كشفت مصادر ليبية عن "مساعٍ حثيثة من
أجل إعادة تأسيس وإحياء نشاط جهاز الأمن القومي؛ بغرض محاولة توحيد مختلف المؤسسات
الأمنية والمخابراتية الليبية، خاصة في ظل التهديدات والمخاطر الإقليمية والدولية
التي تعاني منها
ليبيا، وأن
البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة بصدد إصدار
قانون ينظم عمل هذا الجهاز خلال الفترة المقبلة".
وأشارت المصادر، في تصريحات خاصة
لـ"عربي21"، إلى أن "أعضاء اللجنة التشريعية ولجنة الأمن القومي في
المجلس الأعلى للدولة يعكفون على صياغة وإعداد قانون تفعيل نشاط جهاز الأمن
القومي، ليتم اعتماده في البرلمان، على أن تكون تبعية الجهاز لمجلس النواب".
وذكرت المصادر ذاتها أن "عمل الجهاز
سيتركز على تحديد المعايير وضبط العمل في الملفات الأمنية الداخلية والخارجية،
وسيعيد معالجة الكثير من القضايا بالتنسيق والتعاون مع جهات إقليمية ودولية".
وأضافت أن "جهاز الأمن القومي سيكون
مُعبّرا عن الدولة الليبية الموحدة، ومدافعا على حقوق ومصالح الدولة وكل الليبيين،
ومُمثلا عن السيادة الوطنية للدولة الليبية"، بحسب قولها.
ونوّهت المصادر إلى أن "هناك حالة من
التوافق على أن وجود جهاز الأمن القومي سيعيد ضبط الأوضاع الأمنية والاستراتيجية
بعقول وكفاءات وخبرات وطنية، وصولا إلى حالة الاستقرار الحقيقي المأمولة".
وبحسب المصادر، "سيشارك في تشكيل هذا
الجهاز خبراء وكفاءات من الأمن الخارجي والداخلي والاستخبارات والأجهزة الأمنية
المعززة للاستقرار، وخبراء ومستشارون في الاقتصاد، والأمن الغذائي، والأمن
الاجتماعي، والقانون الدولي، وبالتنسيق والتعاون مع مراكز بحثية محلية ودولية،
وسيسعى لاختيار أفضل الكوادر والكفاءات، حتى يكون له تأثير وفاعلية في المشهد
الليبي".
أبرز
المرشحين للمنصب
وقالت المصادر إن "من بين أبرز الأسماء
المرشحة لتولي منصب رئاسة الأمن القومي الليبي، الخبير الدولي والمستشار الأمني الطاهر
البهلول أبو شاقور، وهو من الخبراء الأكاديميين بمجال الأمن السياسي والاستراتيجي، ويعمل حاليا كمستشار للشؤون الأمنية والاستراتيجية بمركز جنيف بسويسرا".
وفي الوقت ذاته، أوضحت المصادر أن
"الأزمة الليبية متقدمة جدا من ناحية تقديم الرؤى والأفكار، فضلا عن أنه توجد
في الساحة الليبية الكثير والكثير من الشخصيات التي تصلح لأن تكون توافقية، لكن
الإشكال الحقيقي يتمثل دائما في غياب الإرادة الدولية والإقليمية والمحلية للوصول
للتسوية".
وأردفت: "كل القوى الدولية والإقليمية
والأطراف الليبية مستفيدة بشكل أو بآخر من الوضعية الحالية، ولا تريد الانتقال إلى
أي وضعية أخرى، حتى تضمن مصالحها فيها".
وتابعت: "إعادة ترتيب الوضع الأمني في
البلاد لن يسمح به زعماء
المليشيات في شرق البلاد وغربها؛ لأنهم جميعا يخشون من
الملاحقات الجنائية والحقوقية، التي يقينا سوف تطالهم إذا ما عادت لمؤسسات الدولة
هيبتها وتخلصت من الفساد الذي ينهش فيها الآن، بما في ذلك الجهاز القضائي والنيابة
العامة".
إعادة ترتيب الفوضى الأمنية
من جهته، قال رئيس المخابرات الليبية السابق،
مصطفى نوح، إن "هناك تزكيات متعددة من مكونات المجتمع المدني والقوى السياسية
لدعم ترشح أبو شاقور لهذا المنصب، وإنهم قاموا بتزكيته بالفعل لدى البرلمان الليبي".
وأضاف نوح، في تصريحات خاصة لـ"عربي21":
"تكليف أبوشاقور يمكن أن يكون خطوة إيجابية ومستحقة؛ فالرجل لديه الخبرة والكفاءة
اللازمة في مجال الأمن والاستخبارات، ويجب أن يتم اختيار الشخص المناسب لهذا المنصب
الحساس بناءً على المؤهلات والخبرة والنزاهة".
وأردف: "لقد اطلعنا على سيرة أبو شاقور بكل
اهتمام وتقدير، وبناءً على معرفتنا الواسعة بخدماته وإسهاماته في المجالات المختلفة،
نرغب في تقديم تزكيتنا القوية والصادقة لتعيينه في منصب رئيس جهاز الأمن القومي؛
فهو يتمتع بمؤهلات تجعله مناسبا بشكل استثنائي لهذا المنصب المهم".
إحياء جهاز الأمن القومي
ولفت رئيس المخابرات الليبية السابق، إلى أن
"إحياء جهاز الأمن القومي يتطلب توافقا واسعا بين
الأطراف المختلفة في ليبيا، وجهودا مستمرة للتوصل إلى اتفاقات وترتيبات أمنية".
وزاد: "منذ سقوط نظام القذافي عام 2011،
شهدت ليبيا فترة انتقالية طويلة وصعبة، وتشهد البلاد حاليا تحديات أمنية عديدة وانقسامات
سياسية، وبسبب الأوضاع الراهنة في ليبيا، هناك تغيرات مستمرة في الهيكل الأمني والمؤسسات
الحكومية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تغييرات في دور ومهام جهاز الأمن القومي".
واستطرد قائلا: "يعتبر تعزيز الأمن والاستقرار
في البلاد من واجبنا الوطني، ومن المهم أن يكون لدى جهاز الأمن القومي في ليبيا القدرة
على مكافحة التهديدات الأمنية المختلفة وحماية المواطنين والمؤسسات الحكومية، ويجب
أن يكون للجهاز القدرة على جمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها بشكل فعال، وتنفيذ
عمليات أمنية لمكافحة الجريمة والإرهاب، وتعزيز التعاون الأمني مع الدول الأخرى".
وواصل رئيس المخابرات الليبية السابق حديثه
بالقول: "من الضروري أيضا أن يتم توفير الدعم اللازم لجهاز الأمن القومي في ليبيا،
سواء من حيث الموارد المالية والتقنية أو التدريب والتطوير المستمر للكوادر الأمنية".
وقال نوح إنه "بالرغم من تواجد أبو
شاقور خارج البلاد منذ سنوات، فإن الكثيرين يشهدون له بالخبرة والكفاءة بمجال
الأمن السياسي والاستراتيجي، وانعكست هذه الشهادات بتزكيات من كيانات اجتماعية
وسياسية وجهات ليبية مختلفة أجمعت كلها على تولي الرجل المناسب في المكان
المناسب"، بحسب قولها.
وحصلت "عربي21" على نسخ من بعض تلك
التزكيات.
وتأسس جهاز الأمن القومي في ليبيا رسميا عام
1978 في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، بموجب القانون رقم 7 الصادر عن مؤتمر
الشعب العام في ليبيا. وعلى مر السنين، كان للجهاز دور محوري في تنفيذ السياسات الأمنية، وفرض الأمن الداخلي في البلاد.