أعلنت
مصر وقف مشاركتها في مفاوضات
سد النهضة الإثيوبي بسبب ما أسمته تعنت إثيوبيا التي "لا تلتفت إلا لمصالحها الفردية"، بعد نحو أربعة شهور من إعلانها فشل آخر جولة مفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا والتي وصفت بالفرصة الأخيرة.
واتهم وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مع مصر والأردن والمغرب في الرياض، إثيوبيا بأنها لا تراعي الحد الأدنى من مبادئ حسن الجوار، ودفع بلاده لاتخاذ القرار بإيقاف مشاركتها في تلك
المفاوضات التي لا تفضي إلى نتائج ملموسة طالما استمرت في نهجها الحالي.
من جانبه، كرر مجلس التعاون لدول الخليج العربي، أنه تم خلال الاجتماع التأكيد على أن الأمن المائي لجمهورية مصر وجمهورية السودان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ورفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل.
خطوة متأخرة
في تقديره لتلك الخطوة، يرى الخبير في القانون الدولي للمياه، أحمد المفتي، والعضو السابق في وفد السودان لمفاوضات سد النهضة، أن الخطوة متأخرة، وقال: "ما كان ينبغي على السودان ومصر الدخول في مفاوضات لم تتوفر لها أبسط مقومات النجاح".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "فشل مفاوضات سد النهضة الدائم والمستمر منذ عام 2011 والتي حذرنا من الدخول في دوامتها لصالح إثيوبيا؛ لأنّ المفاوضات تساعدها دون شك في أن تقنن أعمالها الأحادية، ولا تجبرها على الوفاء بالتزاماتها".
في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2023، أعلنت مصر أن "المسارات التفاوضية مع إثيوبيا قد انتهت"، مؤكدة أنها سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
وأرجعت وزارة الري فشل الاجتماع الأخير من المفاوضات بين الأطراف المعنية إلى "استمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث".
الكرة بملعب إثيوبيا
على المستوى الفني، يقول خبير المياه والسدود، محمد حافظ، إن "طبيعة طبوغرافية مجرى النيل الأزرق في إثيوبيا تصلح لبناء أكثر من 10 سدود وإنتاج كمية كهرباء أكبر بكثير مما يمكن إنتاجه من سد النهضة والذي لا يمكنه إنتاج غير قرابة الـ1800 ميغاوات".
وكشف في حديثه لـ"عربي21" أن "إثيوبيا تهدف لبناء ثلاث سدود جديدة على النيل الأزرق، وتلك السدود بالإضافة لسد النهضة سوف تخزن قرابة الـ202 مليار متر مكعب في وقت يصل فيه إلى موقع سد النهضة سنويا في المتوسط قرابة الـ48.5 مليار متر مكعب لصالح مصر والسودان".
ورأى حافظ أن الكرة لا تزال في الملعب الإثيوبي: "هناك فرصة لإظهار حسن النية مع الجانب الإثيوبي والتوافق معهم على بناء سدود صغيرة لإنتاج طاقة أكبر من التي يمكن أن يولدها سد النهضة بضمان مشاركة البنك الدولي والذي تقاعس عن مساندة مصر في أزمة سد النهضة، وسوف يقلل نسبيا مصائب مصر المائية".
رسالة احتجاج.. مفاوضات عبثية
على المستوى السياسي، يعتقد الأكاديمي والباحث في الشأن الأفريقي، الدكتور محمد أحمد ضوينا، أن "قرار مصر
تعليق مشاركتها في المفاوضات هو رسالة احتجاج وتحصيل حاصل، وهو قرار سليم ولكن جاء متأخرا؛ وذلك لأن إثيوبيا كانت تسعى لمفاوضات عبثية طويلة تشغل فيها دولتي المصب عن مراميها الحقيقية".
وأضاف لـ"عربي21": "أن إثيوبيا تهدف إلى الاستمرار في بناء السد وإتمام كل العمليات الفنية بهدوء وقد نجحت في ذلك في وقت كنا نتوقع فيه من مصر والسودان اللجوء إلى التحكيم الدولي أو محكمة العدل الدولية لاستصدار قرار دولي يجبر إثيوبيا على إيقاف بناء السد والاستجابة لمطالب دول المصب في تنسيق الجوانب الفنية وجدولة مواقيت الملء والتفريغ".
واستدرك ضوينا: "واستفادت إثيوبيا كثيرا من هذه الأحوال لا سيما وقد انشغل السودان مؤخرا بصراع دموي داخلي صرفه عن التفكير في شأن السد الأمر الذي يسر لإثيوبيا الإسراع في إكمال البناء والملء وربما التشغيل وتوليد الكهرباء حيث لا جدوى من الاستمرار في المفاوضات".