يتلخص في سحق آخر معاقل حماس في رفح، حيث يتواجد زعماء الحركة ومقاتلوها".
تم وضع الأساس لقرار حجب الأسلحة في نيسان/ أبريل عندما بدأت الإدارة مراجعة هادئة لشحنات الأسلحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد أشهر من مقاومة الدعوات لوضع شروط على عمليات نقل الأسلحة لإجبار حكومة نتنياهو على إعادة التفكير في سلوكها في الحرب.
وقال المسؤولون إن المراجعة كانت سرية للغاية بسبب الحساسية السياسية لاستخدام أقوى نفوذ لها على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو أمر من المؤكد أنه سيثير غضب نتنياهو ويدفع الجمهوريين إلى شن هجمات على بايدن.
وبحلول نهاية الأسبوع الماضي، كان مسؤولو إدارة بايدن لا يزالون يأملون في إمكانية تحقيق وقف القتال، ومضاعفة جهودهم لتأمين وقف مؤقت لمدة ستة أسابيع يمكن تمديده لاحقا من خلال دبلوماسية إضافية من خلال إعادة مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز إلى المنطقة.
لكن دولة الاحتلال الإسرائيلي استقرت على استراتيجية الحوار والقتال. وحتى عندما أرسلت وفدا إلى مفاوضات وقف إطلاق النار، فقد ألقت منشورات، الاثنين، تحث 100 ألف من سكان شرق رفح على الفرار.
وأعقب ذلك في اليوم التالي بإرسال قوات للاستيلاء على الجانب الغزاوي من معبر رفح الحدودي مع مصر، وهي خطوة قال مسؤولون إسرائيليون للولايات المتحدة إنها ضرورية لوقف تهريب الأسلحة وحرمان حماس من تدفق الإيرادات.
ومن خلال حجب الأسلحة، اختار بايدن وقف شحنة واحدة فقط كان من المقرر نقلها جوا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأسابيع المقبلة. وقال مسؤول أمريكي إن هذه الخطوة اتخذت لأن القنابل التي تزن 2000 رطل، على وجه الخصوص، يمكن أن تكون مدمرة بشكل خاص "في المناطق الحضرية الكثيفة" مثل رفح، وأشار إلى أنه تتم أيضا مراجعة المبيعات المحتملة الأخرى.
كان المقصود من القرار في البداية أن يكون بمثابة إشارة سرية إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بضرورة التركيز على محاولة ترسيخ وقف إطلاق النار المؤقت مع حماس، بدلا من التحرك نحو رفح دون خطة لحماية المدنيين وضمان عدم قطع المساعدات عنهم.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: "لم نحاول أن نكشف هذا الأمر للعلن، بل كنا نحاول التعامل مع الأمر بطريقة دبلوماسية".
لكن قرار بايدن سرعان ما بدأ يتسرب من المسؤولين الإسرائيليين. وأكد المسؤولون الأمريكيون التفاصيل في وقت لاحق، مما أدى إلى تحويل التحرك الخاص إلى مواجهة عالية المخاطر مع حليف وثيق.
ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين السابقين إن قرار بايدن غير مبرر لأن دولة الاحتلال الإسرائيلي امتنعت حتى الآن عن القيام بعملية برية واسعة النطاق في رفح والتي حذرت الولايات المتحدة منها.
وقال مايكل أورين، وهو سفير دولة الاحتلال الإسرائيلي السابق في واشنطن: "قالت الولايات المتحدة إنها تريد منا أن نحد من العملية، وأن نوقف التوغل الشامل. لقد تعرضت إسرائيل للعقاب وما تزال تُعاقب". فيما وصف قرار بايدن بأنه "ضربة استباقية" ضد أي تحرك إسرائيلي لتوسيع عملياتها في رفح.
خلال جلسة استماع، الأربعاء، في الكابيتول هيل، واجه وزير الدفاع لويد أوستن انتقادات من الجمهوريين لوقف الأسلحة بينما تشن دولة الاحتلال الإسرائيلي حربا.
قال له السيناتور ليندسي جراهام (جمهوري، ساوث كارولينا): "هل أنتم قلقون من أنه إذا اتخذتم قرارا برفض الأسلحة التي تقول إسرائيل إنها بحاجة إليها، فإن ذلك سيرسل إشارة إلى حماس وإيران لمواصلة الضغط؟".
أرسل رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري عن ولاية لوس أنجلوس) وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري من ولاية كنتاكي) رسالة إلى بايدن، الأربعاء، ينتقدان فيها التأخير في توفير الأسلحة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، قائلين إن ذلك "يثير الشك في تعهدك بأن التزامكم بأمن إسرائيل سيظل ثابتا".
وقال منتقدو دعم بايدن لدولة الاحتلال الإسرائيلي إن هذه الخطوة كانت متواضعة للغاية بحيث لن يكون لها تأثير دائم ما لم يتم حجب المزيد من الأسلحة أيضا.
وقال جوش بول، وهو الخبير في شؤون الشرق الأوسط، ومسؤول بوزارة الخارجية استقال في تشرين الأول/ أكتوبر احتجاجا على تعامل إدارة بايدن مع حرب غزة: "بدلا من إيقاف الشحنة لمرة واحدة كوسيلة لممارسة النفوذ اللحظي الذي طال انتظاره، يجب أن يكون هذا بداية تغيير جذري في السياسة الأمريكية تجاه تقديم المساعدة الأمنية لإسرائيل".
ويبدو أن قرار بايدن قد تم التنبؤ به في مقابلة أجراها مع شبكة "إم إس إن بي سي" في آذار/ مارس، حيث حذّر الرئيس من أن هجوم الاحتلال الإسرائيلي على رفح سيتجاوز "الخط الأحمر"، لكنه أضاف بسرعة: "ليس هناك خط أحمر بأنني سأقطع جميع الأسلحة".
ثم قال بايدن: "لا يمكننا أن نقتل 30 ألف فلسطيني آخر". وفي مؤتمر صحفي عقده البيت الأبيض بعد وقت قصير من تصريحات الرئيس، رفض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الإجابة عما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تفرض شروطا على المساعدات العسكرية إذا لم تقدم دولة الاحتلال الإسرائيلي خطة مقبولة لرفح، واصفا إياها بأنها "افتراضية".
وبدأت مراجعة مبيعات الأسلحة لدولة الاحتلال الإسرائيلي التي أمر بها البيت الأبيض في الشهر التالي. وعلنا، قال مسؤولو الإدارة إنها لم تغير سياستها، حتى وسط
الاحتجاجات الجامعية على مستوى البلاد حول الدعم الأمريكي للحرب. وسرا، تبلور نهج جديد ومجهول.