نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن جهود الولايات المتحدة لحماية دولة
الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، في أعقاب الهجوم
الإيراني يوم السبت، ردا على استهداف سفارتها في العاصمة السورية دمشق.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه "مع تحليق مئات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية عبر منطقة الشرق الأوسط ليلة السبت، تم بالفعل تفعيل خط دفاعي من الرادارات والمقاتلات النفاثة والسفن الحربية وبطاريات الدفاع الجوي من إسرائيل والولايات المتحدة وستة دول أخرى ضد الهجوم المتوقع من إيران. ولم يصل أي شيء تقريبا من الوابل الإيراني إلى إسرائيل".
وذكرت الصحيفة أن "هذا العرض الهائل للدفاع الجماعي كان تتويجا لهدف أمريكي دام عقودا، لكنه بعيد المنال، وهو ضمان إقامة إسرائيل علاقات عسكرية أوثق مع خصومها العرب في محاولة للتصدي للتهديد المشترك المتزايد من إيران. لكن الجهود الأمريكية لحماية إسرائيل في الأيام والساعات التي سبقت الهجوم الإيراني كان أمامها العديد من العقبات، بما في ذلك مخاوف دول الخليج من أن يُنظر إليها على أنها تهب لمساعدة إسرائيل في ظل استمرار الحرب على
غزة".
اعترضت القوات الإسرائيلية والأمريكية معظم الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، لكنهم تمكنوا من القيام بذلك جزئيا بفضل المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها الدول العربية حول خطط طهران الهجومية، وفتح مجالها الجوي أمام الطائرات الحربية، وتبادل معلومات التتبع بالرادار، أو في بعض الحالات توفير قواتها الخاصة للمساعدة، وذلك حسب ما قاله مسؤولون مطلعون، وفقا للتقرير.
وقال مسؤولون أمريكيون إن العملية كانت تتويجا لسنوات من الجهود الأمريكية لكسر الحواجز السياسية والفنية التي أحبطت التعاون العسكري بين إسرائيل والحكومات العربية السنية. وبدلاً من نسخة شرق أوسطية من حلف الناتو، ركزت الولايات المتحدة على التعاون الأقل رسمية في مجال الدفاع الجوي على مستوى المنطقة للتصدي لترسانة طهران المتنامية من الطائرات المسيرة والصواريخ، وهي الأسلحة نفسها التي هددت إسرائيل يوم السبت، حسب التقرير.
وأوردت الصحيفة أن الجهود المبذولة لبناء نظام دفاع جوي متكامل للمنطقة تعود إلى عقود مضت. بعد سنوات من البدايات الخاطئة والحد الأدنى من التقدم، اكتسبت المبادرة زخمًا بعد اتفاقيات إبراهيم لسنة 2020 التي توسّطت فيها إدارة ترامب، والتي أنشأت علاقات رسمية بين إسرائيل والإمارات والبحرين. وبعد ذلك بسنتين، نقل البنتاغون إسرائيل من قيادته الأوروبية إلى القيادة المركزية، التي تشمل بقية دول الشرق الأوسط، وهي خطوة مكّنت من تحقيق تعاون عسكري أكبر مع الحكومات العربية تحت رعاية الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن دانا سترول، التي كانت حتى كانون الأول/ ديسمبر أكبر مسؤول مدني عن شؤون الشرق الأوسط في البنتاغون، أن "انتقال إسرائيل إلى القيادة المركزية كان بمثابة تغيير لقواعد اللعبة"، مما سهّل تبادل المعلومات الاستخبارية وتوفير الإنذار المبكر عبر البلدان.
وفي آذار/ مارس 2022، عقد الجنرال البحري فرانك ماكنزي، الذي كان حينها قائد القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة، اجتماعًا سريًا لكبار المسؤولين العسكريين من إسرائيل والدول العربية لتباحث كيفية التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية والطائرات المسيّرة المتنامية. وكانت المحادثات التي عُقدت في شرم الشيخ بمصر المرة الأولى التي يجتمع فيها مثل هذا العدد من كبار الضباط الإسرائيليين والعرب تحت رعاية عسكرية أمريكية لمناقشة كيفية مواجهة إيران.
وأفاد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بأن "اتفاقيات إبراهام جعلت الشرق الأوسط يبدو مختلفًا... وقد أتاح الانضمام إلى القيادة المركزية المزيد من التعاون الفني مع الحكومات العربية. وهذا ما خلق هذا التحالف".
وقال مسؤولون أمريكيون إنه على الرغم من التقدم المحرز، فإن هدف الولايات المتحدة المتمثل في مشاركة إسرائيل والدول العربية بسلاسة بيانات التتبع الخاصة بالتهديدات الإيرانية في الوقت الفعلي، لم يتحقق بالكامل أبدًا بسبب المخاوف السياسية، وفقا للصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن بلال صعب، المسؤول السابق في البنتاغون الذي عمل على التعاون الأمني في الشرق الأوسط، أنه من السابق لأوانه الحديث عن التكامل الأمني في المنطقة بل "كان الأمر دائمًا تدريجيًا، وكان [هجوم يوم السبت] خطوة أولى مهمة فعليًا". لكن التعاون بين إسرائيل والحكومات العربية في مجال الدفاع الجوي بوساطة أمريكية أصبح شائعًا، حتى مع السعودية، التي لم تقِم بعد علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وذلك حسب ما قاله مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون.
وحسب الصحيفة، لم يتم اختبار تحالف الدفاع الجوي الناشئ هذا مطلقًا عندما أدت ضربة صاروخية في دمشق، في الأول من نيسان/ أبريل إلى مقتل العديد من الضباط الإيرانيين بما في ذلك الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي أدار العمليات شبه العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية ومسؤولين أمريكيين. في المقابل، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم.
وسرعان ما تعهّدت طهران بالرد، وبدأ كبار المسؤولين الأمريكيين الضغط على الحكومات العربية لتبادل المعلومات الاستخبارية حول خطط إيران لضرب إسرائيل والمساعدة في اعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ التي تُطلق من إيران ودول أخرى باتجاه إسرائيل، وذلك وفقًا لمسؤولين سعوديين ومصريين، حسب التقرير.
وأظهر نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي متعدد الطبقات قدرته على الدفاع عن إسرائيل ضد وابل فردي أو صغير من الطائرات المسيّرة والصواريخ، لكنه حسب مسؤولين ومحلّلين من غير المحتمل أن يقدِر على سرب كبير بما فيه الكفاية من الطائرات المسيّرة أو وابل صاروخي.
وأوردت الصحيفة أن الرد الأولي من العديد من الحكومات العربية كان حذرًا خوفًا من أن المساعدة المقدمة لإسرائيل قد تورّطهم مباشرة في الصراع وتخاطر بجعلهم في مرمى انتقام طهران. وبعد مزيد من المحادثات مع الولايات المتحدة والإمارات والسعودية، وافقت هاتان الدولتان بشكل خاص على تبادل المعلومات الاستخبارية، بينما قبل الأردن السماح باستخدام مجاله الجوي من قبل الطائرات الحربية الأمريكية وطائرات الدول الأخرى مع استخدام طائراته الخاصة للمساعدة في اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية.
وقال مسؤولون إنه قبل يومين من الهجوم، أطلع المسؤولون الإيرانيون نظراءهم من المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى على الخطوط العريضة لخطتهم وتوقيتها لتوجيه ضربات واسعة النطاق ضد إسرائيل حتى تتمكن تلك الدول من حماية مجالها الجوي. وقد نُقلت هذه المعلومات إلى الولايات المتحدة مما أعطى واشنطن وإسرائيل تحذيرًا مسبقًا حاسمًا.
ومع وقوع هجوم إيراني شبه مؤكد، أمر البيت الأبيض البنتاغون بإعادة نشر الطائرات وموارد الدفاع الصاروخي في المنطقة وأخذ زمام المبادرة في تنسيق الإجراءات الدفاعية بين إسرائيل والحكومات العربية، وذلك وفقًا لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى الذي قال إن "التحدي كان يتمثل في حشد كل تلك الدول حول إسرائيل" في وقت تعتبر فيه معزولة في المنطقة مؤكدا أنها "كانت مسألة دبلوماسية"، وفقا للتقرير.
ونقلت الصحيفة عن ياسمين فاروق، الزميلة غير المقيمة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن الدول العربية عرضت المساعدة في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية لأنها رأت فوائد التعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل طالما أن ذلك في الخفاء، مضيفة أن "دول الخليج تعرف أنها لم تحصل بعد على نفس المستوى من الدعم الذي تحظى به إسرائيل من الولايات المتحدة، وترى أن ما فعلته [في هجوم السبت] وسيلة للحصول عليه مستقبلًا".
وأكدت الصحيفة أنه تم تعقّب الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية منذ لحظة إطلاقها بواسطة رادارات الإنذار المبكر في دول الخليج العربي المرتبطة بمركز العمليات الأمريكية في قطر، التي نقلت المعلومات إلى الطائرات المقاتلة من عدة دول في المجال الجوي للأردن ودول أخرى أيضًا. وقال مسؤولون إن الأمر يتعلق بالسفن الحربية في البحر وبطاريّات الدفاع الصاروخي في إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه من بين أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز وصواريخ باليستية أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل، سقط عدد صغير فقط من الصواريخ في إسرائيل، ما تسبب في أضرار طفيفة لقاعدة عسكرية في الجزء الجنوبي من إسرائيل. وقال مسؤول إسرائيلي مشارك في جهود التعاون الأمني الإقليمي إنه على الرغم من أنه كان هناك تبادل متكرر للمعلومات الاستخباراتية حول تهديدات الدفاع الجوي في الماضي، فإن الهجوم الإيراني يوم السبت "كان المرة الأولى التي نرى فيها التحالف يعمل بكامل طاقته".