كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "
بي بي سي"، أن مزاعم
الاحتلال الإسرائيلي بقتله 10 آلاف من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية "
حماس"، لا يمكن التحقق منها في ظل احتواء البيانات الإسرائيلية على مصطلحات مثل "العديد" أو "العشرات" أو "المئات" من القتلى، فضلا عن ندرة المحتوى المرئي.
وذكر التحقيق أن "بي بي سي"، طلبت مرارا وتكرارا من "الجيش الإسرائيلي شرح منهجيته في إحصاء القتلى من مقاتلي حماس، لكنه لم يستجب"، الأمر الذي دفعها لتتبع ما يشير إلى "مقتل عناصر من حماس في البيانات الصحفية للجيش الإسرائيلي وعلى قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة به".
وراجع معدو التحقيق جميع مقاطع الفيديو الـ 280 المنشورة على قناة جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر موقع اليوتيوب في الفترة ما بين 7 تشرين الأول /أكتوبر حتى 27 شباط /فبراير، ووجدوا أن القليل منها يحتوي على أدلة مرئية على مقتل أعداد كبيرة من المقاومين
الفلسطينيين.
ووجدت "بي بي سي" على قناة جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر تطبيق "تليغرام"، 160 منشورا يقول فيه إنه "قتل عددا محددا من المقاتلين، ليصل إجمالي الوفيات إلى 714 شخصا"، ولكن كان هناك أيضا 247 مرجعا استخدمت مصطلحات مثل "العديد" أو "العشرات" أو "المئات الذين قُتلوا"، ما يجعل من المستحيل إجراء إحصاء إجمالي ذي معنى، وفقا للتحقيق.
وأشار التحقيق إلى وجود تحذيرات وقلق بعض الخبراء من أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد يحسب بعض غير المقاتلين كمقاتلين لمجرد أنهم جزء من الأراضي التي تديرها حركة حماس.
ونقل عن أندرياس كريج، وهو محاضر كبير في الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن، قوله إن "إسرائيل تتبع نهجا واسعا جدا فيما يتعلق بعضوية حماس، التي تشمل أي انتماء للحركة، بما في ذلك الموظفون الحكوميون أو الإداريون".
من جهته، أشارت راشيل تايلور، المديرة التنفيذية لمنظمة "إيفري كاجولتي كاونتس"، إلى أن بيانات الوفيات الناجمة عن الحرب الحالية الصادرة عن وزارة الصحة في
غزة، تظهر "زيادة حادة في نسبة النساء والأطفال بين القتلى مقارنة بالحروب السابقة"، الأمر الذي "يشير إلى معدل وفيات أعلى بكثير بين المدنيين".
وقالت تايلور، في حديثها لـ"بي بي سي"، إن "حقيقة أن الوفيات تتبع بشكل وثيق التركيبة السكانية لعامة السكان، يشير إلى القتل العشوائي".
وأضافت: "في المقابل، عام 2014 كانت هناك نسبة عالية إلى حد ما من الرجال الذين هم في سن مناسب للقتال بين القتلى، على عكس ما نراه اليوم".
وتشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى أن أكثر من 200 شخص يستشهدون في المتوسط كل يوم منذ بداية العدوان الإسرائيلي.
ووفقا للتحقيق، فإنه يبدو في ظاهر الأمر أن وتيرة القتل قد تباطأت مقارنة بالمراحل السابقة للعدوان من تشرين الأول/أكتوبر إلى كانون الأول/ديسمبر، لكن خبراء قالوا لـ "بي بي سي" إن "العدد الحقيقي للقتلى جراء الهجوم الإسرائيلي من المرجح أن يكون أعلى بكثير؛ لأن العديد من المستشفيات، حيث يتم تسجيل الوفيات عادة، لم تعد تعمل".
وتشمل هذه الأرقام أيضا الوفيات الناجمة عن الهجمات العسكرية الإسرائيلية فقط، وليس المجاعة أو المرض الذي يثير قلق منظمات الإغاثة الدولية بشكل متزايد.
وأشار التحقيق، إلى أن حصيلة الضحايا الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، لا تميز بين المدنيين والمقاتلين، لكن منذ بدء العدوان، أظهرت الأرقام أن 70 في المئة على الأقل من الشهداء كانوا من النساء والأطفال، بحسب الوزارة.
وقال ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، في وقت سابق، إن حصيلة الشهداء التي بلغت 30,035 شخصا على الأقل، من وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، "جديرة بالثقة".
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن وزارة الصحة بقطاع غزة لديها "قدرة جيدة على جمع البيانات" وإن تقاريرها السابقة كانت ذات مصداقية "ومحدثة بشكل جيد".
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ150 على التوالي، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي والأحزمة النارية، مع ارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي، نتيجة الحصار، ونزوح أكثر من 90 بالمئة من السكان.