أشارت البيانات الرسمية التركية خلال الشهور
الخمسة الأولى من العدوان الإسرائيلى على غزه، إلى تراجع قيمة التجارة التركية
الإسرائيلية بنسبة 34 بالمائة، بالمقارنة لنفس الشهور الخمسة المقابلة، حيث تراجعت
قيمة الصادرات التركية الى اسرائيل بنسبة 29 بالمائة، كما تراجعت الواردات التركية
من إسرائيل بنسبة 47 بالمائة.
وفيما يخص السياحة الإسرائيلية الواصلة إلى
تركيا فقد انخفض عددها، خلال الشهور الخمسة الأولى من العدوان الإسرائيلى بنسبة 85
بالمائة، وذلك قبل القرار التركي الأخير بوقف تصدير 54 سلعة إلى إسرائيل بداية من
التاسع من الشهر الحالي، حتى يتم وقف عدوانها على غزة.
وهكذا تكون حرب غزة قد ساهمت في تراجع قيمة
التجارة التركية الإسرائيلية بالعام الماضي بنسبة 17 بالمائة بالمقارنة لعام 2022،
كما انخفضت أعداد السياحة الإسرائيلية الواصلة لتركيا خلال العام الماضى بنسبة 9 بالمائة بالمقارنة لعام 2022، وهو ما
تكرر مع السياحة التركية الواصلة إلى إسرائيل والتى انخفضت أعدادها بنسبة 87
بالمائة ما بين العامين.
وخلال استعراض الصادرات السلعية التركية
خلال الثمانية عشر عاما الأخيرة، نجد أن صادراتها لإسرائيل ظلت دائما ضمن العشرين
الأوائل لصادراتها الى دول العالم، بل إنها تقدمت للمركز التاسع خلال سنوات 2019
و2020 و2021، كما احتلت المركز العاشر بالصادرات التركية عام 2022، لكنها عادت الى
المركز الثالث عشر بالعام الماضي بعد تراجعها بنسبة 23 بالمائة، أما واردات تركيا
من إسرائيل فقد ظلت دائما خارج العشرين الأوائل للدول التي تستورد منها تركيا،
لتحتل المركز الثلاثين بالواردات التركية بالعام الماضي.
فائض تجاري تركي مع إسرائيل
وهكذا احتلت إسرائيل المركز التاسع عشر
بالتجارة التركية بالعام الماضي بنصيب 1.1 بالمائة من مجمل التجارة التركية، وهي
التجارة التي تتركز مع الدول الأوروبية خاصة ألمانيا وإيطاليا وسويسرا وفرنسا
وأسبانيا وأنجلترا وهولندا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية
والهند واليابان.
وبالمقارنة لمراكز الدول العربية بالتجارة
السلعية التركية بالعام الماضي، نجد أنه إذا كانت الصادرات التركية لإسرائيل قد
احتلت المركز الثالث عشر، فقد سبقتها العراق بالمركز الثالث والإمارات بالمركز
التاسع، وإذا كانت إسرائيل قد احتلت المركز الثلاثين بالواردات التركية، فقد
سبقتها الإمارات بالمركز الثامن ومصر بالمركز الثاني والعشرين والسعودية بالمركز
الرابع والعشرين، وإذا كانت إسرائيل قد احتلت المركز التاسع عشر بالتجارة التركية،
فقد سبقتها الإمارات بالمركز الثامن والعراق بالمركز الحادى عشر.
التعاون العسكرى التركي الإسرائيلي منذ سنوات يتخذ صورة أعمق وأعلى تكلفة، باللجوء التركي لإسرائيل لإصلاح بعض المركبات والطائرات، إلى جانب التعاون الأمنى والإستخباراتي.
إلا أن أهمية التجارة التركية مع إسرائيل
تأتي من تحقيقها دائما فائضا تجاريا لصالح تركيا، وهي الدولة المُصابة بالعجز
التجارى المزمن منذ عقود والذي بلغ بالعام الماضي 106 مليارات دولار، بينما حققت
تجارتها مع إسرائيل بالعام الماضي فائضا بلغ 3.8 مليار دولار، لتحتل إسرائيل
المركز الثالث بين دول الفائض التجاري التركي بعد العراق بنصيب 11.3 مليار دولار
وبريطانيا 5.9 مليار دولار.
ومن هنا يتوقع الكثيرون ألا تطول مدة فترة
تقييد تصدير 54 سلعة لإسرائيل، لأسباب اقتصادية وسياسية أبرزها وجود اتفاق تجارى
بين البلدين، واعتياد الإدارة التركية إبعاد التجارة عن الخلافات السياسية، وهو ما
حدث خلال خلافاتها السابقة مع إسرائيل، مثلما حدث بعد مقتل عشرة من الأتراك عندما
قصفت البحرية الإسرائيلية سفينة مافى مرمرة عام 2010 والتي كانت تحمل مساعدات انسانية لغزه المحاصرة، حيث استمرت
التجارة بين البلدين خلال السنوات الست من تدهور
العلاقات حتى تم التصالح عام 2016 .
ضغط أمريكي لوقف تقييد الصادرات التركية
وإلى جانب نفوذ جمعيات رجال الأعمال التركية
القوي، ووجود لوبي يهودي من رجال أعمال داخل تركيا، وحاجة الإقتصاد التركي للفائض
الذي تحققه تجارتها مع اسرائيل، فى ضوء تدهور قيمة الليرة التركية مع تخطى قيمة
الدولار الثلاثين ليرة، وكذلك الضغط الأمريكي المتوقع على تركيا سواء حاليا، أو
خلال زيارة الرئيس التركي للولايات المتحدة الشهر المقبل .
وهو ما أشار إليه مسؤول إسرائيلي باللجوء
للولايات المتحدة للضغط على تركيا لاستئناف تصدير تلك السلع، كتكرار لدور الرئيس
الأمريكي أوباما في عام 2013 لتحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل حينذاك، خاصة مع
توقع تضرر قطاع المقاولات الإسرائيلى المتأثر أصلا بمنع العمالة الفلسطينية من
العمل بإسرائيل بعد طوفان الأقصى، مع تقييد وصول مواد البناء التركية وحديد
الإنشاءات والرخام السيراميك والإسمنت.
وتشكل السياحة المتبادلة بين تركيا واسرائيل
أحد أوجه التعاون الإقتصادى القوية، حيث بلغ متوسط عدد السياح الإسرائيليين
الواصلين لتركيا، خلال عقد التسعينات من القرن الماضي 212 ألف سائح سنويا، وزاد
المتوسط السنوى الى 308 آلاف سائح اسرائيلى خلال العقد الأول من الألفية الحالية،
ولكنه تراجع إلى 256 ألف كمتوسط سنوى خلال العقد الثاني، ليعاود الارتفاع الى 611
ألف كمتوسط سنوي بالسنوات الثلاثة المنقضية من العقد الثالث بالألفية الحالية .
سياحة واستثمارات وعمالة وتعاون عسكري
وخلال العام الماضي احتلت إسرائيل المركز
السادس عشر بين الدول الموردة للسياح إلى تركيا بنصيب 766 ألف سائح، والتي تتصدرها
روسيا والدول الأوروبية ودول الجوار الجغرافي لتركيا، وبلغ عدد الليالي السياحية
التي قضاها السياح الإسرائيليون 1.9 مليون ليلة بمتوسط ثلاثة ليالي للسائح، وكان
أعلى عدد سياح إسرائيليين قد وصل إلى تركيا بعام 2022 حين بلغ 843 ألف سائح، وهي
السياحة التي تزداد معدلاتها خلال أشهر الصيف .
أما السياحة التركية إلى إسرائيل فتقل
أعدادها كثيرا عن السياحة الإسرائيلية الواصلة لتركيا، حيث بلغ متوسط عدد السنوي
خلال العقد الثاني من الألفية الحالية 14 ألف سائح، وهو العدد الذي انخفض كثيرا
خلال السنوات الثلاثة الأخيرة ليقل عن الخمسة آلاف سائح تركي سنويا.
كما يمثل الاستثمار الأجنبي المباشر أحد
أوجه العلاقات الإقتصادية بين تركيا وإسرائيل، فخلال السنوات الإحدى والعشرين
الممتدة من عام 2002 وحتى العام الماضي، وحسب بيانات البنك المركزى التركى فقد بلغ
مجموع الإستثمار الأجنبي المباشر الوارد من اسرائيل، إلى تركيا 431 مليون دولار
بمتوسط سنوى 20.5 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الإستثمار الأجنبى المباشر الوارد
من تركيا إلى اسرائيل خلال تلك السنوات 28 مليون دولار بمتوسط سنوى 1.3 مليون
دولار.
إلا أن التعاون العسكري التركي الإسرائيلي
منذ سنوات يتخذ صورة أعمق وأعلى تكلفة، باللجوء التركي لإسرائيل لإصلاح بعض
المركبات والطائرات، إلى جانب التعاون الأمنى والاستخباراتي.
وأشارت بيانات البنك الدولى لعام 2021 إلى
وجود حوالي ألفي إسرائيلي يعملون بتركيا، وعلى الجهة المقابلة يوجد 20 ألف تركي
يعملون بإسرائيلي، لتصل قيمة تحويلات العمالة التركية بإسرائيل إلى تركيا أربعة
ملايين دولار فقط، بينما بلغت قيمة تحويلات العمالة الخارجة من تركيا إلى إسرائيل
34 مليون دولار.