عبّر يهود بريطانيون عن رفضهم لمزاعم مسؤولين في الحكومة
البريطانية بأن منطقة وسط لندن تصبح "محظورة على
اليهود" خلال مظاهرات
مؤيدي
فلسطين كل سبت، متحدّين هذا التصنيف عبر مشاركتهم بأعداد كبيرة في
المظاهرات، بينها السبت الماضي.
من جهته، قال الكاتب في صحيفة الغارديان تيم آدامز، إنه
"بالنسبة للمتطرفين الذين يحاولون تمزيق الديمقراطية، المظاهرة كانت سلمية للغاية".
وقال: "كما في أيام السبت الماضية على مدى ستة
أشهر، كانت هناك مسيرتان في لندن اليوم (السبت)؛ الأولى تجمع لعشرات الآلاف من أصحاب
الحناجر ورافعي الأعلام الذين يدعمون وقفا فوريا لإطلاق النار في
غزة"،
مضيفا: "الثانية كانت بشكل رئيس في مخيلة المعلقين من الجناح اليميني
والسياسيين الذين يختارون بشكل متزايد رؤية التضامن مع فلسطين فقط كاستفزاز
وتهديد".
وقبل يوم من مسيرة ضخمة السبت، سارت من حديقة الهايد
بارك باتجاه السفارة الأمريكية في لندن، للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، قال مفوض
الحكومة لمكافحة
التطرف إن لندن تصبح "منطقة محظورة على اليهود" في نهاية
الأسبوع؛ بسبب المسيرات التي زعم أنها باتت "بيئة خصبة للتطرف".
وفي وقت سابق، قال مارك جاردنر، الذي يدير صندوق أمن المجتمع
الذي يشرف على الأمن للجالية اليهودية، لبرنامج اليوم على راديو "بي بي سي 4"،
إن بعض اليهود يختارون تجنب وسط لندن بسبب المظاهرات.
وقال: "مرارا وتكرارا يقول الناس: لن أذهب إلى المدينة
في عطلة نهاية الأسبوع بسبب هذه المظاهرات.. لا أريد المخاطرة بأن يدركوا أنني يهودي
ويبدأوا في الصراخ في وجهي"، حسب قوله.
أما صحيفة ديلي تلغراف اليمينية، فقد اختارت عنوانا
"هستيريا"، حسب وصف آدامز، حيث كان العنوان الرئيس على صدر صفحتها الأولى
السبت: "لندن الآن منطقة محظورة على اليهود".
ويقول الكاتب إنه تحدث إلى العديد من بين مئات اليهود
الذين شاركوا في المسيرة، وهم يشعرون بالغضب لتصويرهم كمتطرفين.
ومن بين هؤلاء سيمون شو، وهو مدرس من شرق لندن، وقد
حمل لافتة كتب عليها: "أنا يهودي وأشعر بالأمان بشكل كامل، وأنا أشارك
بالمسيرة من أجل فلسطين في لندن".
وقال إنه يرفض فكرة أن المجتمع اليهودي يتحدث بصوت
واحد، مضيفا: "أنا ثقافيا يهودي، لكنني ضد الصهيونية وملحد، اشتراكي".
وقال نائب رئيس حزب الخضر وعضو مجلس بلدية لندن، زاك
بولانسكي، إنه كيهودي يرفض تصنيف المسيرات المؤيدة لفلسطين كتهديد لليهود، لافتا إلى
أنه كان مرحبا به دائما كمتحدث وكمشارك في المسيرات.
وأضاف: "لا يوجد هناك مجتمع يهودي واحد، هناك
مجتمعات يهودية"، موضحا أنه ضد حركة حماس وضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، "ونبحث عن طرق لبناء السلام في نهاية المطاف. وهذا يعني الإقرار بأن
اليهود البريطانيين ليسوا مسؤولين عن تصرفات الحكومة الإسرائيلية، كما أن المسلمين
البريطانيين ليسوا مسؤولين عن تصرفات حماس"، حسب تعبيره.
وينقل الكاتب عن شاب يهودي ذكر أن عائلته ستكون غاضبة
لو علمت بمشاركته؛ قوله: "لقد نشأنا على القول بأن هناك فكرة واحدة لما هو
عليه العالم، ثم تشاهد الأخبار".
أما هيم بريشيث (74 عاما)، فقد حمل لافتة كتب عليها أنه
ابن لناجين من الهولوكست، ولذلك فهو ضد هذه الحرب. وأوضح بريشيث أنه خدم كضابط في
قوات الاحتلال الإسرائيلية عندما كان شابا، لكنه الآن يشعر بأنه مرحب به جدا في
المسيرة المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
ويسير غالبية المشاركين اليهود في كتلة واحدة ضمن المسيرة،
ورفع أحدهم لافتة كتب عليها: "هل نبدو كمتطرفين؟".
وقالت مينا دوم إنها تفضل السير تحت العلم الفلسطيني باعتباره
العلم الأساسي للمظاهرة، وسبق أن حملت لافتة مكتوبا عليها: "يهود مسنّون ضد
الإبادة الجماعية"، موضحة أن معظم غضبها ينصب على قصف المدنيين في غزة، وأن القليل
من الغضب يتم الاحتفاظ به تجاه الأصوات التي تود جر لندن إلى كونها مكانا لعدم
التسامح بدلا من التسامح.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قد ذكر في 1
آذار/ مارس الجاري، أن الحكومة بصدد الإعداد لإطار عمل جديد بشأن تعامل الشرطة مع المظاهرات،
هذا الشهر. وقال إنه التقى مع قادة الشرطة، وإنه كان واضحا بأن الناس يتوقعون منهم
ليس فقط "إدارة" الوضع، بل ممارسة صلاحياتهم على المظاهرات.
وتتهم الحكومة وأعضاء حزب المحافظين مظاهرات مؤيدي فلسطين
بالكراهية ومعاداة السامية، وهو ما يرفضه منظمو هذه التظاهرات، كما تثير انتقادات الحكومة
مخاوف من التعرض لحرية التعبير في
بريطانيا.
وحذر سوناك من "السم" الذي ينتشر، وقال إن
"الإسلاميين المتطرفين وجماعات اليمين المتطرف ينشرون السم"، واصفا الطرفين
بأنهما "وجهان لعملة واحدة"، كما حذر من الذين يسعون لتمزيق الديمقراطية،
وفق قوله.
ويُنتظر أن تعلن الحكومة عن تعريف جديد وموسع للتطرف؛ يمكن أن يشمل منظمات مثل المجلس الإسلامي البريطاني وحركة العمل الفلسطيني (Palestine Action)، ومنظمة التضامن مع فلسطين (PSC) التي تلعب دورا كبير في تنظيم المظاهرات المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.