تواصل قوة من جيش
الاحتلال اقتحام مجمع الشفاء الطبي، رغم وجود آلاف المرضى والجرحى والنازحين بداخله، في عملية خلفت عشرات الشهداء ومئات المعتقلين
الفلسطينيين.
وهذه هي المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات الاحتلال المجمع، منذ بداية الحرب، في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث جرى الهجوم على المستشفى، وإعدام عدد كبير من المصابين والمرضى بداخله وفي محيطه، وتدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعدات طبية، بالإضافة إلى مولد الكهرباء.
وتاليا أبرز الأهداف التي يحاول الاحتلال تحقيقها من وراء الهجوم على "الشفاء".
الضغط على المفاوضات
يعتقد الاحتلال أن حركة
حماس، ومن خلفها فصائل المقاومة، يمكن أن تخفف شروطها أو أن ترضخ لمطالبه تحت الضغط العسكري، فيما يتعلق بصفقة التبادل المنشودة، والتي يجري التفاوض بشأنها حاليا في العاصمة القطرية، وسط تشاؤم من إحداث اختراق، بفعل تعنت الاحتلال ورفضه التجاوب مع ما طرحته حماس عبر الوسطاء.
وهذا الهدف صرح به علنا قادة الاحتلال مؤخرا، كان آخرهم رئيس هيئة الأركان، هرتسي هاليفي الذي قال الأربعاء، إن أحد أهداف العملية العسكرية في مجمع الشفاء الطبي، كان الضغط على حماس في المفاوضات الجارية في الدوحة.
استهداف قادة حماس
يكرر الاحتلال مزاعمه أن قادة حماس يتخذون من مجمع الشفاء الطبي مركزا لعملياتهم ونشاطهم، رغم أنه خلال الاقتحام الأول للمستشفى لم يتمكن من إثبات هذه الرواية، ولم يتمكن حينها من اعتقال أو قتل أي من القيادات التابعة لحماس داخل المجمع.
عاد الاحتلال ليكرر نفس الادعاءات مبررا هجومه المباغت على
مستشفى الشفاء، فقد ادعى رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، الأربعاء، بأن العملية تستهدف قتل واعتقال كبار مسؤولي حماس، واستهداف قياداتها الميدانية وناشطيها.
وقال هاليفي في تصريح من داخل مستشفى الشفاء: "جئنا إلى هنا لاعتقال العديد من الناشطين، وبالأخص كبار المسؤولين، وقتل من يقاتلون، نحن نفضل المعتقلين، إنهم أوراق مهمة في التحقيقات، ومن يقاتل نقتله".
وأعلن الاحتلال عن اعتقال المئات من مجمع الشفاء الطبي، زاعما أنه تمكن من اعتقال عدد كبير من أعضاء وقيادات حماس.
وتابع: "تحدثنا عن مسألة الانقضاض المفاجئ، وربما يكون هنا أفضل مثال حتى الآن، وصلنا بشكل مفاجئ إلى المكان الذي عادت إليه حماس وحولته إلى مركز نشاط وقيادة وسيطرة، وتدير من خلاله العودة إلى تجربة الحكم في شمال قطاع غزة".
البحث عن جثث الأسرى
عملت قوات الاحتلال على تفتيش أقسام المستشفى بحثا عن أسرى إسرائيليين، كما قامت بنبش قبور الشهداء في ساحة المستشفى، واستخراج الجثث بهدف فحصها والتأكد من هويتها، وذلك عقب فشلها في تحريرهم من قبضة المقاومة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها قوات الاحتلال بنبش القبور داخل أسوار المستشفى وسرقة الجثث، فقد نفذت تلك الجريمة خلال الاقتحام الأول للمكان في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، دون أن تتمكن من العثور على أي من جثث أسراها، الذين فشلت في تحريرهم عسكريا، بل قتلت العشرات منهم داخل أماكن احتجازهم، بفعل كثافة القصف والنيران التي تطلقها على أرجاء قطاع غزة.
تطبيق الترتيبات الأمنية الجديدة
تحاول قوات الاحتلال تجريب المقاربة الأمنية الجديدة التي تنوي تنفيذها في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، والتي تهدف بالأساس إلى حرية تحرك قواتها داخل الأحياء والمدن في قطاع غزة، أسوة بما يجري بالضفة الغربية المحتلة.
وأكثر من مرة صرح رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو أن أحد أهداف الحرب على قطاع غزة، فرض السيطرة الأمنية على القطاع، وإلغاء قواعد الاشتباك السابقة مع المقاومة.
ويعتبر جيش الاحتلال هجومه المباغت والسريع على مجمع الشفاء الطبي، تطبيقا عمليا للتوجه الأمني الجديد في قطاع غزة.
وتعليقا على ذلك، توقع مصدر ميداني تحدث لـ"عربي21" أن تعيد قوات الاحتلال اقتحام مناطق معينة في مدينة غزة، في إطار عمليات تجريب السيطرة الأمنية التي يهدف الاحتلال إلى جعلها سهلة وأقل كلفة مستقبلا في إطار خطته للسيطرة على قطاع غزة.
لكن المصدر استبعد أن ينجح الاحتلال في تطبيق هذا السيناريو، بفعل شراسة المقاومة، واستخلاصها الدروس من المواجهات السابقة مع قوات الاحتلال في عدة محاور ومناطق.
تفريغ شمال القطاع
يظهر من شهادات رصدتها "عربي21" أن أحد أبرز أهداف الاحتلال من عمليته في مناطق غرب غزة، تفريغ مجمع الشفاء ومحيطه من الفلسطينيين المتواجدين فيه، حيث يعمد عند اقتحام المنازل والتنكيل بأهلها إلى نقلهم أو توجيههم للانتقال نحو مناطق جنوب قطاع غزة.
ويعتقد المصدر الميداني الذي تحدث لـ"عربي21" أن الهجوم على مجمع الشفاء الطبي كأحد أكبر المجمعات العاملة جزئيا الآن في شمال قطاع غزة، يهدف إلى إخراجه عن الخدمة، بما يضمن لاحقا استحالة الحياة في مناطق الشمال، فمع حرب التجويع التي يمارسها الاحتلال، إضافة إلى انعدام الخدمة الصحية، تصبح الحياة مستحيلة في أي مكان، وهذا ما يسعى الاحتلال لتطبيقه عبر هجومه الأخير في مناطق غرب غزة.
وتواصل قوات الاحتلال حربها على القطاع، لليوم الـ166 على التوالي، مخلفة وراءها عشرات آلاف الشهداء والجرحى، فضلا عن دمار هائل في البنى التحتية والممتلكات.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الخميس، عن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 31 ألفا و988 شهيدا و74 ألفا و188مصابا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقالت الوزارة في تقرير إحصائي يومي إن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها إلى المستشفيات 65 شهيدا و92 مصابا خلال الـ24 ساعة الماضية".