تواصل
روسيا والصين تعميق شراكتهما؛ حيث ناقش وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره
الصيني، وانغ يي، في بكين، قضايا مكافحة العقوبات الغربية المشتركة، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات دولية بديلة في مجالات الاقتصاد والأمن. كيف تساهم هذه الخطط الموضوعة في إنشاء عالم متعدد القطبية؟
ونشرت صحيفة "
فزغلياد" الروسية، تقريرا، ترجمته "عربي21"، قالت فيه؛ إن "وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، رأس اجتماعا في بكين مع نظيره الصيني وانغ يي؛ حيث ناقشا مجموعة واسعة من المسائل المتعلقة بمستقبل شراكة روسيا والصين، وشدد لافروف على أن العلاقات بين البلدين قد وصلت إلى مستوى غير مسبوق، وأن الحوار بين الدول يتم بناؤه على مبادئ الاحترام المتبادل والثقة".
وتابع أنه "بعد الاجتماع؛ اتفق الجانبان على الاستعانة بآليات منظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة بريكس لمكافحة العقوبات، كما تقرّر بدء حوار حول الأمن اليوراسي، مع مشاركة دول أخرى ذات نفس الرؤية"، مبرزا أن "هذه المبادرة تأتي نتيجة لرغبة روسيا والصين في تعزيز الأمن في المنطقة، خاصة في ظل عدم قدرة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وحلف شمال الأطلسي على تحمل هذا الدور".
بالإضافة إلى ذلك؛ أدانت موسكو وبكين
الولايات المتحدة لتدخلها في شؤون الدول الأخرى والمناطق. في هذا السياق، قدم وان يي، فكرة "المقاومة المزدوجة" للاستجابة لدول الغرب، وهي تعد إجراء ردعيّا ضد مفهوم "المواجهة المزدوجة"، الذي تعمل عليه واشنطن لإبطاء تشكيل عالم متعدد الأقطاب.
ووفق
الصحيفة؛ فقد أوضح لافروف، أن "روسيا والصين سوف تقاومان معا مثل هذه المحاولات، بينما تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها تمديد وضعهم غير العادل في النظام الدولي"، وأضاف وزير الخارجية الروسي: "نتذكر كيف صاغ قادتنا مهمة الوقوف ظهرا لظهر، كتفا إلى كتف على طريق محاولات تباطؤ مسار التاريخ الذي لا مفر منه".
ولفتت الصحيفة إلى أن الوزيرين أكدا وجود رؤية متشابهة للصراع في أوكرانيا، حيث تعد موسكو وبكين أي اجتماعات دولية تتجاهل مطالب موسكو الشرعية في مجال الأمن، عديمة الجدوى. وبالنسبة لـ"صيغة السلام" التي اقترحها فلاديمير زيلينسكي، فإنها "تعد قاسية ولا تتماشى مع الواقع الدولي الحالي".
ونقلت
الصحيفة عن ستانيسلاف تكاتشينكو، وهو أستاذ قسم الدراسات الأوروبية في كلية العلاقات الدولية بجامعة سانت بطرسبرغ، والخبير في نادي فالداي، قوله: "بالحديث عن "المقاومة المزدوجة"، ترسل روسيا والصين إشارة مهمة إلى الولايات المتحدة وأوروبا. هكذا نلمح مرة أخرى للدول الغربية بأن الوقت قد حان لهم لتغيير أساليبهم السياسية"، مضيفا: "بالإضافة إلى ذلك، النقطة الرئيسية لتفاعل الدول هي السعي إلى بناء عالم متعدد الأقطاب بشكل مدروس. وعلى عكس الولايات المتحدة، على سبيل المثال، التي تدرك أن لا مفر من هذه العملية، لكنها تسعى لتباطئها والحفاظ على هيمنتها الخاصة".
وتابع قائلا: "حتى وقت قريب، لم تعارض موسكو وبكين أن تكون عملية بناء عالم متعدد الأقطاب مبنية على قاعدة الأمم المتحدة، على سبيل المثال، من خلال تقليل تأثير واشنطن في هياكل الحكم في هذه المنظمة. ومع ذلك، لا تذهب الولايات المتحدة إلى المفاوضات حول هذه القضية".
واعتبرت الصحيفة أنه لهذا السبب قررت روسيا والصين الانتقال إلى "الخطة ب" في بناء عالم متعدد الأقطاب ومواجهة الغرب. ويمكن أن يتم ذلك من خلال التعاون في إطار منظمة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون. فهناك "يمكن للدول حل القضايا المتعلقة بالاقتصاد والعقوبات والأمن اليوراسي، دون النظر إلى آراء الدول الغربية".
وأوضح تكاتشينكو: "تشعر موسكو وبكين بالقلق من العديد من القضايا نفسها. هذا يسهم في تعزيز تعاوننا. فعلى سبيل المثال؛ كلتا الدولتين غاضبتان تمام الغضب من السياسة الغربية لفرض العقوبات. فضلا عما تفرضه الولايات المتحدة من قيود على روسيا، فإنها تحاول أيضا إجبار الصين على الامتثال لها. يوحدنا المقاومة ضد هذا الضغط".
وذكرت
الصحيفة أنه "يمكن التوقع من موسكو وبكين إنشاء هياكل مالية موازية تعزز التجارة بالعملات الوطنية، ومن ثم تساعد في تفادي العقوبات بشكل أكثر فعالية"، وفقا لرأي فيصل كاشين، وهو مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية المتكاملة في الجامعة الوطنية للبحوث الاقتصادية في موسكو، الذي تابع بقوله: "يمكن أن يتم تنفيذ هذه العملية على أساس منظمة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون. من الصعب تحقيق ذلك في ظل الظروف التي لا تتوازن فيها التجارة مع بعض الدول الأعضاء، ولكن هناك آفاق واعدة".
وأضاف: "يثبت ذلك، على سبيل المثال، التفاعل الثنائي بين روسيا والصين. على وجه الخصوص، نحن بالفعل نتقدم تقريبا نحو الدفع بالعملات الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، بنت البلدان نظاما يتيح التجارة في ظل العقوبات الشاملة. نعم، ليست كل الأمور تسير على ما يرام، لكن تم تحقيق تقدم هائل في هذا المجال بالفعل".
واستمرت الصحيفة مع رأي كاشين الذي قال: "أما بالنسبة لبيان المعارضة المزدوجة"، فإنه يشير إلى "نوايا إنشاء مستوى أوثق من التنسيق بين روسيا والصين. فيما تحاول الولايات المتحدة، بالاعتماد على نظام تحالفاتها، ردع بلداننا. هذا يدفع موسكو وبكين إلى التعاون في مختلف المجالات".
إلى ذلك، أكدت أنه "يمكن القيام بالتنسيق في إطار إنشاء قاعدتها التكنولوجية الخاصة. ومن المرجح أيضا أن يتم تنفيذه عن طريق إعادة توجيه سلاسل توريد السلع"، مردفة أنه "على هذه الخلفية؛ يجب أن نتوقع المزيد من التقارب بين موسكو وبكين. على الأرجح، سيزور فلاديمير بوتين، الصين بعد تنصيبه ردّا على زيارة شي جين بينغ الأخيرة؛ حيث المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاقيات جديدة بين الدول هناك".
وأبرزت أنه: "من المهم أيضا أن تدرك الإمبراطورية السماوية استحالة حل الأزمة حول أوكرانيا دون مشاركة روسيا، تذهب رؤية بكين إلى صيغة زيلينسكي. في الوقت نفسه؛ لا ترتبط الصين ارتباطا كاملا بموسكو؛ لأنها تتداخل مع دور الوسيط. في هذه الحالة، يكون تفاعلنا أكثر دقة".
واختتمت الصحيفة التقرير بالقول؛ إن "روسيا كشريك استراتيجي ليس فقط للصين، ولكن أيضا لمعظم آسيا، بما في ذلك الهند وباكستان؛ فإن هذه الدول مستعدة لمشاركة قيمنا، واحترام سيادة روسيا، وتعتزم التعاون بما يتعارض مع مطالب واشنطن. في الواقع، من خلال إعاقة إنشاء عالم متعدد الأقطاب، تدفعنا الولايات المتحدة فقط إلى التعاون".