نشر موقع "
دويتشه فيله" تقريرا تناول التوترات بين
إيران والاحتلال الإسرائيلي وتأثيرها المحتمل على
الاقتصاد الإيراني، مشيرا إلى أن الصراعات والتوترات الجيوسياسية بين البلدين قد تؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي في إيران، خاصة مع تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"؛ إنه بينما تدرس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتخاذ تدابير اقتصادية جديدة ضد إيران، تروج الأخيرة لمرونتها في مواجهة المقاطعة الغربية، ووفقا للحكومة في
طهران، فقد صدرت البلاد كميات أكبر من النفط أكثر من أي وقت مضى خلال السنوات الست الماضية، رغم العقوبات الضخمة التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018.
وفي الشهر الماضي، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي؛ إن صادرات النفط "حققت أكثر من 35 مليار دولار" في 2023، ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عنه قوله؛ إنه بينما يريد أعداء إيران وقف صادراتها، "اليوم، يمكننا تصدير النفط إلى أي مكان نريده وبأقل التخفيضات".
وتؤدي مليارات الدولارات من عائدات النفط دورا أساسيا بالنسبة للنظام الإيراني في الحفاظ على سيطرته في الداخل؛ حيث يعاني الكثير من السكان من تأثير العقوبات الدولية، التي أدت إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية، حسب التقرير.
ارتفاع معدلات التضخم
وأشار الموقع إلى أن معدل التضخم في إيران وصل إلى مستويات جديدة في الآونة الأخيرة؛ حيث ارتفع إلى حوالي 40 بالمائة في شباط/فبراير، وبحسب جواد صالحي أصفهاني، أستاذ الاقتصاد في معهد فيرجينيا بوليتكنيك وجامعة الولاية، فإن أي تفاقم بسبب التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، لن يؤدي إلا إلى زيادة أسعار المستهلكين، مؤكدا أن الدولار الأمريكي ارتفع بنحو 15 بالمائة مقابل الريال الإيراني في الأسابيع الأخيرة، وسط توقعات بتصاعد الصراع مع إسرائيل.
ووفقا للخبير في شؤون الشرق الأوسط، فإن هذا الانخفاض في سعر الصرف يُترجم بسرعة كبيرة إلى ارتفاع في الأسعار؛ لأن إيران تستورد الكثير من أنواع السلع، والعديد من السلع التي تنتجها داخل إيران تحتوي أيضا على عنصر استيراد.
النفط: صانع المال الرئيسي
أوضح الموقع أن المساهم الأهم في الناتج المحلي الإجمالي لإيران في سنة 2022 هو قطاع الخدمات بنسبة 47 بالمائة، يليه الصناعة (40 بالمائة)، والزراعة (12.5 بالمائة)، وفقا لمزود البيانات الألماني ستاتيستا.
وتأتي معظم إيرادات القطاع الصناعي من صناعة النفط، حيث يتم شحن أكثر من 90 بالمائة من النفط الخام إلى الصين، ولم يكن للعقوبات الغربية تأثير يذكر على تجارة النفط الإيرانية مع بكين.
وبعد الصدمة الأولية التي أعقبت عقوبات ترامب سنة 2018، عادت إيران إلى 80 بالمائة من حجم صادراتها السابق، ويعزو معظم الخبراء ذلك إلى تخفيف العقوبات منذ تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه.
وبحسب صالحي الأصفهاني، فقد نما الاقتصاد الإيراني بالفعل، ويرجع ذلك جزئيّا إلى زيادة صادرات النفط، وتبلغ زيادة الناتج المحلي الإجمالي حوالي 5 بالمائة سنويّا، وهو ليس سيئا مقارنة بما حدث في المنطقة بشكل عام بعد جائحة كوفيد-19.
الفساد وانعدام الشفافية
وأفاد الموقع أنه يُقال؛ إن كميات كبيرة من دخل الدولة الإيرانية تختفي في الهياكل الحكومية الغامضة، ويصنف مؤشر الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية الدولية إيران في المركز 149 من بين 180 دولة.
ويقال؛ إن الحرس الثوري الإسلامي والعديد من المنظمات الدينية تسيطر على أجزاء مركزية من الاقتصاد، وهم لا يدفعون الضرائب، ولا يتعين عليهم تقديم ميزانيات عمومية، وهم مسؤولون في المقام الأول أمام رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية، المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وعلى الرغم من استقرار عائدات تصدير النفط بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، إلا أن إيران ليست منافسا اقتصاديّا ثقيل الوزن، ويبلغ عدد سكانها حوالي 88 مليون نسمة، أي إنها أكبر بعشر مرات تقريبا من إسرائيل التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة، ومع ذلك، كان ناتجها المحلي الإجمالي في سنة 2022 أقل بكثير من إسرائيل.
حماية صناعة النفط
وأكد الموقع أن قدرة إيران على مواصلة الحرب مع إسرائيل، تعتمد إلى حد كبير على ما إذا كانت العقوبات الغربية الجديدة قادرة على خفض صادرات النفط الإيرانية بشكل كبير.
ففي الأشهر الثلاثة الأولى من السنة، تمكنت طهران من بيع ما متوسطه 1.56 مليون برميل من النفط الخام يوميّا، ووفقا لمزود البيانات فورتيكسا، كان هذا هو أكبر حجم منذ الربع الثالث من سنة 2018، وفقا للتقرير.
وبحسب فرناندو فيريرا، رئيس خدمة المخاطر الجيوسياسية في مجموعة رابيدان للطاقة في الولايات المتحدة، فإن "الإيرانيين أتقنوا فن التحايل على العقوبات".
ويعتقد صالحي أصفهاني أن إيران "ليست مستعدة" لتحمل صراع عسكري ممتد، وهذا هو السبب في أنها كانت حريصة للغاية على عدم التورط في حرب غزة، وبدلا من نية إلحاق الضرر، فإن الهجوم الذي شنته على إسرائيل كان أكثر رمزية.