تثير
الزيارة التي يجريها وزير الخارجية
الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى سوريا، بعد أسبوع من الغارة التي نفذها
الاحتلال الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في
دمشق، التي أسفرت عن مقتل عدد من
قادة "الحرس الثوري"؛ تساؤلات حول دلالتها وأهدافها وتوقيتها.
والاثنين، التقى وزير الخارجية الإيرانية حسين
أمير عبد اللهيان رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق، وشارك في افتتاح
المبنى الجديد للقنصلية الإيرانية، بعد تعرض المبنى القديم لقصف من قبل الاحتلال.
وتوعد عبد اللهيان بالرد على الهجوم، وذكرت
وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن عبد اللهيان افتتح المبنى القنصلي
الجديد في السفارة الإيرانية بمشاركة وزير خارجية النظام فيصل المقداد، مؤكدة أن
الوزيرين تفقدا موقع الهجوم الإسرائيلي.
وقال عبد اللهيان خلال مؤتمر صحفي، إنه أجرى
"مباحثات ومشاورات مهمة للغاية مع بشار الأسد وتطرقا إلى العلاقات الثنائية
والمواضيع الإقليمية والدولية المهمة لا سيما قضية فلسطين وقصف القنصلية الإيرانية
في دمشق".
وتابع الوزير الإيراني: "أقول من هنا من
دمشق بصوت عالٍ إن الولايات المتحدة مسؤولة عن هذه الجريمة الإرهابية ضد القنصلية
الإيرانية ويجب أن تتحمل مسؤوليتها، كما أن الكيان الصهيوني سيعاقب على
جريمته"، معتبراً أن "عدم إدانة واشنطن والأوروبيين للهجوم يدل على أن
واشنطن منحت الضوء الأخضر لإسرائيل لارتكاب هذه الجريمة".
من جانبه، وصف المقداد الهجوم
بـ"الانتهاك للقوانين الدولية ولجميع القيم التي قامت عليها
البشرية"، وقال رداً على سؤال حول ما إذ كان النظام السوري سيرد
على تدمير القنصلية الإيرانية على أراضيه؟: "سواء أعلنا أو لم نعلن عن كيفية
مقاومتنا لهجمات الكيان الصهيوني وليس فقط على السفارة الإيرانية، نلاحظ أنه صعد
هجماته علينا في الفترة الأخيرة، السؤال لماذا يصعدون عدوانهم، أقول قد تقوم بشيء
ولا تعلن عنه وهذا هو سر الموقف السوري".
زيارة "رد اعتبار"
ويرى الباحث المختص بالشأن الإيراني، ضياء قدور،
أن من بين أهداف زيارة عبد اللهيان إلى دمشق، إعادة الاعتبار في ظل حالة الغموض
التي تُهيمن على ردود أفعال إيران على استهداف قنصليتها، وانتقامها المستقبلي
"المزعوم"، لا سيما شكله وحجمه المتوقع.
ويعتبر في حديثه لـ"
عربي21" أن
الافتتاح المجدد السريع للقنصلية الإيرانية "رسالة إيرانية واضحة
لـ"إسرائيل" والدول العربية"، والتي مفادها أنه "لا يمكن إجبار
إيران على تخفيض مجال نفوذها في سوريا تحت رافعة الضغوط العسكرية والأمنية هناك".
وقال قدور إن إيران تؤكد أنه رغم الضربة
المعنوية المؤلمة التي تلقتها في سوريا من حيث التوقيت والموقع والحساسية، وبقيت
بلا رد حتى الآن، إلا أن هذه التحركات لن تؤدي سوى إلى توقف مؤقت للنشاطات
الإيرانية في سوريا، وأن إيران قادرة على ترميم قواعدها بسرعة واستبدال الشخصيات غير
القابلة للتعويض، كما في حالة قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.
وقبل يوم من وصول عبد اللهيان، أعلنت إيران عن
استئناف العمل القنصلي في سفارتها بدمشق، بعد توقفه إثر الغارة، وأكدت مصادر
إيرانية أن "القسم القنصلي في سفارة إيران في سوريا استأنف أنشطته بعد توقف
دام أربعة أيام".
تخادم الملفات
أما الخبير بالشأن الإيراني نبيل العتوم، فيشير
إلى أن زيارة عبد اللهيان تأتي في إطار جولة إقليمية، آخرها العاصمة العُمانية
مسقط، مضيفاً لـ"
عربي21" أن "سلطنة عمان تقوم بدور الوسيط بين
إيران والولايات المتحدة".
وبهذا المعنى، يرى أن الهدف من الزيارة هو
"تحويل التهديدات التي تتعرض لها إيران في سوريا إلى فرص"، معتبراً أن
"إيران تركز أكثر على استراتيجية تخادم الملفات، بمعنى أنها قد تتطلع لتحقيق
مكاسب متعلقة بملفها النووي وأموالها المجمدة، مقابل عدم الرد المباشر على استهداف
قنصليتها، وخاصة أن ظروف طهران لا تساعدها على خوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل".
ترتيب أولويات المرحلة القادمة
في المقابل، يضع المستشار الدولي المقرب من
إيران هادي دلول الزيارة في إطار ترتيب الدبلوماسيات للمرحلة القادمة، ويقول
لـ"
عربي21": "من المؤكد أن إيران وسوريا يحتاجان للتعاون الأمني في
هذه المرحلة".
وتابع بالإشارة إلى اختلاف طريقة إدارة الأزمة
والرد من قبل إيران عن طريقة الدول العربية "المتعجلة"، وذلك في إشارة
إلى المنتقدين لإيران بسبب عدم الرد على استهداف السفارة والهجمات الأخرى التي
استهدفت مصالح إيران في سوريا.
ولا زال الاحتلال يترقب الرد الإيراني، حيث توعد
أكثر من مسؤول إيراني بالرد على استهداف القنصلية، وآخرهم يحيى رحيم صفوي، مستشار
المرشد الأعلى الإيراني والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني الذي حذر قائلاً: إن
"سفارات الكيان الصهيوني لم تعد آمنة".