ما زال الإسرائيليون رغم مرور قرابة السبعة أشهر على هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي يبحثون عن جواب على السؤال التاريخي عن سبب قيام "
حماس" بهذا
الهجوم، مع أن هذا الجواب كان معلناً طوال السنوات الماضية، وبشكل واضح لا لبس
فيه، لكن
الاحتلال لم يقرأه بشكل صحيح، بل إنه لم يقرأه على الإطلاق، وهو أن حاجز
الخوف قد كسره
الفلسطينيون منذ زمن بعيد، دون أن ترى الرادارات الإسرائيلية هذا
التغير الكبير.
إيهود حامو محلل الشؤون الفلسطينية في القناة 12 ذكر أن "عيد الفصح
لدى اليهود بدا مختلفًا بلا شك هذا العام، فقد اتخذ معنى مزدوجًا، لأنه شهد بقاء
133 مختطفاً إسرائيلياً على بعد مئات الأمتار، بضعة كيلومترات على الأكثر، من جنود
جيش الاحتلال لأكثر من ستة أشهر، ولم تتمكن إسرائيل من إنقاذهم، وهو نتيجة طبيعية
لتغير شهدته
غزة على مر السنين، وأهم هذه التغيرات أن حاجز الخوف الذي كان موجوداً
فيها طوال السنوات الماضية، تم كسره قبل السابع من أكتوبر بوقت طويل، وهذا تغيير
مثير، ولا يبشر بالخير لتل أبيب".
وأضاف في
مقال ترجمته "
عربي21" أن "أحداث أكتوبر، وبعد مرور
سبعة أشهر عليها، تدفع الإسرائيليين لطرح السؤال: كيف يمكن أن تكون غزة الصغيرة قد
بدأت حرباً شاملة ضد القوة الأعظم في الشرق الأوسط، وأطلقت عدة آلاف من الصواريخ
عليها كما في كل جولة من جولاتها في السنوات الأخيرة؟".
وأشار إلى أن "الإجابة عن هذه التساؤلات المشروعة طرحت في السنوات
الأخيرة بوضوح وشفافية، لكننا لم نقرأها، فقد شهد قطاع غزة تحت حكم حماس خلال
العقد الماضي حالة من نشر ثقافة دينية حقيقية، وآمن قادة حماس بالنبوءات التي
تنبأت بتدمير إسرائيل قريباً، وكل خطاب لهم، وكل تصريح لكبار مسؤوليهم، وكل خطبة
لخطبائها، جميعها كانت مصحوبة بمعرفة صريحة بأن إسرائيل ستختفي قريبا، وهذه ليست
رغبة، بل معرفة واضحة بأن الأمر سيكون كذلك، وهذا ما يفسر المؤتمر الذي عقدته حماس
قبل عامين، وهم يستعدون بالفعل لليوم التالي لتدمير إسرائيل وإدارة فلسطين بعد إفراغها
من اليهود".
وأوضح أن "ما حصل في أكتوبر الماضي دليل على أن حماس تسلقت الجدار، أو
حطمته بالفعل، وفجّرته، ودخلت من خلاله لارتكاب أعظم طقوس العربدة التي يمكن
تصورها، وإذا كان على الإسرائيليين أن يأخذون شيئًا من الأشهر الستة الماضية، فهي
الحاجة للاستماع ببساطة لما يقال على الجانب الآخر لدى الفلسطينيين في غزة، دون
التقليل من قيمة الكلمات، وعدم إغلاق آذانهم، ومفاده أن استعداد الفلسطيني الغزّي
العادي للنضال من أجل حريته لم يتغير، وبعد ما يقرب من عقدين من حكم حماس، فلا
يزال سكان غزة الذين يتمتعون بحاسة شمّ متطورة لا يشمون رائحة نهاية حماس في غزة،
على العكس تماما، فهم يرون أنه حتى بعد ستة أشهر من القتال، لا تزال حماس تسيطر
على كل مكان، حتى في الشمال".
وأكد أنه "لهذه الحقيقة يتم توجيه الحديث للحكومة الإسرائيلية التي
عليها أن تسأل نفسها كيف وصلنا إلى النقطة التي لم تعد لدينا فيها القدرة على
الاستفادة من الإنجازات التي حققها الجيش في ساحة المعركة، مع أن الحرب هي استمرار
للسياسة بوسائل أخرى، ولكن يبدو أن الحكومة ليس لديها سياسة، كل ما عليك فعله أن
تقول بصراحة، هناك ما هو أسوأ، وحتى لو دخل الجيش إلى رفح قريباً، وهو ما سيحدث
على الأرجح، فهناك شك كبير إذا كان سيغير الصورة من النهاية إلى النهاية، لأن ستة
أشهر والحكومة الإسرائيلية لا تقدم شيئا في غزة، لا يوجد حل إبداعي، ولا يوجد
تفكير خارج الصندوق".
تؤكد هذه القناعات الإسرائيلية المحبطة أنه في حال اجتاح جيش الاحتلال
مدينة رفح التي يهدد بها منذ أربعة أشهر، وتفكيك كتائب حماس الأربعة المتبقية،
وانسحاب الآلاف من رجال حماس إلى الشمال، فإن التقدير الإسرائيلي أن حماس ستستمر
في الحكم دون بديل حاكم، ورغم أن الحرب الإسرائيلية شكلت فرصة لتغيير الواقع
القائم في غزة، فإن التغيير الذي يسعى إليه الاحتلال ليكون أكثر دراماتيكية، سيعود عليه بالندم سنوات أخرى قادمة.